سباق من أجل الحياة.. إلى متى يمكن أن يصمد العالقون تحت أنقاض الزلزال؟
مع بزوغ فجر اليوم العاشر على كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب كلًا من تركيا وسوريا، بدأت الأنباء بشأن خروج ناجين من تحت ركام الأنقاض تتلاشى، وتتراجع معها آمال فرق الإغاثة في إنقاذ المزيد من الأرواح.
لكن ذلك لم يمنع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، من التأكيد على أنه ما زال هناك أمل، وأنه لا يزال هناك حتى الآن أحياء يمكن العمل على إيجاد مخرج لهم.
بدورهم قال عدد من الخبراء واختصاصيي طب الطوارئ لوكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية، إنه بإمكان الأشخاص الصمود إلى ما يصل إلى أسبوع أو أكثر، لكن ذلك يعتمد على عدد من المتغيرات والعوامل.
عوامل حاسمة
ويقول الخبراء إنَّ معظم عمليات الإنقاذ تحدث في أول 24 ساعة بعد وقوع الكارثة. بعد ذلك، تنخفض فرص النجاة مع مرور كل يوم؛ إذ يكون العديد من الضحايا قد أصيبوا بجروح بالغة أو دُفِنوا بسبب سقوط الحجارة أو غيرها من الحطام.
فطبيعة الإصابة، ووضعية الشخص العالق تحت الحطام، إضافة إلى الظروف الجوية، كلها عوامل حاسمة في تحديد الفترة التي يمكن أن يظل فيها العالقون تحت الأنقاض على قيد الحياة.
ويعتبر الوصول إلى الماء والهواء من العوامل الحاسمة، إلى جانب الطقس، أعاقت الظروف الشتوية في سوريا وتركيا جهود الإنقاذ، وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
الدكتور جارون لي، خبير طب الطوارئ والكوارث في مستشفى ماساتشوستس العام بالولايات المتحدة، قال إنه "من النادر عادةً العثور على ناجين بعد اليوم الخامس إلى السابع، وستفكر معظم فرق البحث والإنقاذ في التوقف بحلول ذلك الوقت، لكن هناك العديد من القصص لأشخاص نجوا بعد مرور سبعة أيام. ولسوء الحظ، عادةً ما تكون هذه حالات نادرة وغير عادية”.
من جانبه، قال الدكتور جورج تشيامباس، اختصاصي طب الطوارئ بجامعة نورث وسترن، إن الأشخاص الذين يعانون من إصابات رضحية، بما في ذلك إصابات السحق وبتر الأطراف، يواجهون فرص البقاء الأخطر.
وأوضح "إذا لم يتم سحبهم في غضون ساعة واحدة، تتضاءل فرص بقائهم على قيد الحياة بشكل كبير”. وأضاف أن المصابين بأمراض أخرى، ممن يعتمدون على الأدوية، يواجهون أيضًا فرصًا قاتمة.
ويمكن أن تؤثر الحالة العقلية أيضًا في فرص نجاة الشخص، فقد أشار تشيامباس إلى أن الأشخاص المحاصرين بجوار الجثث، الذين ليس لديهم اتصال بالناجين أو المنقذين الآخرين، قد يفقدون الأمل، لكنه أردف "إذا كان معك شخص على قيد الحياة، فأنتما تتكئان على بعضكما لمواصلة القتال”.
حالات نادرة
وفي السياق ذاته قال الدكتور كريستوفر كولويل، اختصاصي طب الطوارئ بجامعة كاليفورنيا "هناك الكثير من السيناريوهات المختلفة، فقد شهدنا بعض عمليات الإنقاذ التي تعتبر معجزة حقًا ونجا الناس في ظل ظروف مروعة، لكن يغلب على هؤلاء صغر السن، فهم محظوظون بما يكفي غالبًا للعثور إما على جيب في الأنقاض أو طريقة ما للوصول إلى العناصر المطلوبة مثل الماء والهواء”.
ففي أعقاب زلزال وتسونامي اليابان عام 2011، عُثِر على مراهق وجدته (80عامًا) على قيد الحياة، بعد 9 أيام محاصرين في منزلهم الذي سُوّي بالأرض. وفي العام السابق، أُنقِذَت فتاة من هايتي (16عامًا) من أنقاض الزلزال في بورت أو برنس بعد 15 يومًا.
وتوضح آراء الخبراء هذه مدى أهمية وحسم عامل الوقت في عمليات الإنقاذ الجارية حاليًا على قدم وساق سواء في المناطق المنكوبة في تركيا أو في سوريا. وفي هذا السياق، يبدو أن عمليات الإنقاذ تسير بوتيرة أسرع كثيرًا في تركيا عن نظيرتها في سوريا، لأسباب تتعلق بالأوضاع في كلا البلدين.
الطفلة إيريم باجرياسيك البالغة من العمر 7 سنوات من والتي أنقذت من تحت أنقاض مبنى منهار في منطقة بيلين في هاطاي بعد 131 ساعة من وقوع زلزال (الأناضول)
ويقول الدكتور ريتشارد مون، خبير "البقاء على قيد الحياة” في جامعة ديوك الأمريكية، إن "الطعام ليس مشكلة كبيرة، حيث يمكن للناس أن يعيشوا أسابيع من دونه. ومع ذلك، يمكن لمعظم الناس البقاء على قيد الحياة بضعة أيام فقط بلا ماء”.
وتعتمد المدة التي يمكن أن يعيشها الشخص على الماء وحده على مجموعة متنوعة من العوامل، مثل التمثيل الغذائي للشخص، وكمية الدهون الزائدة التي يخزنها الشخص في جسمه، فضلًا عن درجة الحرارة.
وبمرور الوقت، تبدأ أعضاء الشخص في التوقف عن العمل واحدًا تلو الآخر، حتى يصبح الجسم غير قادر على العمل بشكل صحيح، ولكن يمكن للإنسان السليم أن يعيش من دون طعام مدةً تصل إلى نحو 8 أسابيع.
وفي مايو/أيار عام 2013، انتُشلت امرأة من أنقاض مصنع في بنغلاديش، بعد 17 يومًا من انهياره، وسمعها العمال تصرخ "أرجوكم أنقذوني” واستخدموا أجهزة الكشف بالصوت والصورة لتحديد موقعها بالضبط، وفقًا لـ”بي بي سي”.
ومع أنه من الصعب تحديد المدة التي يمكن أن يعيشها الناس دون شرب الماء، تشير بعض التقديرات إلى أن متوسط المدى يتراوح بين 3 و7 أيام.
المصدر : أسوشيتد برس + الجزيرة مباشر + بي بي سي