حكومة الخصاونة الاقل شعبية والاكثر حصولا على ثقة و تأييد النواب !!



اظننا - هذه المرة - بحاجة الى تأصيل نظري للوقائع و المجريات حتى نفهم جيدا النهج و سياقات اتخاذ القرار ومرجعياته وضوابطه .. 

في بلادنا جرى تجاهل  قواعد الحكم الرشيد، والانقلاب على الديمقراطية ،و الانقضاض على ما استقر من اعراف و مبادئ دستورية تراعي مكانة الامة وكونها مصدر الشرعية الوحيد ، و تم تقويض نهج المحاسبة والمساءلة الذي يضمن التوازن بين السلطات ، لتستحيل هذه السلطات الثلاث الى جانب الاعلام و مؤسسات المجتمع المدني الى ادوات ودمى  تدار  بالريموت كنترول.

جميع البنى والهياكل المؤسسية تضعف و تتراجع قدرتها على الفعل و التأثير ،لصالح قوة تحرك دفة الوطن دون مراعاة لحقوق الافراد وحرياتهم  التي نص عليها الدستور ، قوة او سلطة تقرر وتحكم بشكل منفرد غير آبهة بردود الفعل والخراب الممنهج الذي تحدثه ،قوة غاشمة لا تتقبل النقد وتتعامل بمنتهى القسوة مع المعارضين لهذا النهج،  المدافعين عن دولتهم ونظامهم السياسي الذي اعتبر الشعب مصدر السلطات ومرجعية الحكم ومصدر شرعيته . 

كيف نفهم ان هذه الحكومة التي سقطت سقوطا مدويا باختبار الرضى الشعبي عن ادائها وفق الدراسة الاستطلاعية التي صدرت عن مركز الدراسات الاستراتيجية ، ما زالت في سدة الحكم ، لا بل تحصل في كل مرة على تأييد نيابي منقطع النظير ، واخرها التأييد النيابي الكبير الذي حصلت عليه اثناء مناقشات  مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠٢٣؟!!  

مجلس النواب -الذي يعتبر نظريا الانعكاس الادق لنبض الشعب - ينحاز لحكومة ساقطة شعبيا باغلبية مطلقة !!! مجلس النواب الذي يفترض انه يمثل الشعب يقر مشروع قانون الموازنة الذي سيحملنا ٢ مليار دينار مديونية جديدة !! كيف يستوي هذا الامر ، ،كيف يمكن ان نفهم هذه المفارقة ،  بغير اتساقها مع  التأصيل النظري الذي قلنا فيه ان جميع المؤسسات تحولت الى ادوات يتم توجيهها خلافا  لمنطق الاشياء ؟!! 

كيف نفهم ان وسائل الاعلام الاردنية ومؤسسات المجتمع المدني من احزاب ونقابات ومنظمات محلية ودولية  - باستثناءات محدودة -  يقبلون ويتعايشون مع هذه الاختلالات والتشوهات، لا بل  تقوم غالبيتها بتبريرها وتسويقها وتجميلها؟!! صحيح ان البعض قد التزم  الصمت والحياد ، ولكن هذا لا يعفيهم من المسؤولية ،بل يصنفهم موضوعيا بانهم شركاء بالجرم ..

عندما يتم تجاهل و تهميش و اضعاف و افقار الشعب ، فان جميع البنى المرتبطة به ، التي تعبر عن ارادته وصوته واتجاهاته ، تصبح نهبا للسلطة  ولقمة سائغة واداة يتم تجييرها وتوظيفها دون عناء ، وبذلك تضعف وتفقد قيمتها وقدرتها على احداث الفرق . السلطة لم تعد معنية بمراعاة اراء واتجاهات ومطالب النواب والاعلام والاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ،لانها تعرف بانها باتت معزولة عن قواعدها ، لانها تعرف بانها ضعيفة بعد ان تم احتواؤها وتدجينها ، وهذا بلا شك يعني ان النواب والاعلاميين والحزبيين والنقابيين قد ساهموا بانفسهم في اضعاف انفسهم وتعظيم سلطة وسطوة مراكز القرار المختلفة .. 

اليوم و على نحو غير مسبوق البتة ، حكومة بشر الخصاونة  تعرف -وتتصرف على اساس هذه القناعة-  بانها ومن خلال ادواتها قادرة على توظيف النواب و الاعلام لصالحها ، ولذلك  تمضي في مشروعها الذي تمليه المؤسسات الدولية ، هذا المشروع الذي يتسبب بقصد او بدون قصد في اضعاف البلاد وافقار العباد تمهيدا لفرض تحول يتطلب هذه الجراحات الصعبة ، تحول يسعون لفرضه بخطى ثابتة و دون منغصات ..