هل فقدت اسرائيل ميزتها التنافسية الاستراتيجية؟.. وما تبعات ذلك؟


في علم الادارة، تعرف الميزة التنافسية للدولة بانها مجموعة عناصر القوة الجوهرية التي تمتلكها الدولة ولا يستطيع المنافسون امتلاكها.. وبالتالي تصبح هذه الميزة التنافسية مصدر القوة والردع. والميزة التنافسية تتطلب جهودا وموارد وقدرات كبيرة وفعالة لخلقها ومن ثم نمط متقن بالغ الكلفة للمحافظة عليها.

امتازت اسرائيل "على الاقل من وجهة النظر الغربية" بانها دولة ديمقراطية يتم تداول السلطة وتوزيع الثروة فيها بشكل سلمي وعادل وتحكم بقوانين وتشريعات تمنع تغول فئة فكرية او سياسية على اخرى..

لهذا السبب بالتحديد تلقت اسرائيل الدعم بكل اشكاله والحماية المتعددة الابعاد من الغرب، اضافة طبعا الى خلفيات دينية وسياسية مكنت هذا الكيان من استغلالها لضمان الدعم الغربي المتواصل لها فبنت جيش قويا ومجمعات صناعية ضخمة ومؤسسات علمية وتكنولوجية متطورة للغاية.

ان من المعلوم ان الدولة، اية دولة تتمكن من المحافظة على كيانها فقط اذا امتلكت ميزة تنافسية لا يستطيع خصومها واعداؤها امتلاكها وتبقى متفوقة على جميع الخصوم الى ان تفقد تلك الميزة التنافسية..

عندما تفقد الدولة تلك الميزة تشرع في عملية التدمير الذاتي عندها تتآكل هيكيلية القوة بشقيها الناعم والخشن وتتدنى المعايير الانسانية والاخلاقية ويتم فقدان القدرات المسؤولة عن الابداع ويتفتت المجتمع الى كانتونات فكرية واجتماعية ودينية متنازعة، وهذا مع حدث مع الحضارة العربية في الاندلس تاريخيا، ويحدث الان في دولة الكيان بعد ان تمكنت فرق سياسية متطرفة من الوصول الى السلطة باستخدام المنهج الديمقراطي المعتمد من خلال صناديق الاقتراع.

شرعت هذه الحكومة المتطرفة بتفكيك نظام الحكم الديمقراطي الذي شكل على مدى سبعين عاما ميزة تنافسية تمكن من خلالها الكيان من البقاء والديمومة.

اذا نجح نتنياهو وحكومته اليمينية من العبث بنظام الحكم وتحويله الى نظام شمولي استبدادي يصبح من المؤكد ان الدولة لن تتمكن من الاحتفال بعيد انشائها الثمانين، وان سلسلة من الانهيارات سوف تتعاقب في السنوات القلقة القادمة ستقود بشكل حتمي الى انهيار هذا الكيان وسيكون احد مظاهر الانهيار، الهجرة المعاكسة من فلسطين المحتلة الى الدول الغربية..

فالمجتمع الاستيطاني كمجتمع الكيان لا يمتلك البعد التاريخي الذي يدمج الفرد مع وطنه ويحفزه للدفاع عنه بالسراء والضراء.. ومجتمع بهذه السمات يبقى الفرد فيه محافظا على انتمائه الوطني ما دام الوطن يزوده بالامتيازات المعيشية ذات المستوى المرتفع وعند فقدان هذه الامتيازات يحزم الشخص حقائبه ويرحل عائدا الى الوطن الذي هاجر منه..


qatamin8@hotmail.com

* أكاديمي وكاتب أردني