المسيحيون والمسلمون العرب أخوة بالدم والقبيلة

 الاعتراف بأن الفراغ الفكري يسجل كل يوم هدفا في مرمى القيم والاخلاق التي تعيشها المجتمعات العربية ليس مجرد هجوم على الحال التي وصلنا اليها ،وهو ليس اعترافا يدخلنا في باب النقد الذاتي أو حتى جلد النفس، بل هومصارحة ومكاشفة لواقع حال أدخلنا اليه نتيجة عوامل عديدة، وحقيقة مرة أصبحت تتعايش معنا على قاعدة أبلسة كل شيء حتى النيات ، بالرغم من أن العالم من حولنا يتشكل على صورة جديدة .. صورة هي أبعد عن كل ما حاول ويحاول البعض ممن يقودون المشهد العربي الان تجريعنا إياه لدواع سياسية أو إرتزاقية، وخاصة في موضوع التفريق بين المذاهب الاسلامية أو الحرب بين الطوائف الدينية .
واذا كان التنوع والاختلاف في العقائد اوالاديان والمذاهب سمة من سماة هذا الكون، وبلادنا مثال يحتذى على التنوع باعتبار هذه الارض هي أرض الرسالات السماوية والاديان والانبياء ،فأن الحديث عن العرب المسيحيين او الاردنيين المسيحيين كما ورد في مقالة شيخ الوفاء والطيب والمواقف الوطنية الوزيرالاسبق الدكتوررجائي المعشر في صحيفة الرأي يوم الثلاثاء الماضي 28/3، هو نفسه الحديث عن العرب المسلمين، الذين يتعرض بعضهم للبعض الاخر بالهجوم وحملات من التشويه على أسس التكفير او الاخراج من الملة او الردة او الاتهام بالشرك وغيرها من الاتهامات التي توسعت مساحتها خلال العقدين الاخيرين من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي ، وخاصة مع تعرض العقيدة العروبية لهجوم حاد وصل الى مرحلة التشويه، شارك بها أنظمة حكم و احزاب شيوعية، وبالتأكيد الاحزاب الدينية المسيحية المتطرفة والاسلامية التي اوغلت في حملاتها ضد فكرة العروبة الموحدة لكل أبناء الامة.
واذا كانت غالبية أبناء الامة من مختلف الطوائف والمذاهب ترفض أن يقوم البعض أيا كان مكانه، ومهما ارتفعت مكانته السياسية اوالدينية ،وفي أي إتجاه تموضع في هذا الكون بوضع اخوة الدم في الطوق الاسود، أو حصرهم في علاقة تعايش على قاعدة "المساكنة" قابلة الانفكاك في أية لحظة ،فأنه لابد من التذكير دائما بأن العروبة كانت سابقة للاديان، باعتبار أن القبائل العربية التي نبتت من هذه الارض هي من جسد الانتماء للارض وللمجتمعات التي أقيمت على سطحها، وتجذرت عبر التاريخ في أعماقها ، بالرغم من التركيبة القبلية لتلك المجتمعات التي اعتنق بعضها الاديان بحسب الفترات الزمنية التي وصلت فيها الدعوات من الرسل والانبياء لاعتناق هذا الدين او ذاك ، وبالرغم من الصراعات التي فرضتها الاحوال المعيشية لتلك المجتمعات ،الا ان كل هذه التركيبات الطبيعية فرضت نفسها دائما تحت ظل القبيلة العربية والتي على أساسها كانت تنشأ التحالفات وخاصة في حال وجود أخطار خارجية بحسب ذاك الزمان وبحسب المكان الذي عاشت فيه تلك القبائل ، بل ان التحالفات التي نشأت ما بعد رسالة الاسلام كانت مرتكزاتها قبلية عشائرية، حيث نجد أن تحالفات الامويين داخل الدولة هي تحالفات قبلية، وهذا ما انطبق على تحالفات العباسيين ودولتهم، ولم يختلف الامرعما سبق الا عندما حكم العثمانيين البلاد العربية فقد تغيرت لعبة التحالفات وأصبح تقديم الولاء الفردي للسلطان العثماني من قبل رئيس هذه العشيرة او تلك ومن هذا المتمول اوذاك هو المحدد لعلاقة الدولة مع المجتمعات قبلية كانت أم حضرية، بل إن بعض القبائل الكبرى التي تصدت لجورالعثمانيين وظلمهم في مراحل معينة تم إعلان الحرب عليها واقصائها من مشهد الحكم في بقاع البلاد العربية المختلفة، وقد استمرت تلك الحال الى أن قام احرار العرب من مسيحيين ومسلميين بالثورة على المحتل التركي.
