هل يتراجع الفيدرالي الامريكي؟
الأربعاء ٢٢ /٣/ ٢٠٢٣ سيجتمع الفيدرالي الأمريكي ليقرر مواصلة اجراءته لكبح جماح التضخم برفع أسعار الفائدة للمرة التاسعة على التوالي او التوقف عن ذلك بعد انهيار عدد من البنوك الامريكية ،مصداقية الفيدرالي على المحك فإذا قرر التوقف عن رفع الفائدة بالرغم من ان التضخم لا زال مرتفعاً ويقترب من ٦٪ فأن ذلك يعني ان الفيدرالي كان مخطئا في سياسته السابقة برفع أسعار الفائدة والتشديد في السياسة النقدية والذي عمل سحب السيولة النقدية من الأسواق وزاد من كلفة الاقتراض وادخل البنوك في ازمة مالية طاحنة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة لنسب وصلت الى ٤،٧٥ ٪ في المقابل فان معظم البنوك استثمرت أموال المودعين لديها اثناء ازمة فايروس كورونا بشراء سندات مالية طويلة الاجل بعائد وصل الى ١،٥ ٪ وبالتالي فان البنوك اليوم تتحمل هامش الفرق بين ما تدفعه للمودعين لديها وبين العاىد من شراء السندات المالية والذي تسبب بأزمة سيولة خانقة مما دفع بعض تلك البنوك لبيع اصوله بخسارة كبيرة لتأمين أموال المودعين ..
الفيدرالي ومعه معظم البنوك المركزية في العالم على مفترق طرق ولا احد يعلم الطريق الصحيح لمواجهة الازمة المالية العالمية فالتضخم مرتفع وعلاج ذلك برفع أسعار الفائدة وهذا الاجراء سينعكس سلباً على البنوك التي استثمرت أموال المودعين سابقاً بعائد منخفض كما سينعكس ذلك على المقترضين والذين لن يستطيعوا الصمود امام ارتفاع أسعار الفائدة المتواصل وبالتالي انخفاض في القوة الشرائية وحالة من الركود التضخمي ستضرب الاقتصاديات العالمية..
محلياً على البنك المركزي الأردني التريث وعدم الاستعجال في اللحاق بالفيدرالي الأمريكي حتى لو اقدم الأخير على رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية كما هو متوقع لان أسعار الفائدة في الأردن اثرت كثيراً على المقترضين الذين يشكلون الأغلبية مما زاد من حجم التحديات التي تواجه المواطنين ورفع كلفة الاقتراض عليهم وزاد من تآكل الدخول وتراجع القوة الشرائية كما سيزيد من تراجع النشاط الاقتصادي لكثير من القطاعات والذي سينعكس على قدرة العديد من المؤسسات والشركات مواصلة العمل في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها الأسواق مما سيؤثر مستقبلاً على البنوك التي ستعاني من تأمين عائد مالي مرتفع للمودعين لديها في ظل ظروف اقتصادية صعبة ..
ضخ مزيد من السيولة وزيادة الإنتاجية وتحرير سوق العمل العالمي وتوقف الصراعات السياسية والاقتصادية وانهاء الحروب القائمة هي السبيل الوحيد لعودة الطمأنينة للأسواق العالمية واستقرار معظم المؤشرات الاقتصادية الأخرى ولكن على ما يبدوا ان العالم يتجه لمزيد من التصعيد وليس التهدئة وبالتالي سيكون هناك المزيد من الضحايا وسنشهد المزيد من الانهيارات في القطاع المصرفي العالمي والقطاعات الاقتصادية الأخرى وبالتالي علينا الحذر كثيراً في اتخاذ أي اجراء قد ندفع ثمنه غالياً.
* الكاتب خبير اقتصادي