انهيار بنك وادي السيليكون.. الأسواق الأميركية تحبس أنفاسها ومخاوف من انتشار الأزمة
– تتجه أنظار القطاع المصرفي الأميركي والعالمي صباح يوم غد الاثنين إلى بنك وادي السيليكون وفروعه الـ17 المنتشرة بولايتي كاليفورنيا وماساشوستس، في وقت دعت فيه المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع "إف دي آي سي" (FDIC) المودعين إلى سحب ودائعهم المالية.
وتضمن الحكومة الفدرالية من خلال تلك المؤسسة الودائع التي لا تزيد قيمتها عن 250 ألف دولار فقط. وبوصفه بنكا يقدم خدماته للشركات في المقام الأول، فإن ما يقرب من 97% من ودائع البنك البالغة 200 مليار دولار غير مؤمن عليها لأن قيمتها تزيد عن 250 ألف دولار، وهي تتبع شركات بالأساس.
ورأى بعض الخبراء أن فشل البنك يسلط الضوء على الخسائر الكبيرة التي شهدها النظام المصرفي بأكمله نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، وتأثير ذلك على الاستثمار في السندات.
ودفعت أزمة البنك الرئيس جو بايدن لإجراء مكالمة هاتفية مع جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا أمس السبت بشأن الجهود المبذولة لمعالجة الوضع المتأزم.
فشل غير مبرر
كان البنك قد فاجأ المستثمرين يوم الأربعاء الماضي بالإعلان عن حاجته إلى جمع 2.25 مليار دولار لدعم ميزانيته العمومية، وأنه بعد بيع جميع سنداته المتاحة خسر ما مقدراه 1.8 مليار دولار.
ولم تكن تطمينات المسؤولين التنفيذيين في البنك كافية لوقف تهافت المودعين على سحب ودائع بقيمة 42 مليار دولار بنهاية يوم الخميس الماضي، وخسر سهم البنك ما يزيد عن 60% من قيمته.
وقالت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا يوم الجمعة السابق إنها ستتولى غلق البنك لحماية الودائع، وسمت "المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع" حارسا قضائيا له.
وقالت المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع في بيان صحفي إن "الفرع الرئيسي للبنك وجميع فروع البنك الـ17 سيعاد فتحها يوم الاثنين 13 مارس/آذار 2023". ووفقا للبيان، فإن جميع الودائع المؤمن عليها ستكون متاحة يوم الاثنين.
وطالب البعض بالاستعداد لهبوط اقتصادي صعب مع بدء أجزاء إضافية من النظام المالي في الانهيار.
دعوة للاستحواذ على البنك
ودعت الكثير من الأصوات من داخل قطاع التكنولوجيا والمصارف بشكل متزايد الحكومة الفدرالية إلى دفع بنك آخر للاستحواذ على بنك وادي السيليكون لحماية الودائع غير المؤمن عليها.
وعبّر هؤلاء عن مخاوف من أن الفشل في إدارة الأزمة في حماية الودائع التي تزيد قيمتها عن 250 ألف دولار، قد ينتج عنه فقدان الثقة في البنوك الأخرى متوسطة الحجم.
ودعت بعض الأسماء الكبيرة في قطاعي التكنولوجيا والمصارف الحكومة الفدرالية إلى التدخل، ودفع بنك آخر لتولي إدارة أصول والتزامات بنك وادي السيليكون، خاصة وأن الغالبية العظمى من مودعيه من الشركات الناشئة.
ويشعر الكثيرون بالقلق من أنهم لن يتمكنوا من دفع الرواتب هذا الشهر، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى موجة واسعة من الإخفاقات وتسريح العمال في صناعة التكنولوجيا.
ويشعر المستثمرون بالقلق من أن هذه الإخفاقات قد تقلل الثقة في القطاع المصرفي، وخاصة البنوك متوسطة الحجم التي لديها ودائع تقل قيمتها عن 250 مليار دولار.
ولا تعتبر هذه البنوك من الضخامة التي يُخشى عليها الإفلاس، كما لا يتعين عليها الالتزام بتدابير صمام الأمان التي تم تمريرها في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.
ودعا المستثمر ديفيد ساكس الحكومة الفدرالية إلى دفع بنك آخر لشراء أصول بنك وادي السيليكون، وغرد ساكس -الذي سبق له إدارة عدد من شركات التكنولوجيا- "أين (رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم) باول؟ أين (وزيرة الخزانة جانيت) يلين؟ أوقفوا هذه الأزمة الآن. عليهم إعلان أن جميع الودائع ستكون آمنة، ويجب أن يستحوذ أحد البنوك الأربعة الكبار على بنك وادي السيليكون قبل بدء العمل صباح يوم الاثنين وإلا ستكون هناك عدوى وستنتشر الأزمة".
كما قدم المستثمر بيل آكمان حجة مماثلة في تغريدة مطولة، حيث كتب "ليس لدى الحكومة إلا أقل من 48 ساعة لإصلاح خطأ لا رجعة فيه قريبا".
الحكومة هي الحل
وانقسمت آراء مجتمع واشنطن السياسي حول ضرورة تدخل الحكومة الفدرالية من عدمه لمنع انهيار البنك.
وغرد السيناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي السابق ميت رومني مطالبا بتدخل الحكومة الفدرالية لإنقاذ البنك، وقال "إن المساهمين والمسؤولين التنفيذيين في بنك وادي السيليكون يخسرون كل شيء، ومع ذلك، يجب على المودعين بحسن نية استرداد ودائعهم من أجل دفع مرتبات العاملين لديهم، ودفع تكلفة طلباتهم، ومنع انتشار العدوى".
وعلى النقيض، عارض النائب مات غايتز، من ولاية فلوريدا، أي خطة إنقاذ حكومية، وقال "إذا كان هناك جهد لاستخدام أموال دافعي الضرائب لإنقاذ بنك وادي السيليكون، فيمكن للشعب الأميركي الاعتماد على حقيقة أنني سأكون هناك أقود المعركة ضد تلك الخطوة".
مكافآت قبل ساعات من إغلاق بنك وادي السيليكون
تلقى موظفو بنك وادي السيليكون مكافآتهم السنوية يوم الجمعة الماضي قبل ساعات فقط من استيلاء الجهات الفدرالية على البنك، وذكرت تقارير أن المكافآت كانت مقابل العمل المنجز في عام 2022 وكانت قيد المعالجة قبل أيام من انهيار البنك.
وتاريخيا يحصل موظفو البنك على المكافآت السنوية في الجمعة الثانية من شهر مارس/آذار، وهو ما صادف اليوم الأخير من عمل البنك.
وتراوحت قيمة المكافأة السنوية بين 12 ألفا لصغار الموظفين و140 ألف دولار للمديرين التنفيذيين.
يذكر أن لدى بنك وادي السيليكون 8528 موظفا، وحصل هؤلاء على متوسط دخل يعد من بين الأعلى في القطاع المالي الأميركي العام الماضي، إذ بلغ 250 ألف دولار.
المصدر : الجزيرة