العودة للتاريخ لفهم كنه العلاقة بين اخوة الدم العرب... اخوة العرق والجنس وكل شيء حتى الروح ، ممن اعتنقوا اديان او مذاهب مختلفة مهم ، لكن الاهم هو أن لا نقع في فخ ترسيم الهوية الوطنية على أساس ضيق سخيف تجرنا اليه من مرحلة الى اخرى ومن زمن الى أخر بعض أجهزة الاستخبارات الغربية ،أو بعض أصحاب المصالح والاجندات الشخصية الظرفية ممن لبسوا ثوب السياسة او الدين الذين يعصفون بكل وحدة أواتحاد،كما فعلوا دائما ما بعد انشاء الدولة الوطنية وبروزالمقاومة ضد المستعمرين الجدد بريطانيين أو فرنسيين أو إسبان وإيطاليين.
اليوم وخلافاً لرياح القلق والذعرالتي إنتابت أو تنتاب بعض الاردنيين في كل فترة زمنية تبث فيها سموم الطائفية اوالمذهبية أوحتى الجهوية ،فأن الحالة الاردنية بكل ما فيها لا تبعث على القلق بالشكل أوالمضمون الذي يحاول البعض تسويقه عبرالفضاء الالكتروني، أو حتى من خلال بعض ما ينشر في وسائل إعلام وازنة، أو حتى تلك التي لا ترى الاردن الا من خلال رياح أوعواصف " مفتعلة" من الاكاذيب والاشاعات وفق تقديرات "أرصاد الفتن السياسية "التي توجه بتشكيل الاجواء الاردنية من الخارج وفق مصالح دول تريد للاردن والاردنيين أن يعيشوا أسرى صناديق من الاحتباس الثقافي الوهمي الضيق القائم على أفكارعدمية ،فنحن كأردنيين نفهم صحة الكيان السياسي والجغرافي الاردني، ونفهم فرادة عيشه الواحد، وندرك أهميتة في هذا الشرق موئل الحضارات والثقافات والأعراق، وسنبقى ندعو وبلا تردد الى وضع القوانين ومحاسبة كل من يظهرفي حركات شفتهه أو كلامه او عمله اية إيحاءات للفتنة أوكل من يحركها أويحاول تحريكها،فمثل هذه التصرفات إن حدثت لا تحتمل السهو أو الخطأ.
واليوم أستطيع أن اقول للقامة الوطنية الدكتوررجائي المعشر ولكل الحريصين على الاردن مهما اختلفت طوائفهم أومذاهبهم ، ان في الاردن غالبية من الشعب تقف عند حدود السيادة، والواجبات الوطنية والحقوق للجميع بالرغم من محاولات البعض رسميين كانوا، أوممن يحملون بصمات عقائدية تعمل على أبلسة المواطنيين على أسس طائفية أو جهوية ،فنحن كأردنيين كتبنا ونكتب رسائل أعمق من كل الاديان والمذاهب...... كتبنا رسائل الجذورالعربية الواحدة ، ورسائل مقارعة ومحاربة الاستعمار في كل العالم العربي،وكنا وما زلنا ابناء قبائل وعشائر عربية واحدة لن تفرقها الطوائف والمذاهب ، وكتبنا ايضا أن الدين لله والوطن للجميع، وستبقى الأجراس تقرع والتكبيرات في المآذن ترفع، ، والنطق بالحق لا بد من أن يسمع، وأما الباطل الذي نطق أو ينطق به البعض فلن يسفر إلا عن باطل ما يلبث ان يندثر .