حكومة الخصاونة تتحمل وزر انتشار وباء الحمى القلاعية وعليها الاستقالة.. لقد كثر شاكوها وقل شاكروها

 


كتب محرر الشؤون السياسية - مرّة أخرى تفشل حكومة الدكتور بشر الخصاونة في التعاطي المهني مع ملف جديد ، فيتحول الأمر برمته إلى أزمة كبيرة ووباء يدخلنا في منعرجات غاية في الوعورة والتعقيد، التلكؤ والتراخي والتباطؤ وغياب الرؤية والعمل بإرادة الفرد وقراراته واجتهاداته دون روح الفريق كانت دائما سببا مباشرا في تشكل الازمات الواحدة تلو الأخرى، فجميع الوزراء -كما يرشح من المصادر- ينتظرون قرار الرئيس، ايماءة الرئيس، لغة الجسد التي بات الوزراء يعرفون جيدا ماذا تعني، وهذا بطبيعة الحال يتسبب في ارتكاب المزيد من الاخطاء ، فالمزيد من الازمات التي تقف الحكومة عاجزة امام حلها..

منذ بدء انتشار فيروس الحمى القلاعية بين مزارع الأبقار في الثلث الأخير من الشهر الماضي، لم تتوقف نداءات المربّين ومنتجي الحليب التي تطالب الحكومة ووزارة الزراعة باتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع انتشار الوباء بين المزارع، لكن، وللأسف، كل هذا قوبل بجدار اسمنتي من اللامبالاة الرسمية ، و الاستخفاف بما يحدث عند صغار المزارعين هذه المجاميع من غير المؤثرين ومن غير الجديرين بالرعاية والاهتمام الرسمي ..

نائب نقيب الأطباء البيطريين، الدكتور غضنفر أبو زنيد، أكد في تصريحات لـ الاردن24 أن الوباء تسبب بتخفيض كميّات الحليب التي تنتجها الأبقار عادة بنسبة (40-60%)، فيما قدّر مربو الأبقار خسائرهم بنحو (25) مليون دينار، والأكيد أن الخسائر لن تتوقف عند ذلك الحدّ، فالقطاع الزراعي والتجاري كلّه سيتأثر؛ اللحوم والحليب والألبان والأجبان، وهذا كله سيتحمّله بكلّ تأكيد المواطن العادي، خاصة أن الأسعار في السوق الأردني تعتمد أساسا على "العرض والطلب"، فإن كان المعروض -لحوم، حليب، ألبان- شحيحا فالسعر سيرتفع. ومن وحي التجربة حكومة الخصاونة لم تنجح في كبح جماح شركات الألبان التي قامت برفع أسعار منتجاتها بحجة ارتفاع كلف الانتاج العام الماضي.

اللافت في تصريحات أبو زنيد كان الشكوى التي بثّها حول "ايصاد وزارة الزراعة أبوابها" في وجه النقابة لدى محاولتها تقديم خبراتها من أجل مواجهة الوباء الذي ينتشر بشكل سريع بين الأبقار، وذلك بدل أن تحرص الوزارة على الاستفادة والاستعانة باصحاب الخبرة في هذا المجال. ربما كان للبيان الخطير الذي أصدرته النقابة علاقة في ايصاد الأبواب أمام النقابة، لكن الوضع لا يحتمل "الحرد" الحكومي لا من النقابة ولا من أي جهة حاولت وضع يدها على الجرح.

الواضح أن اجراءات وزارة الزراعة في مواجهة الوباء غير ناجعة حتى الآن، كما أنها جاءت متأخرة أيضا ولم تكن فورية، بل أن الوزارة حاولت التقليل من شأن شكاوى المربين وسارعت بتاريخ 9 كانون ثاني الماضي إلى نفي وجود تفشّ لمرض الحمى القلاعية  دون اتخاذ الاجراءات التي من شأنها منع التفشّي حقّا، وفي ذلك التصريح قال مساعد الأمين العام للثروة الحيوانية في الوزارة المهندس علي أبو نقطة إن الاصابات اقتصرت على عدد من المزارع لم تتجاوز (5) مزارع.

