الزلزال يوقف التعليم للمرة الثانية شمالي سوريا.. فما مصير آلاف الطلاب؟
بطموح كبير يأمل الطالب محمد عكل أن يدخل كلية الطب، وذلك بعد أن حصد 237 علامة من أصل 240 خلال الفصل الدراسي الأول في الثانوية العامة بمنطقة باب الهوى على الحدود السورية التركية.
لكن الآثار السلبية للزلزال المدمر امتدت أيضا إلى طموح الطالب السوري الذي لم يجد سوى الخيمة لاستكمال دراسته، وذلك بعد إيقاف التعليم في المدرسة للمرة الثانية إثر هزات الزلازل المتكررة.
يخشى محمد من تواصل تعليق الدراسة، مما سيؤدي إلى تشتت أفكاره وضياع مستقبله، ويقول والقلق يسيطر عليه "يجب أن تكون هناك بدائل وهي التعليم عن بعد كحل أولي، أو بناء خيم بدل المدارس وتعليم الطلاب فيها حتى تنتهي الزلازل خلال نهاية الفصل الجاري".
وفي حديثه للجزيرة نت، يقترح محمد أن تكون هناك "تسهيلات للطلاب بسبب أزمة الكوارث من خلال تأجيل الفحص النهائي شهرا أو شهرين، بالإضافة إلى إقرار دورة تكميلية، فهناك طلاب فقدوا أقرباءهم، وآخرون نزحوا جراء الزلزال".
تدمير المدارس
وتسبب الزلزال في مناطق شمال غربي سوريا بدمار عشرات المدارس، حيث أشار مجمع إدلب التربوي إلى أن عدد المدارس التي تضررت بفعل الزلزال الأول في منطقة حارم بلغ 39 مدرسة، من بينها 34 مدرسة تهدمت بشكل جزئي، و5 مدارس تعرضت لتشققات بسيطة.
بدوره، أعلن مجمع معرة مصرين التربوي أن عدد المدارس التي تضررت بفعل الزلزال الأول الذي ضرب المنطقة بلغ 14 مدرسة، من بينها 12 مدرسة تعرضت لتهدم جزئي ومدرستان تعرضتا لتشققات بسيطة.
ولجأ بعض الطلاب إلى الدراسة ضمن مخيمات، حيث تطوع بعض المعلمين لحماية التلاميذ من التسرب الدراسي.
من جانبه، أكد الأستاذ زياد العمر المكلف بتسيير أعمال وزارة التربية والتعليم في إدلب استمرارهم بالعملية التعليمية، معتبرا أن "العلم هو سلم الحضارات، وتقدّر الأمور حسب الوضع العام الجيولوجي الذي تمر به المنطقة".
وبشأن مقاومة المدارس في شمالي سوريا للزلازل، أضاف العمر أن المدارس التي تعرضت للضرر بناؤها قديم جدا، وهناك 7 مدارس بناؤها جيد ومدعم بحيث تصمد أكثر أمام الزلازل، لكن بالطبع حسب شدة درجة الزلزال، مؤكدا أن وسائل الحماية تقليدية، ولا نملك وسائل حماية متطورة.
وفي حديثه للجزيرة نت، لفت العمر إلى أن الزلزال أثر سلبا على نحو 250 مدرسة في شمالي سوريا عموما، منها 203 أصابها تهدم جزئي، و46 تشققات بسيطة، ومدرسة تهدمت بشكل كامل.
وختم بأن تأجيل العملية الدراسية مرتبط بواقع الزلزال، ولا يمكن التنبؤ به مطلقا قبل حدوثه.
فوبيا الزلزال وضياع المستقبل
وعلى المستوى النفسي، يرفض الطالب عبد الله الخير العودة إلى المدرسة مجددا، مؤكدا أنه أصبح يعاني من فوبيا الزلزال.
واختار عبد الله الدراسة عبر الإنترنت، وذلك عبر مبادرة مسارات التي تعمل في مناطق شمال غربي سوريا، وتقدم الدروس للطلاب المنقطعين بشكل مجاني.
ويؤكد أن شبكة الإنترنت متوفرة في معظم الشمال السوري حتى في مخيمات الإيواء، ويملك معظم الطلاب هواتف ولا يحتاجون إلى حواسيب مكتبية للدراسة، لذلك يمكن أن تنجح هذه الفكرة، بحسب حديثه للجزيرة نت.
"لا أستطيع التركيز" بهذه الكلمات تعبر الطالبة شهد (14 عاما) عن قلقها بسبب عدم تمكنها من الدراسة في المخيمات بسبب الضوضاء والازدحام، وعدم وجود مكان هادئ يساعدها على القراءة.
شهد طالبة شهادة في الإعدادية تعيش في مخيمات شمال إدلب، وتعتبر من المتفوقات حيث حصلت على 279 علامة من أصل 280 خلال الفصل الدراسي الأول، وتطمح لتنال المجموع التام خلال الفصل الثاني.
وفي حديثها للجزيرة نت، أضافت شهد "خلال أيام تدمرت طموحاتي، من منزل كنت قد خصصت داخله غرفة خاصة للقراءة إلى خيمة يقطن فيها 15 فردا من عائلتي، منذ 16 يوما لم أستطع قراءة حرف واحد".
لذلك، تطالب بفتح المدارس من جديد حتى لو كانت خطيرة أو تأجيل هذه السنة حتى تستقر الأوضاع "لأن مستقبلنا يضيع".
خطر على الطلاب
وفي هذا السياق، أكد عبد الله عبدو (44 عاما) -الذي يعمل في مدرسة بمنطقة حارم في ريف إدلب الشمالي- أن المدارس في المنطقة معظمها متصدعة والتدريس فيها بحد ذاته خطر على الطلاب.
وفي حديث مع الجزيرة نت، اقترح عبدو نصب خيم مدرسية في كل منطقة ضربها الزلزال ومتابعة العملية التعليمية حتى نهاية العام الدراسي، وذلك حفاظا على أرواح الطلاب والمعلمين.
يشار إلى أن فريق "منسقو استجابة سوريا" أحصى نحو 318 ألف طفل شمال غربي سوريا و78 ألفا داخل المخيمات متسربون من التعليم.
وذكر الفريق أن "أكثر من 800 مدرسة دمرت بفعل هجمات النظام منذ عام 2011، بينها 170 منشأة تعليمية في شمال غربي سوريا خلال السنوات الثلاث الأخيرة".
المصدر : الجزيرة