هل تصمد حكومة نتنياهو وسط تصاعد الاحتجاجات الداخلية والمقاومة الفلسطينية؟
على مدار الساعة، تضج شاشات التلفزة الإسرائيلية الكبرى بنقاشات حادة، حول واقع المؤسسة الإسرائيلية الحكومية، ومستقبل وحدة المجتمع الإسرائيلي متعدد الأعراق، في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد ما عرف بـ "الانقلاب القضائي".
ومنذ 8 أسابيع، تشهد "إسرائيل" مظاهرات أسبوعية حاشدة تنظمها المعارضة؛ تنديدًا بمضي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بتمرير تشريعات من شأنها الحد من سلطة القضاء.
وتطرح تلك التطورات تساؤلات عدة، حول السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الحكومة الإسرائيلية وكيفية تعاملها مع الواقع المتأزم الذي تعيشه داخلياً، أو في ساحة المواجهة مع المقاومة الفلسطينية.
محللون وخبراء في الشأن الإسرائيلي أجمعوا في أحاديث ، على عمق الأزمة السياسية والمجتمعية الإسرائيلية، وأخطرها تعمّق الشرخ الداخلي، على وقع برامج التيار المتطرف داخل الحكومة، وإصرار المعارضة على مواقفها، بينما يواصل الشيكل انحداره، ما ينذر بالمزيد من الضعف والتشرذم.
الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي علاء الأعرج، يرى أن التطور الأخطر في معركة الصراع الداخلي بدأت بتعليق وحدة "شالداغ" من "كوماندوز" سلاح الجو لعملها، وسط تخوفات من انتقال الحالة لجنود الاحتياط، يرافقها إصرار المعارضة على مواقفها واتساع حدتها للإضرابات التي تجاوزت الاحتجاج اللفظي الإعلامي وتوسيع الشرخ الداخلي، بينما الائتلاف الحكومي لن يتراجع دون نتائج تخدم بنيامين نتنياهو تحديدا.
ويسود قلق بالغ في الجيش الإسرائيلي من نشوء أزمة شديدة في قوات الاحتياط في الأذرع العسكرية احتجاجا على خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء.
ووصف ضابط كبير في الجيش هذا التخوف بأنه "الأكثر شدة الذي تعامل معه الجيش" منذ حرب السادس من تشرين أول/ أكتوبر 1973.
وعن السيناريوهات المتوقعة، يرجح "الأعرج" ، دخول المؤسسات الرسمية كالجيش والأمن لفرض حلول تفضي لتعديلات دستورية يوافق عليها الأطراف.
ويضيف: "الاتئلاف الحاكم أمام مشاكل جدية عدة، وأول شروخها استقالة ممثل حزب نوعام من منصبه كنائب وزير، في أول ضعضعة للائتلاف، بينما هناك توقعات بدخول أمريكي متصاعد للتوصل لحكومة وحدة بما فيها بنيامين نتنياهو، وضمان عدم محاكمته ومغادرته الائتلاف كحل مشترك نحو التفاهمات".
ويعتقد ضيفنا، أن وضع الضفة الأمني يمثّل حرجا كبيرا لحكومة الاحتلال، ويؤزم سياستها الواقعة تحت ضغوطات عدة، ما يدفعها لخوض حرب في غزة أو إيران.
وواحد من السيناريوهات المتوقعة، وفق "الأعرج"، هو بقاء الحكومة لأربعة سنوات دون حرب على إيران، تذهب معه الساحة الأمنية في الضفة لمزيد من الانفجار، وتدفع بعملية عسكرية أقل من السور الواقي.
من جانبه، يقول المحلل والمتابع للشأن الإسرائيلي عامر سعد، إننا أمام يمين ديني صهيوني يتقن الأفعال الإجرامية، وذلك بعد إعداده منذ سنوات لعصابات المستوطنين المسلحة، مشيرًا إلى أن اليمين سيحدث شرخا كبيرا في المشهد السياسي الإسرائيلي وحالة من تشظي الأحزاب السياسية.
وفي المقابل، هناك تيار علماني مدعوم أمريكيا وأوروبيا، يحمل لاءات حمراء تجاه التيار الديني، عبّر عنه بلينكن في خطاباته، مع صعود إيتمار بن غفير وآخرين للحكومة، وهو ما يشير بوضوح لمرحلة من الاحتراب السياسي والانقسام المجتمعي نرى ارهاصاته في المظاهرات الضخمة، تبعًا لـ "سعد".
ويردف : "التململ داخل المستوى العسكري الإسرائيلي ينذر بالكثير، والأوضاع متجهة نحو المزيد من الانقسام، بينما ستؤدي الضغوطات الأمريكية مع احتجاجات الشارع لتفسخ الائتلاف الحاكم وتأثيراته على المستويات كافة، وتفجّر الأوضاع داخل الضفة وغزة".
في حين، يستعرض المحلل والخبير بالشأن الإسرائيلي عمر جعارة، تصريحات لرئيس الشاباك الأسبق يوفال ديسكين، يصف فيها حكومة نتنياهو بـ "الحكومة اليمينية 100%"، وأنها "حكومة إرهابية 100%"، ويصف فيها إيتمار بن غفير بـ "الحمار".
ويشير "جعارة" في حديثه ، إلى تصاعد التصريحات الأمريكية برفض بتسلئيل سموتريتش وتصريحاته العنصرية الدموية، المستندة للعهد القديم الذي ترد فيه عبارات تمجيد القتل والنيران مئات المرات.
ويواصل "جعارة" تقديم المزيد حول السيناريوهات القادمة على الواقع الإسرائيلي، مستندأ على تصريحات ومقالات إسرائيلية تحذر مما يسمونه "خراب البيت الثالث بأيد إسرائيلية"، وصولا لكارثة يرافقها انحدار كبير وانهيار في قيمة الشيكل، كمؤشر خطير ترافق مع كلفة 5 انتخابات متتالية لنحو 10 مليار شيكل، لم تفلح في إزاحة بنيامين نتنياهو عن المشهد السياسي.
ويخلص جعارة، إلى أن مراحل سن القوانين لن تتوقف؛ لبسط هيمنة السلطة التنفيذية على القضائية، كما هو الحال مع السيطرة على التشريع.
ويرجّح ضيفنا وصول "التململ" من تيار ريفلين داخل الليكود، لانشقاق سياسي فيه يودي لانتخابات جديدة وهي تمثل حقيقي للأزمة السياسية الكبيرة وغير المسبوقة، تبعًا لقوله.
وتصر حكومة "نتنياهو"، على اعتماد مشاريع قوانين من شأنها الحد من سلطة القضاء لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو ما تعتبره المعارضة انقلابا على الديمقراطية."وكالة سند للأنباء"