هل تكتمل المصالحة ؟



صديق اليوم هو عدو الغد وصديق الغد هو عدو ما بعد غدٍ هذا ما نعرفه في السياسة، ومما لا شك فيه بأن إقليمنا ملتهب وفيه صراعات عديدة منها الوجودي والتوسعي والأيدلولوجي، وإن من أهم أسبابه وجود الكيان الصهيوني وأطماعه التوسعية في المنطقة، بالإضافة إلى أطماع دول عديدة في الإقليم؛ فمنها من يريد الهيمنة ومنها من يريد إعادة أمجاد أجداده، وهنا نراها تفوقت في بعض الأحيان وتراجعت في أخرى، ولكنها اليوم في الحقيقة متفوقة علينا.

والبعض يرى أن أطماع هذه الدولة أو تلك هو حق مشروع لها في ظل تباعدنا العربي وحالة التشرذم الحاصلة، فيما يرى آخرون بوجوب جميع الدول احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل بالآخرين واحترام الدول لبعضها، سواءً كانت هذه الدولة أو تلك قوية وكبيرة أم صغيرة وذات نفوذ على كافة الأشكال والأصعدة.

إذ منذ سقوط نظام البعث في العراق، خرجت العراق معنوياً من الحضن العربي وبرزت السيطرة الإيرانية على كافة أركان الدولة العراقية، وأصبحنا نلاحظ بشكل واضح التبعية السياسية في بعض الأحيان.

وبعد انتفاضة الشباب في الربيع العربي سواءً اتفقنا معها أو اختلفنا، فقد استمرت إيران بمحاولة صعود التيار والهيمنة على عدد من العواصم العربية، وهذا ما حدث في دمشق وبيروت، وأخيراً في صنعاء مع فشلها في المنامة.

اليوم وبعد أحداث عديدة دولية وإقليمية، فإن ساحتنا تشهد تحركات ومحاولات لإعادة التفكير بمستقبل المنطقة والتبعية، فالسعودية وهي الشقيق الأكبر للدول العربية والإسلامية، بدأت تنظر إلى المنطقة بطريقة تفيدها وتفيد الأشقاء العرب وتخفف من وطأة الصراعات في الإقليم وخاصة تلك البارزة بينها وبين إيران؛ فقبلت الجلوس على طاولة الحوار وإعادة التمثيل الدبلوماسي بعد مشاورات ووساطات صينية، بحيث بدأت الصين محاولة لعب دور بارز في منطقة مليئة بالصراعات تاريخياً، ولكن القبول السعودي لن يكون دون تحقيق أهدافه لها بشكل خاص وللمنطقة بشكل عام، وذلك بتخفيف وإنهاء الصراع في اليمن، بالإضافة إلى ضرورة احترام إيران لدول المنطقة وعدم العبث والتدخل في شؤونها الداخلية وغيرها من الأمور التي تعيد ترتيب أوراق المنطقة.

أما عن إسرائيل فلن ولم يعجبها هذه العلاقة والتقارب، وكانت تحاول دائماً تغيير فكرة العدو الأول في المنطقة للعرب منها إلى إيران، ولكن كل ما يهمنا كعرب هو مصالحنا الاستراتيجية، رغم أنني أرى بأن هناك صعوبة لإثبات مبدأ حسن النية من قبل الإيرانيين، وسنشهد في قادم الأيام ما ستخبئه لنا من تحالفات وقوى وتحركات إقليمية جديدة وقديمة.