“كأنها القيامة”.. ناجون يروون ما جرى يوم زلزال تركيا

كان من المفترض أن يكون يوما عاديا كسائر أيام الأسبوع، لكن أصبح يوم الاثنين السادس من فبراير/شباط الجاري شاهدا على واحد من أعنف زلازل القرن الحادي والعشرين.

تمخض فجر ذلك اليوم عن كارثة مروعة، و”قيامة صغرى” بحسب وصف من عايشوها، لتسفر عن عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين في الجنوب التركي والشمال السوري.

 

لم تكن اللحظات الأولى من الزلزال لتقلق سكان تلك المناطق، فهم معتادون على مثل هذا النوع من الهزات البسيطة من حين لآخر، لكون المنطقة واقعة على فالق أرضي، وكثيرا ما تتعرض لهزات وزلزال. لكن بعد مرور 10 ثوان فقط، بدأ السكان يتنبهون لخطورة الموقف، فهذا الزلزال ليس كسابقيه، بل يبدو عنيفا ومدمرا بشكل لم يتوقعه الكثيرون خاصة في جنح هذا الليل، وفي تلك الأجواء العاصفة القارسة البرودة.

هُرع الناس إلى الشوارع لا يلوون على شيء، فمنهم من نجا بنفسه، ومنهم من أفلت بأسرته، ومنهم من فقد الأهل والأحباب، ومنهم من أدركته منيته فقضى نحبه، وبات بيته -الذي لطالما عاش بين جدرانه- قبرا له!

عُقبة.. رحيل مفاجئ أوجع القلوب

"عقبة علي” شاب سوري مقيم هو وأسرته بولاية غازي عنتاب، يدرس الإخراج والتصوير، ويوثق معاناة أهله في المخيمات منذ مدة طويلة.

لم يسعف الزلزال والديه اللذين حاولا الخروج قبل انهيار البناية التي يقيمون بها، فكانت يد القدر أسبق إليهما، ثم دخل عقبة مصابا من تحت الأنقاض ليرقد في المستشفى تحت الرعاية المكثفة خمسة أيام، ثم يلحق بوالديه.

كان فراق عقبة أليما على أصدقائه ومحبيه، ورثاه أكثرهم في حزن عميق على منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى الإعلامي المصري أسعد طه، على حسابه في تويتر، عقبة، مؤكدا أنه كان فنانا متعدد المواهب كثير القراءة.

وقال طه في تصريحات لموقع الجزيرة مباشر "عرفت عقبة أول مرة، في أول مخيم لصناعة الأفلام الوثائقية، وكان في الريف التركي. في اليوم الأول لاحظت أنه كان منشغلا بالهاتف، فلما عاتبته بلطف، نظر إليّ في هدوء وقال لي بعبارة حزينة: لقد استشهد اثنان من أصدقائي اليوم، فصمَتْنا نحن الاثنان، وبدأت بيننا علاقة منذ ذلك الحين، وحرصت بعدها على أن نلتقي”.

وتابع "اكتشفت بعد ذلك في عقبة كم هو شخصية موهوبة ونادرة، وعندما علمت بوفاته كان الخبر صادما لي للغاية”.

أسعد طه
أسعد طه

أن تفقد صديق عمرك في لحظة

وحكى معاذ عبد الرؤوف (25 عاما) الطالب بكلية الهندسة في جامعة إسكندرون بولاية هاطاي التركية، كيف بدأت الكارثة.

وقال لموقع الجزيرة مباشر "في البداية توقعت أن يكون الزلزال بسيطا، لأننا عادة ما نشعر بهزات صغيرة في المنطقة، لكن بعد مرور 10 ثوان، بدأ المبنى الذي أسكنه في الانهيار. حاولت الخروج أنا وصديقي محمد لكننا لم نستطع”.

وتابع معاذ "مكثت تحت الأنقاض 12 ساعة، حتى جاء اثنان من أصدقائي وظلا يناديان عليَّ حتى تمكنا من تحديد مكاني ونجوت بحمد الله، إلا أن صديق عمري محمد لم يتمكن للأسف من الخروج، ومات تحت الركام بعدما سمعته يردد الشهادتين قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة”.

"كأنه يوم القيامة”

طالب مصري آخر بجامعة إسكندرون، روى للجزيرة مباشر جانبا من تفاصيل ذلك اليوم العصيب، فقال "ساعة وقوع الزلزال كنت مستيقظا، وكان الجو شديد البرودة. فجأة وجدت كل شيء يسقط من حولي، فركضت نحو الباب، وساعدني أني أسكن في الطابق الأرضي، وبمجرد خروجي للشارع سقطت مئذنة مسجد بجواري مباشرة، لكن الله سلّم”.

وتابع "مناطق بأكملها سُويت بالأرض، ما شاهدته يصعب وصفه، وكأنه نموذج مصغر ليوم القيامة”.

وفي 6 فبراير/ شباط الجاري، ضرب زلزال مزدوج جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوة الأول 7.7 درجات والثاني 7.6 درجات، تبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.

وأعلن رئيس إدارة الكوارث والطوارئ التركية ارتفاع عدد وفيات الزلزال جنوبي البلاد إلى 40 ألفا و642 شخصا، فيما بلغ عدد القتلى في عموم سوريا 5840 بينما ارتفع عدد المصابين إلى أكثر من 10500.

المصدر:الجزيرة مباشر+مواقع التواصل