عن ضريبة البيانات والاعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي




في السنوات الأخيرة، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي مصدرًا مهمًا للدخل للعديد من الشركات المالكة لها. حيث تحقق هذه منصات التواصل الاجتماعي إيرادات من خلال الإعلانات وجمع البيانات من مستخدميها وبيعها للشركات الاخرى؛ مما احدث قلقا متزايدا بشأن تأثير هذه الممارسات على خصوصية المستخدم والحاجة إلى ضمان الاستخدام الامن للمعلومات من قبل هذه المنصات. ومن الطرق التي تستخدم في معالجة هذه المشكلة هي فرض ضرائب على دخل منصات التواصل الاجتماعي من الإعلانات وجمع البيانات من المستخدمين الأردنيين.

إن فكرة فرض ضرائب على منصات التواصل الاجتماعي ليست جديدة فالعديد من الدول فرضت سياسات لتحصل ضرائب من هذه المنصات عن الاعلانات والبيانات التي تجمعها من مواطني هذه الدول ونفذت عدة دول بالفعل مثل هذه الإجراءات، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والأساس المنطقي وراء هذه الخطوة هو أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تحقق أرباحًا ضخمة بالمليارات من عملياتها في هذه البلدان ولكنها لا تدفع ضرائب كافية فمن خلال فرض ضريبة على هذه الشركات، يمكن للحكومات ضمان مساهمتها العادلة في الاقتصاد. مقابل الاعلانات المجانية والبيانات التي تجمعها من المقيمين ضمن الولاية القضائية لهذه الدول.

يعتبر الاردن من اكثر دول العالم استخداما للشبكة العنكبوتية حيث يستخدم السكان منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع. فوفقًا لتقرير صادر عن Data Reportal ، "هناك 9.95 مليون مستخدم للإنترنت في الأردن في بداية عام 2023 ويبلغ معدل انتشار الإنترنت 88٪ من اجمالب عدد السكان؛ اضافة الى انه هناك 8.61 مليون مستخدم نشط للخلوي في الأردن في أوائل عام 2023". بالإضافة إلى ذلك، واستنادًا إلى تقرير Hoot suit، يستخدم 74٪ من الأردنيين وسائل التواصل الاجتماعي ، مع كون Facebook أكثر المنصات شعبية. مما يعني معدل الاستخدام المرتفع أن هذه الشركات تدر عائدات كبيرة من الإعلانات وجمع البيانات في الأردن. ومع ذلك، لا توجد حاليًا اية آلية معمول بها لفرض ضرائب على هذه الشركات على عملياتها في المملكة. وهذا يعني أنهم لا يساهمون في اقتصاد البلاد على الرغم من استفادتهم من سوقها ومواردها.

ان لفرض ضريبة على منصات التواصل الاجتماعي فوائد عديدة للاقتصاد الأردني فهي أولاً، ستدر إيرادات إضافية للحكومة التي تعاني من ضائقة مالية وتبحث عن اي مصادر جديدة للتمويل الموازنة العامة وهذا الايراد يعتبر جيدا حيث انه لا يفرض اي اعباء اضافية على الاردنيين ولا يكلف الخزينة العامة اي فوائد كما تتطلب القروض التي تحصل عليها الحكومة ويمكن استخدامها لتمويل الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم الذان يحتاجان الى التمويل الضروري للنهوض بهما. ثانيًا، إن فرض مثل هذه الضرتئب سيخلق مجالًا متكافئًا للشركات المحلية التي هي حاليًا في وضع غير موات مقارنة بالشركات الدولية التي لا تدفع ضرائب في الأردن. علاوة على ذلك ، فإن فرض ضرائب على منصات الوسائل الاجتماعية سيساعد أيضًا في حماية خصوصية المستخدم. فعندما تجمع هذه الشركات كميات هائلة من البيانات من مستخدميها دون توفير الشفافية الكافية أو التحكم في كيفية استخدام هذه البيانات فيمكن من خلال فرض ضريبة عليهم للحكومات تحفيزهم على أن يكونوا أكثر شفافية بشأن ممارسات جمع البيانات الخاصة بهم وتزويد المستخدمين بمزيد من التحكم في معلوماتهم الشخصي وكيفية استخدام هذه البانات وحمايتها.

ومع ذلك، فإن تطبيق مثل هذه الضريبة يتطلب دراسة متأنية لعدة عوامل. فأولاً، سيكون من الضروري تحديد المعدل المناسب لفرض الضرائب على هذه الشركات بناءً على عائداتها المتحققة في الأردن وهو ما يتطلب جهود مشتركة للعديد من دوائر الدولة كهيئة الاتصلات ودائرة ضريبة الدخل. وثانيًا، قد تكون هناك تحديات قانونية في تنفيذ مثل هذه التدابير لأن العديد من هذه الشركات تعمل عبر الحدو ويتم تخزين هذه البيانات خارج الولاية القضائية للمملكة مما يتطلب خبرات تكنولوجية لتحديد حجم البيانات التي تجمعها منصات التواصل الاجتماعي من الاردنيين وحجم الدفعات المالية التي تحصل عليها هذه المنصات مقابل الاعلانات من قبل الاردنيين.

في الختام، يمكن أن يكون لفرض الضرائب على منصات التواصل الاجتماعي على دخلها من الإعلانات وجمع البيانات من المستخدمين الأردنيين فوائد كبيرة لكل من الاقتصاد وخصوصية المستخدم. ومع ذلك ، فإنه سيتطلب دراسة متأنية للعوامل المختلفة قبل أن يتم التنفيذ بشكل فعال. إن استمرار تطبيق هذه التدابير على المستوى العالمي يجب ان يشكل حافز للدولة الاردنية وقوة جذب لبدء التبيق على الصعد المحلي؛ ومن الضروري لواضعي السياسات في الأردن أن ينظروا بجدية في هذا الخيار كجزء من الجهود الأوسع نحو التنظيم الرقمي وجهود الإصلاح الضريبي الهادفة إلى ضمان العدالة في جميع قطاعات المجتمع مع تعزيز النمو الاقتصادي في وقت واحد.