ذهنية الفرض ومنطق القهر لن ينفعهم يا باسل العكور
في الوقت الذي كانت وما زالت ترسو الأوضاع الاقتصادية على شفير التوسل، ونعيش حالة تهاوي بعض الخدمات الحكومية كأحجار الدومينو، وتعاظم لملفات تشوبها رائحة الفساد، وتوسع هوامش الجوع والفقر والبطالة، يبدو أن بعض المسؤولين المتحكمين بمفاصل الدولة الهامة والذين يطربون لسماع الكلمات التي يفيض منها المديح والتملق، تناسوا هذه الملفات التي يجب أن تكون من اولى إهتماماتهم وحددوا وجهة معركتهم مع الاعلام والاعلاميين.
اليوم أخي باسل العكور وأنت تواجه سياسة قطع الأرزاق، أذكرك وأذكر الزملاء "وانتم لا تحتاجون الى تشغيل عقارب الذاكرة"، لكن من باب ما أجده لزاماً أن نعود له في خضم هذه الهجمة التي تتعرض لها أخي العزيز باسل وغيرك من الزملاء، أن أذكر أنني من قبلكم تمت محاربتي الى أن وصل الحد الذي طال أسرتي الصغيرة "بناتي"، ولذلك اقول أن هذه السياسة ليست جديدة على الجسم الاعلامي، فقد مورست على زملاء آخرين قبل اليوم ويبدو أنها ستستمر، طالما أن بعض كبار الموظفين في بلادنا والقابضينَ على روح المسؤولية لا وقتَ لديهم لتلقّف رسائل الناس وهمومهم ومعاناتهم، وهم يضيقون ذرعاً بالأداء الإعلامي الحر، لأنهم يريدون منا أن نرسم صورة أخرى عن الواقع المؤلم الذي يعيشه الانسان الاردني ، صورة تقول أن الاردنيين مرتاحين، أوغيرَ آبهين بما يحط على رأس الوطن من مصائب لانهم يتمتعون بوفرة العيش الرغيد.
أخي باسل وانت المقاتل على جبهة الكلمة الحرة الصادقة المنحازة لقضايا الوطن التي يريد البعض إغتيالها بكاتم صوت الرزق، تعلم جيداً أن المعركة مع من لبسوا ويلبسون ثوب نعمتهم من وظيفة، يعلمون جيداً أن الاعلام والاعلاميين هم جزء طليعي من معركة محاربة ما يرتكب بحق الوطن، ولذلك عملوا وسيعملون جاهدين على فرض التيئيس على الناس وعلى الاعلام بوجه خاص، كما أنهم سيعملون على جعل هذا اليأس يتمدد، لانهم يدركون ان الصراع معهم يقوم على رفض ذهنية الفرض ومنطق القهر، والذي أفرز عقماً في اجتراح الحلول التي تخدم الدولة بكل تفاصيلها، فمجمل الملفات والقضايا العالقة التي لازال الوطن يعاني منها، مثل البطالة والفقر والجوع وفقدان العدالة الاجتماعية، وتردي الحالة الاقتصادية وفقدان الامن المجتمعي وتوسع نزعة الانتماء للهويات الفرعية على حساب هوية الوطن والمحسوبيات وغيرها من أمراض، هي ناتجة عن هذه السياسات التي جعلت المواطنين أسرى التيئيس، وهي السبب في كل ما حل بالبلاد من تردي.
أخي باسل إن البعض من هؤلاء المسؤولين يرى ظله في الشمس فيظنّ أن الوطن بحجم كفه، وأنه القيّم على الوطن وهو من يحقّ له احتكار الحقيقة، وبالتالي يتصرف على قاعدة أن الإعلام الحر هو مصدر الإغواء السياسي، وهوالمهدد للدولة من ساسها لرأسها، وهو من ينشر الشائعات ضد الحكومة، ويراود الفاسدين عن أنفسهم ويفض شفافيتهم، ويعرقل خطط سير الاصلاح، ويدير الغرف المغلقة والصالونات السياسية ذات "الركاب" من المتقاعدين أو من الطامعين بالسلطة وامتيازاتها، وأن الفساد والإفساد يمر من باب الاعلام، لذلك لا بد من الانقضاض على المؤامرة الإعلامية ووأدِها في أرضِها.
أخي باسل أكرر ما قاله الزميل إبراهيم قبيلات لا تحزن.. فقد كنت ونحن معك وستبقى وسنبقى مع الوطن.. فنحن مع مؤسساتنا دائمًا عندَ خطّ الوطن متى ساورتْه المِحَن، ونحن مع دولة بمؤسساتها القابلة للحياة، دولة لن نتركها تموت، وسنبقى مع مؤسسة الجيش كما كنا دائماً عونا لها، وسنبقى مع مؤسساتنا الأمنية بمختلف تصنيفاتها وعونا لها، ولا يهمنا من يقود هذه الاجهزة في هذه الفترة أو تلك، وسنبقى مع مؤسسة الحكومة إن أحسنت نالت شكرا منا، وإن أخطأت نالت نقدنا، فالوطن عندنا وجد ليعيش ويزدهر ولن نسمح أن يتحول بفضل هؤلاء الى وطن قابل للاندثار.. وسنناضل من أجل أن لايتمكن هؤلاء من الإطباقِ على أنفاسِنا، لانه لا خيار لنا الا المواجهة بالكلمة الصادقة الحرة وعلى اكثر من جبهة ، فسلام عليك يا باسل وسلام لك وللاعلام وللديمقراطية.