فاطمة بنت بركة.. "القرنفلة السوداء" والفنانة "جدة التنزانيين"
فاطمة بنت بركة تلقب بـ"القرنفلة السوداء" و"بي كيدودي"، وهو لقب يعني "الجدة الصغيرة"، فنانة أفريقية مسلمة، تنزانية الأصول ولدت عام 1910 في زنجبار وتوفيت سنة 2013، ويعتبرها كثيرون ملكة الطرب الأفريقي وموسيقى الأونياغو. حصلت على جائزة ووميكس العالمية (WOMEX Award) عام 2005 لتأثيرها الكبير على الموسيقى والثقافة في تنزانيا وأفريقيا، وقدمت أعمالا إنسانية كبيرة عدت فخرا للقارة السمراء. اعتبرت المعمرة الأولى في العالم من بين المطربات اللواتي وظفن أغانيهن في نقد المجتمع وفساد الحكّام، حيث كرست "القرنفلة السوداء" فنّها ومسيرتها لنصرة الكادحين وغنّت حتى بلغت 100 سنة من العمر. لها خامة صوتية فريدة من نوعها، حتى إنها سجلت من أندر الأصوات العالمية وصنفت أعمالها من التراث العالمي المحفوظ. لم يعرف لفاطمة بنت بركة تاريخ ولادة محدّد، لكن يرجح أنها ولدت قبل الأوان بعد حمل دام 7 أشهر فقط، في قرية مفاجيمارينو بزنجبار، واختلفت الروايات بين قائل إن ولادتها كانت عام 1910، وبين قائل إنها ولدت بعد ذلك بسنوات. "كيدودي" في اللهجة الزنجبارية تعني الشيء الضئيل والصغير جدا، وهو الاسم الذي رافق فاطمة بنت بركة طيلة حياتها ليذكرها بولادتها المبكرة وبنيتها الجسمانية النحيفة في طفولتها. امتهن والدها بيع جوز الهند في زنجبار خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، وأحبّت الغناء منذ نعومة أظفارها وشغفت به، وكانت تغني في سنّ العاشرة على الموانئ التي يمرّ بها التجار والزائرون لجزيرتها أثناء رحلات التجارة والترفيه. وعرفت بغناء الطرب السواحيلي، لكن الطفلة الموهوبة لم تحظ بالاهتمام آنذاك لأن الجميع كان يتجنبها ولا يقترب منها بسبب ملابسها الرثة التي تظهرها متشردة، وفي بعض الأحيان كانت ترتدي ملابس البحارة ويصعب تمييزها بينهم. كانت تذهب خفية لتجلس أمام بيت فنانة زنجبار الأولى "ستي بنت سعد" لتسترق السمع وتحفظ أغاني هذه الفنانة الشهيرة على الصعيد المحلي، والتي تعتبر أوّل امرأة غنت أمام الجمهور في زنجبار، وهي أيضا أول امرأة تسجل أسطوانة غنائية في شرق أفريقيا. بعد انفصال والديها تزوجت فاطمة بنت بركة في سن الـ13 لكنها قررت الهروب واختارت مواصلة مشوارها الفني، وتزوجت مرة أخرى ولكنها لم ترزق بأطفال. بدأت "كيدودي" العمل مع بعض الفرق الشعبية المحلية وكان ذلك في عشرينيات القرن الماضي، وقدمت حينئذ موسيقى تقليدية تسمى موسيقى الدومباك، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الإيقاعات والطبول الأفريقية، مع أنماط طربيّة كلاسيكية من تراث جزيرة زنجبار السواحيلي.المولد والنشأة
التجربة الفنية