الكلاب نهشت يحيى حتى الموت ولا بصمات على جريمتها!



غريب عجيب أمر بعض المسؤولين في بلادنا! فهم لم يتعلموا التصرّف كرجال دولة مسؤولين مسؤولية تامة عن كلّ ما يناط بهم من مهام، رغم أن لبعضهم تجربة وظيفية طويلة في المجال الحكومي أو في الشأن العام.

اليوم أجدني عاجزا عن توجيه اللوم لأحد من وزراء الحكومة، بعد أن فقدنا الطفل يحيى إسلام صالح العبد عبدالله زيد النبالي (12) عاماً، والذي توفي بعد تعرضه لحادثة نهش كلاب ضالة في القويسمة قبل حوالي (25) يوما بمنطقة الرأس. هذا الطفل البريء أحد أطفال مساحة مجتمع الفقر والبؤس التي اتسعت حتى أصبحت جليسة جدران بيوتنا، فالموضوع عندي له أبعاد تمس كل شيء في هذه الدولة وليس الحكومة وحدها أو وزيرهنا أوهناك ، وكلهم مسؤولين عما حدث ويحدث في البلاد!

يحيى ليس أول طفل نفقده نتيجة إهمال أو تقاعس مؤسسات الدولة، ولا أعتقد أنه سيكون الاخير طالما أن لدينا مسؤولين يرون أن قيمة حياة الكلاب الضالة أعلى من قيمة حياة الانسان، فقبل يحيى كان اطفال البحر الميت، وكانت سيرين والطفلة لين، والطفل أميرالرفاعي الذي ناشد المسؤولين من أجل توفيرالعلاج له خارج الاردن، والطفلة ميرا، والطفلة رحاب، وغيرهم من أطفال الاردن الذين لم يتوفرلهم العلاج أومكان للعلاج في المستشفيات الحكومية، وماتوا ولم يتحمل مسؤولية ما جرى لهم أي من مسؤولينا..؟!

واليوم أيضا ومع الخبر المفجع، لا بدّ أن نستذكر ذلك السجال الذي دار بين بعض النواب الذين استجابوا لصرخات وإستغاثات المواطنين بعد جهد جهيد، وبين بعض وزراء الحكومة الذين واجهوا شكاوى الناس من انتشار الكلاب الضالة وإعتداءاتها على المواطنين بكلام هو أشبه بصخر سياسي مصحوب بحالةَ خوف وذعرمنِ جمعيات الرفق بالحيوان ،حيث جاء الرد أنه لا داعي لتكبير حجم التخوف غيرالمستندِ إلى مَضبطة اتهام أو بصَمات مخبرية ضد جرائم الكلاب!

محزن حالنا كمواطنين ونحن نرى ونسمع أن وزراء ونواب أو أعيان أو بعض المسؤولين في هذا الموقع أو ذاك، ومعهم ما لا يحصى من المتنفذين يجهدون لحماية الكلاب من أنين أطفال نهشت الكلاب لحمهم، وهم يخضعون لسطوة جمعيات الرفق بالحيوان المسيجة بدعم مالي وسياسي خارجي، والتي هي أيضا كما ثبت أقوى من الحكومة، وأقوى من مجلس الأعيان، وأقوى من المجلس النيابي.

يحيى ذهب الى حيث الرحمة، عند رب عادل، كغيره من الاطفال الذين سبقوه، وانطلاقا من ذلك فانني أود أن اذكر كل مسؤول في بلادنا بأن السلطة خِدمة وانها تكليف وليست تشريف، وانه لا يجب على أي مسؤول أن يرى نفسه أعلى درجة أو أرفع مكانة من المواطن ، فكل ما هو فيه وعليه هو من أموال الوطن والمواطن. 

كما أود ان أذكر بعض المسؤولين أن الصدفة او الشللية او المحسوبية وامور اخرى قد اتت ببعضهم لموقع المسؤولية هذا او ذاك ،وعليهم أن يدركوا ان المواطنين إئتمنوهم على أرواحِهم وأحلامِهم ومستقبلِهم، ولذلك نسألهم ألا يُحرِّكُ ضمائرَكم نحيب الأُمّ على إبنها الذي فقدته بعد أن نهشت لحمه الكلاب الضالة..؟ ،الا يتحرك ضميركم وانتم تسمعون عن إنتحار شاب في هذا الشارع او ذاك لانه عجزعن تأمين الأساسي لعائلته؟ الا تشعرون بالخجل من ضميركم عندما ترون او تسمعون أن هناك بعض من أبناء الوطن ضاقت بهم سبل الحياة فاختاروا الموت على الحياة في الأرض التي أنبتتهم..؟

مؤسف حقا ومعيب أن نجد من يبررالهروب من المسؤولية عن وفاة اطفالنا نتيجة للاهمال والتقاعس مختبئا تحت رماد جمر عناوين ملفات ساخنة أخرى تعصف بالبلاد على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ومع ذلك ومهما حاول الهروب هؤلاء من المسؤولية ، فاننا نقول لهم إن إستعانتكم بكل مساحيق الإنجازات لتجميل صورتكم ، لن يعفيكم من المسؤولية عن فقدان أردني واحد ذهب ضحية تقصيركم وإهمالكم.. فحتى " صندوق الفرجة" لم يعد يحتمل ما تقومون به ولن يخدمكم هذا الصندوق بعد الان، بالرغم اننا نعرف لو ان ما حدث كان في بلد اخر يحترم الانسان لتم اطلاق مسار محاسبة قضائية، لا ينتهي إلا بإطاحة مسؤولين.. والمسؤولون عن كوارثنا كثر..!