اليوم الوطني الياباني وعهد ريوا
تحتفل اليابان سنويا في شباط بذكرى تاسيسها الذي يمتد ناريخيا الى ما يقارب القرنين منذ عهد الامبراطور ميجي 1874 الذي يعتبر الامبراطور الاسطوري في التاريخ السياسي الياباني واليه يرجع الفضل في ارساء قواعد الدولة اليابانية وعلى الرغم ان اليوم الوطني الياباني متغيرا على عكس معظم الدول الذي يصادف في ذكرى ميلاد الامبراطور الحاكم الذي يعتلي الحكم فقبل الامبراطور ناروهيتو كان العيد الوطني يصادف في 23 من شهر كانون الاول من كل عام الذي هو ذكرى ميلاد الامبراطور اكيهيتو فبعد ان تنحى عن الحكم لصالح ابنه الامبراطور الحالي فان اليوم الوطني اصبح في من شباط من كل عام من الان فصاعدا اي ذكرى ميلاد الامبراطور ناروهيتو ولعل السبب بذلك يعود الى ان اليابان لم تخضع الى الاحتلال وبذلك لم تستقل لتحتفل بعيد الاستقلال او اليوم الوطني فذهب عرفا ان ذكرى ميلاد الامبراطور الحاكم هو اليوم او العيد الوطني لدولة اليابان اي استذكارا لبداية سلالة الاباطرة هي ذكرى تاسيس اليابان .
وتاريخيا يعود الاحتفال بالعيد الوطني الى 11 شباط وحسب التقويم الميلادي من عام 660 قبل الميلاد اذا ان اليابان تستخدم رسميا تقويم يختلف عن سائر العالم بتسمية الحقبة الامبراطورية بصفة او لقب من بداية استلام مقاليد الحكم وتؤرخ رسميا ببداية الحقبة والعام الذي يستلم به الامبراطور مقاليد الحكم يرقم عدديا بواحد مضافا اليه الحقبة التي تطلق على كل عهد من الامبراطور الذي يحكم وعلى سبيل المثال الامبراطور اكيهيتو استلم مقاليد الحكم في عام 1989 من والده الامبراطور هيروهيتو وسميت حقبه او عهد الامبراطور بعهد هيسيه اي عهد السلام فيصبح التقويم بذلك سنة 1 من عهد هيسية اي كافة المعاملات الرسمية تتبع هذا التقويم فاي ورقة رسمية تؤرخ 1/1/1 مضافا اليها العهد هيسيه من بداية السنة الميلادية طبعا اذ الاشهر لا يتم اي تغيير عليها فقط التقويم السنوي وتستمر الدولة باستخدام هذا الترقيم الى ان ينتهي حكم الامبراطور (فمثلا عهد هيسيه امتد الى 27 عاما وهي عهد او حقبة هيسيه) وعندها توقف كافة التراقيم السابقة ويبدأ العدد من جديد بحقبة جديدة حتى لا يتم الارتباك تضاف اسم الحقبة فحاليا وبعد تولي الامبراطور ناروهيتو اصبح الترقيم عهد ريوا فذكرى العيد الوطني رسميا في اليابان ترقم 11/2/5 من السنة الخامسة من عهد ريوا فتكتب 11 شباط 5 وباللغة اليابانية تكتب (令和 5 年) وهكذا من كل عهد امبراطوري .
وتشير الدراسات التاريحية اليابانية الى ان نظام التقويم هذا استحدث في عام 645، وبلغ عدد أسماء العهود الامبراطورية في المجمل 248 عهدا او حقبة وحتى لا يتفاجا القراء فان اليابان تستخدم التقويم الدولي جانبا الى التقويم الرسمي تماما كما نستخدم نحن التقويم الميلادي والتقويم الهجري.
ومن المصادفات ايضا ان 11 شباط كان اليوم الذي أقر فيه الجنرال الأمريكي دوجلاس ماك آرثر (الحاكم العسكري لليابان بعد استسلامها في الحرب) مسودة الدستور التي تم عرضها على اليابانيين عام 1946 والذي جرد الامبراطور من كافة الصلاحيات وابقى على رمزيته كقائد للشعب الياباني والذي حسب المعتقدات اليابانية له مكانة دينية مميزة تعود الى اكثر من الفي عام فهو رمز والهام لليابانين وان اي الغاء لدور الامبراطور قد يخلق عدم رضى وسخط لدى الشعب الياباني بعد الهزيمة فابقى عليها الدستور الذي وضع مبادئه الحاكم الامريكي في تلك الفترة والذي احترمته الدولة المنتصرة وابقت على هذه التقاليد واحتراما للامبراطور هيروهيتو الذي استسلم بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الاولى وعلى الرغم ان الجنرال ماك ارثر كان حاكما عسكريا لكن كان الحاكم الفعلي لدولة اليابان الامبراطور نفسه وبذلك لم تقع اليابان تحت الاحتلال فعليا.
ونصت المادة الاولى من دستور اليابان الذي وضع في عام 1946 بعد الهزيمة بان الامبراطور هو رمز للدولة (الإمبراطور هو رمز الدولة ووحدة الشعب، ويستمد قوته من رغبة الشعب الذي تكمن فيه القوة السيادية). اما مهام الامبراطور فاصبحت كلها مناطة بمجلس النواب والشيوخ اللذان ينسبان الى الامبراطور فهو يعمل فقط بنصيحة ومصادقة من مجلس الوزراء ورئيس الوزراء المنتخب من خلال الاحزاب الحاكمة وهو فعليا من يقوم بكافة الامور الرسمية ويمثل السياسة الخارجية للدولة ايضا.
وعادة ما يحتفل اليابانيون بالعيد الوطني بمظاهر الاحتفالية يعبرون من خلالها عن حبهم للإمبراطورية اليابانية، وولائهم وانتمائهم للقادة والرؤساء اليابانيين، باقامة احتفالات تنتهي إلى ضريح الامبراطور ميجي جينغو في طوكيو تعبيرا عن وفائهم له ، ويرفع العلم التابع للإمبراطورية اليابانية على مباني المؤسسات والمراكز ثقافية تعليمية ويتم أيضاً وضعه في شرفات المنازل .
وعادة ما تحتفل السفارات اليابانية بالعيد الوطني غالبا في معظم دول العالم في ذكرى ميلاد الامبراطور من شهر شباط وتقيم الاحتفال الرسمي وتستقبل التهاني في هذه المناسبة القومية ولا يسعنا بهذه المناسبة الى ان نقول هنيئا لليابان وشعبه بعيده الوطني مع كل الامنيات بمزيد من التقدم والنجاح في محافظتها على كافة انواع السلام في العالم وكل الشكر لما تقدمه للأردن من دعم سخي على كافة الاصعدة نظرا لما تتمع به العلاقات الاردنية اليابانية من دعم ورعاية ملكية اردنية ويابانية كما انتهز هذه الفرصة لاتقدم بخالص الشكر والعرفان الى جلالة الامبراطور الياباني ناروهيتو بمنحي وسام الشمس المشرقة من طبقة الأشعة الذهبية مع وشاح العنق لما قدمته من تعزيز التبادل الأكاديمي والتفاهم المتبادل بين اليابان والأردن الذي اعتبره وسام شرف وفخر على مدى الحياة شكرا الى امبراطور اليابان والحكومة اليابانية والشعب الياباني العظيم.
* الكاتب رئيس الجمعية الاكاديمية الاردنية اليابانية