ما الذي تريده الحكومة من الضمان الاجتماعي ؟ هل صندوق ادخار الأردنيين في خطر ؟
محرر الشؤون المحلية -
لعلّ أخطر ما يهدد مؤسسة الضمان الاجتماعي هي ممارسات الحكومة التي لا تلقي بالا إلى تأثير قراراتها على المركز المالي للمؤسسة، بالإضافة إلى موقف مجلس النواب من تلك القرارات، والحديث هنا عن استسهال الاقتراض من أموال الضمان وكأنها مؤسسة حكومية، والإحالات المستمرة إلى التقاعد المبكر دون طلب من الموظف نفسه، بالإضافة إلى التعديلات المستمرة التي تجري على قانون الضمان دون أن يكون للنواب موقف منها..
مؤخرا، كشفت مناقشات قانون الموازنة العامة أن الحكومة استدانت من الضمان مبلغ يقدّر بنحو (7.7) مليار دينار على شكل سندات، تشكّل ما نسبته (58%) من اجمالي استثمارات الضمان، فيما يقلّ العائد الاستثماري لهذه السندات عن (6%)، في وقت يُفترض أن لا يقلّ العائد الاستثماري لأموال الضمان عن (8%).
الأكثر خطورة، يكمن فيما يعاينه الأردنيون بشكل شبه يومي من إحالات مستمرة إلى التقاعد المبكّر، وبشكل يكبّد مؤسسة الضمان مبالغ طائلة جرّاء دفع رواتب لمتقاعدين في سنّ مبكّرة، كما يحرمها من الايراد المتأتي من اشتراكات أولئك المحالين إلى التقاعد المبكر، والكارثة أن كثيرا من هذه الإحالات إلى التقاعد المبكر تأتي بقرار من الحكومة ودون طلب من الموظفين أنفسهم، وغالبا ما يكون القرار بمثابة عقوبة توقعها الحكومة على الموظف لا لشيء إلا لكونه مارس نشاطا نقابيا أو أبدى وجهة نظره في الشأن العام كما كان الحال بالنسبة للمعلمين المحالين إلى التقاعد المبكر بعد إغلاق نقابة المعلمين عام 2020.
أخيرا، جاءت الطامة الكبرى من خلال تعديلات قانون الضمان الاجتماعي التي أقرّها مجلس النواب كما تشتهي الحكومة، وبشكل يُخالف ما نسّبت به لجنة العمل النيابية، ولعلّها من المرّات النادرة التي تجري فيها لجنة تعديلات واسعة وجوهرية على مشروع قانون يردها من الحكومة، والحقيقة أن تعديلات اللجنة كانت ايجابية للغاية قبل أن يرفضها المجلس لصالح الرؤية الحكومية!
ومن بين التعديلات السلبية التي أقرّها النواب بخلاف قرار لجنة العمل، ما يتعلق باشتراكات العسكريين، حيث وافق النواب على تخفيض اشتراكات العسكريين إلى (17%) بدلا من (20.5%) لشمولهم بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، متجاهلين كلّ الأثر السلبي لمثل هذا القرار على المركز المالي للضمان الاجتماعي!
اللافت، أن مؤسسة الضمان الاجتماعي، أكدت صراحة أن تعديل الحكومة الذي وافق عليه النواب سيقرّب موعد نقطة التعادل الثالثة بحسب دراسة اكتوارية "خاصة" أعدتها مؤسسة الضمان، وربما يكون التأثير أكبر مما أعلنته المؤسسة..
الوصول إلى نقطة التعادل الثالثة يعني نفاد كافة الموجودات، وعدم قدرة المؤسسة على الايفاء بالتزاماتها تجاه المشتركين، الأمر الذي ستحاول الحكومة تجنّبه عبر اجراءات استباقية على رأسها رفع الاشتراكات وربما رفع سنّ التقاعد.
قانون الضمان مازال اليوم بين يدي مجلس الأعيان الذي يؤمّل عليه في أن ينحاز إلى مصلحة الشعب ويحافظ على مؤسسة الضمان ومدخرات الأردنيين فيها، وذلك من خلال رفض تعديل الحكومة والنواب، بعيدا عن أية شعبويات.