بعد التراجع عن إلغائها.. ما المطلوب عند إعادة هيكلة وزارة العمل؟
المرصد العمّالي الأردني - مراد كتكت - ما إن أعلنت الحكومة، أمس الأحد، تراجعها عن التوجه لإلغاء وزارة العمل، وارتأت إعادة هيكلتها وتطوير قدراتها، حتى بدأت التساؤلات حيال الإجراءات المطلوبة لتعزيز دور الوزارة وإمكانياتها، وجاء ذلك بعد مطالبات عديدة من منظمات المجتمع المدني وخبراء بخطورة إلغاء الوزارة وضرورة التراجع عن هذا التوجه.
وكان "المرصد العمّالي" أصدر بيانا طالب فيه بضرورة الحفاظ على وزارة العمل وتعزيز دورها وإمكانياتها لتنظيم سوق العمل وحماية معايير العمل وشروطه على أرض الواقع بدل إلغائها.
وحذَر المرصد حينها من تبعات إلغاء الوزارة، ووصفها بـ"الكارثية" على أطراف الإنتاج كافة في سوق العمل أكان العمال أو أصحاب العمل أو النقابات، وأكد أن ذلك سيؤدي إلى إضعاف شروط العمل، الضعيفة أصلا، عند غالبية العاملين بأجر في الأردن.
وشدد المرصد على أنه رغم الضعف الواضح الذي يعتري أدوار وزارة العمل وبخاصة في تنظيم سوق العمل وتطبيق معايير العمل اللائق، بدليل تزايد ارتفاع معدلات البطالة وبخاصة بين الشباب، وتوسع العمالة غير المنظمة أكثر فأكثر، وهشاشة الحماية الاجتماعية، إلى جانب ضعف منظومة التفتيش، إلا أن هذا يستدعي تعزيز هذه الأدوار وتعظيم فاعليتها.
يقول مدير بيت العمّال حماد أبو نجمة إن المقصود بإعادة هيكلة الوزارة هي مراجعة طبيعة المهام والأدوار المُناطة بالوزارة وكيفية أدائها، إلا أنه لاحظ أن الحكومة لم تُصرّح بعد بأي اتجاه ستذهب عند إعادة الهيكلة.
ويبين أبو نجمة، في تصريحٍ إلى "المرصد العمالي الأردني"، أن هناك تخوف من الاتجاهات التي ستذهب إليها الحكومة عند إعادة هيكلة الوزارة.
ويوضح بالقول: "قد يكون الهدف من إعادة الهيكلة هو ذات الهدف من إلغاء الوزارة، وهذا يعني إضعاف وتهميش أدوار الوزارة الرئيسية المتمثلة بحماية مصالح العمّال وتنظيم سوق العمل، أو أن يكون الهدف تعزيز أدوار الوزارة وتطوير قدراتها".
ويرى أن إعادة هيكلة الوزارة يجب أن تستند إلى دراسة حثيثة تُراعي المعايير الدولية وقانون العمل وطبيعة عمل الوزارة وأهدافها.
ويشير أبو نجمة إلى أن إعادة الهيكلة يجب أن تشتمل أيضا على تقوية أدوار الوزارة في مجال توفير الحمايات مثل حماية الأجور والإجازات بمختلف أنواعها وشروط الصحة والسلامة المهنية والتأمينات الاجتماعية.
ويبين أن هذا يتم من خلال تعزيز فاعلية التفتيش والرقابة ودور النقابات العمّالية، إلى جانب تمكين جميع العاملين والعاملات من التمتع بحرية التنظيم النقابي والمفاوضات الجماعية.
ويتّفق الأمين العام السابق لوزارة العمل المهندس زياد عبيدات مع أبو نجمة من حيث ضرورة أن تنبني إعادة الهيكلة على دراسة شاملة لجميع أدوار الوزارة ومهامها.
ويرى عبيدات، خلال حديثه إلى "المرصد العمالي"، أنه كان على الحكومة ومنذ سنوات تعزيز قدرة الوزارة على تنظيم سوق العمل بأبعاده كافة، وتنفيذ سياسات داعمة لتشغيل الشباب، بدلا من التفكير في إلغاء الوزارة.
واستبعد عبيدات أن يكون الهدف من إعادة الهيكلة هو إضعاف أدوار الوزارة ومهامها، ويرجح أن المقصود بها التقوية وليس الإضعاف.
من جانبه، يقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض إن المركز كان له موقف واضح منذ البداية بأن إلغاء وزارة العمل لن يخدم إصلاح القطاع العام أو رفع مستويات النمو الاقتصادي.
ويؤشر عوض إلى المخاطر التي ستترتب على إلغاء الوزارة، وأن هدف أصحاب المقترح كان تشجيع الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال إضعاف تطبيق معايير العمل الأردنية استجابةً لمصالح فئات محدودة من المجتمع.
ويؤكد عوض أن مقترح إلغاء وزارة العمل كان سيُضعف منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن بعامة، وبين العاملين والعاملات بخاصة.
وبينما أكد ترحيب مركز الفينيق بقرار الحكومة بالعدول عن مقترح إلغاء الوزارة، شدد عوض في الوقت ذاته على ضرورة زيادة فعاليتها من خلال خطط إعادة الهيكلة.
ويطالب عوض بضرورة زيادة فاعلية وزارة العمل وبخاصة في مجالات التشغيل ومراجعة برامج التشغيل المتبعة منذ سنوات، إلى جانب ضمان تطبيق معايير العمل الأردنية المنصوص عليها في قانوني العمل والضمان الاجتماعي والأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة بموجبهما، والعمل على حفظ التوازنات في سوق العمل.
وينبه إلى أن هذا الأمر يتطلب زيادة فاعلية التفتيش بحيث تكون أكثر فاعلية وكفاءة.