قُبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة اليوم.. هذا ما يجب معرفته

تتجه كل الأنظار في عالم المال والاقتصاد اليوم الأربعاء إلى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، فيما يحاول رئيسه جيروم باول تحقيق التوازن بين معركته ضد التضخم والأزمة المصرفية المفاجئة.
 
بدأ باول وزملاؤه اجتماعهم أمس الثلاثاء في ظل غياب استثنائي للوضوح حول النتيجة التي سيخرج بها الاجتماع، فيما يتوقع معظم خبراء الاقتصاد زيادة رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة، وإن كان البعض يقول إنه يتعين على صناع السياسة النقدية التوقف مؤقتاً عن التشديد لتعزيز الاستقرار المالي.

قال ديريك تانغ، اقتصادي في "إل إتش/مونيتاري بوليسي أناليتكس” (LH Meyer/Monetary Policy Analytics): "يقود هذا التوتر إلى قلق حقيقي.. فهل ذهب (صناع السياسة النقدية) إلى أبعد مما يجب، أم لا؟ الأمران كلاهما قد يكونان صحيحين في آن معاً”.

في اجتماع الأسبوع الجاري عنصر مهم آخر، وهو أن صناع السياسة النقدية يتهيؤون لإصدار توقعاتهم المحدّثة عن أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ديسمبر، الأمر الذي من شأنه تقديم لمحة حاسمة عمّا إذا كانوا لا يزالون يتوقعون مزيداً من رفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري أم لا.

من المقرر نشر القرار والتوقعات في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن، حيث سيعقد باول مؤتمراً صحفياً بعد ذلك بثلاثين دقيقة.

ما النتائج المحتملة للاجتماع وفق السوق؟

حتى بعد ظهر أمس الثلاثاء، كانت الأسواق ترجّح بنسبة 80% أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى نطاق يتراوح بين 4.75% إلى 5%، وهو النطاق الأعلى منذ عام 2007 قبيل الأزمة المالية العالمية.

لكن حالة عدم اليقين التي تحيط بالقرار تعتبر الأكثر حدة منذ أن تسبب وباء "كوفيد-19” في تخفيضات طارئة لأسعار الفائدة عام 2020.

تراجعت توقعات رفع أسعار الفائدة بين المستثمرين وخبراء الاقتصاد خلال الأسبوعين الماضيين، على خلفية انهيار ثلاثة مصارف إقليمية أميركية والاستحواذ على البنك السويسري "كريدي سويس”.

قبل أن تندلع اضطرابات البنوك، كان يُتوقع أن يواصل مسؤولو السياسة النقدية -أو حتى يعزّزوا- حملتهم المستمرة منذ عام لرفع الفائدة وكبح زيادات الأسعار.

قال جوناثان ميلر، كبير الاقتصاديين في "باركليز” في نيويورك: "الأمر الصعب أمام لجنة السوق المفتوحة الفيدرالي في الاجتماع الجاري هو الموازنة بين خفض التضخم ومخاطر الاستقرار المالي”.

توقعات لجنة السوق المفتوحة
في أوائل شهر مارس، قال باول إنّ مسؤولي السياسة النقدية قد يرفعون الفائدة إلى مستوى أعلى ما كان متوقعاً في السابق، مشيراً إلى أن "المخطط النقطي” قد يصعد فوق متوسط التوقعات البالغ 5.1% الذي يتوقعه المسؤولون في نهاية 2023. لكن، في حال استمر تشديد الظروف المالية بعد أزمة البنوك، فقد تقلّ الحاجة إلى رفع الفائدة أكثر.

قالت سونيا ميسكن، رئيسة قسم الاقتصاد الكلي الأميركي في "بنك أوف نيويورك ميللون” (BNY Mellon): "لا تكمن الصعوبة هنا فحسب في ما يحدث في الأسواق المالية الآن، وإنما أيضاً في تقدير مدى التقليص المحتمل للإقراض من جانب البنوك نتيجة لذلك”.