وفي التاسع والعشرين من كانون ثاني الماضي، وبعد تصريحات رئيس جمعية مربي الأبقار ومنتجي الحليب الدكتور علي غباين التي حذّر فيها عبر الاردن24 من انتشار مرض الحمى القلاعية وتأكيده تسجيل عشرات الإصابات في مزارع الضليل والحلابات، عادت الوزارة وفي تصريحات عبر وكالة الأنباء الأردنية لتؤكد عدم وجود تفشّ للمرض وأن الانتشار ضمن النسب العالمية الطبيعية

وفي 31 كانون ثاني عاد غباين ليؤكد لـ الاردن24 أن أعداد الاصابات بتزايد مستمر، مستهجنا ما أسماها محاولات وزارة الزراعة التنصل من مسؤولياتها، ليأتي الردّ عبر بيان رسمي بثّته وكالة الأنباء الأردنية أكدت فيه الوزارة أنها اتخذت جميع الاجراءات للمحافظة على قطعان الأبقار ومحاصرة الإصابات بالحمى القلاعية، وتطلق تهديدات بمحاسبة من أسمتهم "المسيئين للمنتج الوطني"، والأصل لو كان هنالك تطبيق لمبدأ المحاسبة أن تتمّ محاسبة الحكومة برئيسها ووزير زراعتها على ما وصل إليه الحال!

استمرّت شكاوى المزارعين والمربّين وتحذيراتهم من انتشار الحمى القلاعية مع بداية شهر شباط، ليعقد وزير الزراعة في اليوم الثاني من الشهر الحالي اجتماعا خلُص إلى وضع عدة توصيات من أجل محاصرة الوباء، لكن الواضح أن تلك التوصيات لم تكن كافية، الأمر الذي دفع نقابة الأطباء البيطريين للخروج عن صمتها وتوجيه انتقادات لاذعة لاجراءات الوزارة، وتؤكد أنها حذّرت من التهاون بالحجر الصحي، وتطالب بتوفير المطاعيم واللقاحات اللازمة.

بعد بيان الأطباء البيطريين بثّت وكالة الأنباء الأردنية خبرا حول قيام وزير الزراعة خالد الحنيفات بجولة في منطقة الظليل لمتابعة سير اجراءات التعامل مع الحمى القلاعية، وهي الزيارة التي قال غباين إنها جاءت بعد تفشّي الوباء مطالبا بتوفير اللقاحات بشكل فوري..

اليوم، ينتظر مربّو الأبقار من وزارة الزراعة توفير كميات كافية من المطاعيم لحماية ما تبقى من ثروة حيوانية لديهم قبل أن يأتي الوباء على كامل رؤوس الأبقار في المملكة، كما ينتظر المربّون أيضا اجراءات حازمة في الحجر والعزل والتعقيم والتطهير..

للاسف الشديد ، يبقى المسؤولون في مراكزهم بصرف النظر عن حجم اسهاماتهم و انجازاتهم و مستوى ادائهم ، فهذا المسؤول المحصن عمليا لا يضيره ابدا ان يكون سببا مباشرا في انتشار وباء او في انقطاع الكهرباء او اضراب شاحنات ،ما دامت علاقته برئيس الحكومة جيدة ، وما دام يضمن حصوله على الغطاء من الرئيس اذا ما غضبت مراكز القرار الاخرى ، وهذا قلما يحدث ..

في الاردن ، لا تلازم بين المسؤولية والمساءلة ، فالمسؤول غالبا ما يتجاهل ردود الفعل الشعبية و النقابية والحزبية و الاهلية لانه يعرف جيدا ان موقفها غير حاسم ولا يؤثر عليه قيد انملة ، عمليا رئيس الحكومة يبقى في منصبه حتى يقرر الملك خلاف ذلك ، والوزير يبقى وزيرا ، ما لم يطلب منه الرئيس تقديم استقالته ، وهكذا تغيب ارادة الامة وتنعدم سلطة الشعب ..وهذا هو مصدر الشرور جميعا والسبب المباشر في تفاقم الازمات و تكاثرها واستعصائها على الحل ..

الرئيس بشر الخصاونة يتحمل مسؤولية انتشار وباء الحمى القلاعية ، وعليه ادبيا واخلاقيا ان يعترف بتقصيره وتقصير فريقه الوزاري ، وعليهم جميعا ان يقدموا استقالاتهم فورا ، فوالله لقد كثر شاكوه وقل شاكروه ، وهذا نعرفه ونلمسه حتى ولو غيب عن وسائل الاعلام الرسمية والخاصة جراء القبضة الحديدية والتضييق الامني المباشر ، حتى و لو قيدت حرية الناس على شبكات التواصل وزج بمنتقديه في غياهب السجون .. فالشمس لا تغطى بغربال ..