الحرب الغربية الروسية: انسداد استراتيجي مخيف ..




بدأ مشهد الحرب في اوكرانيا يقترب حثيثا من الحافات الخطرة للغاية، حيث بدأ الغرب يشعر بفداحة الحالة على اقتصادياته ورفاهية شعوبة مع استمرار الحرب واقتراب دخولها عامها الثاني دون بوادر حسم من اي نوع حربي او تفاوضي.

رافق التقدم الكبير الذي احرزته روسيا اخيرا في ساحات القتال، توجس غربي بالغ ادى الى فقدان السيطرة الفكرية على عملية اتخاذ القرار في الدول الغربية .. فقد كان الغرب يدرك بوضوح ان هزيمة روسيا استراتيجيا غير ممكنة لذلك كان التركيز على حالة ثنائية الطبيعة وهي منع روسيا من تحقيق انتصار واضح وفي نفس الوقت الحيلولة دون انهيار اوكرانيا ورفعها الراية البيضاء وذلك من خلال تقديم السلاح الدفاعي المتقدم بكافة اصنافه بالاضافة للدعم المالي والسياسي الواسع النطاق لمنع اوكرانيا من الانهيار انتظارا لنجاح اوسع عقوبات فرضت على روسيا. لكن المشكلة التي واجهت الدول الغربية ان العقوبات لم تعمل كما خطط لها وان اغلب دول العالم غير الغربي لم تلتزم بها وان الاسلحة الدفاعية المتقدمة التي قدمت لاوكرانيا لم تعد تكفي لمنع تحول مجريات المعارك بصورة جذرية لصالح روسيا.

هذا الانسداد الاستراتيجي امام الغرب في المسألة الاوكرانية افقد متخذي القرار في تلك الدول توازنهم فلجأوا الى فعلين خطيرين جدا، الاول تمثل في الشروع بتزويد اوكرانيا باسلحة هجومية كالدبابات والسعي لايجاد مساحة من التفاهم على تزويد اوكرانيا بالطائرات الهجومية، اما الفعل الثاني فيتمثل في البدء بالتصرف بالاموال والاصول الروسية المجمدة في الدول الغربية وتحويلها الى اوكرانيا بدعوى تعويضها عن الاضرار التي لحقت بها نتيجة للحرب.

ان افعال كهذه تنقل الحرب من حالة الى حالة اخرى بحيث اصبحت مخاطر الصراع المباشر بين روسيا وحلف النيتو غير مستبعدة، واذا حدث ذلك فالحرب النووية تصبح حتمية.

استنتاجا من ذلك، يعتقد ان الشهرين القادمين حتى منتصف شهر اذار سيكونان اخطر فترة زمنية مرت بها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، وربما سيحدد فيها مصير البشرية كلها.

هناك اسباب لكل هذا التشاؤم من اهمها ان روسيا النووية لن تسمح بالحاق الهزيمة الاستراتيجية بها، وكذلك بالنسبة للدول الغربية التي تتسم باداء سياسي واستراتيجي يتسم بالضعف والتي تنقاد الى السياسة الامريكية المعروفة بالرعونة والشعور العارم بفرط قوتها العسكرية والاقتصادية وهي من اكثر دول العالم المعروفة بعدم قدرتها على الاتعاظ من دروس الماضي التي عاشتها في فيثنام والعراق وافغانستان وسوريا حيث لاحقتها الهزائم في حلها وترحالها عبر حروب كثيرة خسرتها عبر العالم..


qatamin8@hotmail.com
* اكاديمي وكاتب اردني