يقدّر تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في "أبولو غلوبال مانجمنت”، أن تأثير أزمة المصارف عادَلَ زيادة قدرها 1.5% في المستوى المستهدف للفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.

أيضاً قد يختار الاحتياطي الفيدرالي تعليق توقعاته مثلما فعل في مارس 2020، عندما قال باول إنّ "الآفاق الاقتصادية تتطور يوماً بيوم” بسبب الوباء، وإن تحديد التوقعات في مثل هذه الحالة لا يقدّم أو يؤخّر.

تقول ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في "كي بي إم جي”، إنّ نشر التوقعات الآن "قد يزيد الارتباك أكثر مما يوضح الصورة”.

ما التغير المتوقع في بيان لجنة السوق المفتوحة؟
يُرجح أن يطرأ على بيان لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية تغييرات جوهرية، وقد تختار اللجنة التخلي عن تعهدها "بمواصلة رفع الفائدة” وتستبدل به لغة ألطف أو مشروطة، مع الإبقاء على التلميح بمزيد من التشديد.

ماسك يدعو "الفيدرالي الأميركي” لخفض الفائدة 50 نقطة أساس

علاوة على ذلك، قد يقول الفيدرالي على الأرجح إنه "يراقب من كثب التطورات في الأسواق المالية وتداعياتها على آفاق الاقتصاد”، حسب ميلر.

مَن قد يعترض على القرار مهما كان؟
في ظل مواجهة لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية خيارات صعبة قد يثير القرار اعتراضاً، وهو موقف نادراً ما شوهد في العامين الماضيين. المعارضة لصالح تبني موقف أكثر تساهلاً، قد تأتي من رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستن غولسبي. أما رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كشكاري، فقد يجادل لصالح خطوة أكثر تشدداً.

ما مصير المركز المالي لـ”الفيدرالي”؟
بعد تقليص الفيدرالي المطرد لميزانيته العمومية إثر الخفض التدريجي لحيازات سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة برهن عقاري، عادت وارتفعت مجدداً إلى نحو 8.6 تريليون دولار نتيجة تدابير الطوارئ الأحدث لدعم النظام المصرفي.

مع ذلك، تنظر لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية إلى ما يُعرف بالتشديد الكمي على أنه أمر منفصل يحدث بصمت، والذي يُرجح أن يستمر دون تغيير، حسبما قال اقتصاديون.

قال الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك والمستشار البارز لدى "بلومبرغ إيكونوميكس”، بيل دادلي، في مقابلة مع تليفزيون "بلومبرغ”: "أتوقع استمرار التشديد الكمي”.

ماذا ينتظر جيروم باول في المؤتمر الصحفي؟
سيُمطر الصحفيون باول على الأغلب بوابل من الأسئلة حول تأثير الاضطرابات الأحدث على الأحوال المالية والآفاق الاقتصادية، وما إذا كان يرى مساراً لخفض التضخم دون التسبب في ركود، وفقا لما جاء في موقع بلومبيرغ.

تقول إيلين ميد، أستاذة الاقتصاد في جامعة ديوك، التي كانت سابقاً من بين المسؤولين الكبار في الاحتياطي الفيدرالي، إنّ وظيفة باول هي "الفصل بوضوح بين مسألة الاستقرار المالي والتدابير المتخذة لمعالجتها من جهة، ومشكلات التضخم وقوة الاقتصاد من جهة أخرى”.

كذلك من المؤكد أن باول سيواجه أسئلة صعبة حول سبب فشل المشرفين في الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، في تحديد واستباق مشكلات مصرف "سيليكون فالي بنك” الذي عانى من خسائر في أوراقه المالية عندما ارتفعت أسعار الفائدة. وبّخت إليزابيث وارن، عضو مجلس الشيوخ، باول على "القائمة الصادمة من الإخفاقات” التي تقول إنها ساعدت على إشعال الأزمة الحالية.