غلاء الاسعار سرطان يتفشى في جسد الوطن مبددا طاقته على الصبر والتحمل



 طلعت أرواح غالبية المواطنين، والمتبقي فقط أعلان الوفاة رسمياً بمرض الافلاس.. وأي غرف أنعاش لم تعد تجدي لانعاش النفوس المنكسرة، أو الجيوب الخاوية المتجهة بشدة نحوالفقرالمدقع والعوز الدائم، واستمرارمشكلة البطالة وتوسع قاعدتها، والارتفاع الجنوني لأسعار السلع التي وضعت المواطن في قعر زجاجة، بحيث ينتظر الموت في أية لحظة مطلبية هامة لاسرته .... 
مشهد غلاء الاسعار الذي داهم الناس منذ ما قبل شهر رمضان بشهور عديدة وما زال مستمرا، وينغص عليهم ما تبقى من أيام هذا الشهر المباركة ، بل يلاحقهم حتى على مشارف عيد الفطر ،لايمكن تغطيته بغربال،  فغياب وزارة الصناعة والتجارة المعنية بالاسواق عن التغطية، جعلت تجار الازمات والفرص يتحكمون بالاسعار، فأكلوا ألأخضر واليابس ،لأنه كما هو واضح ايضا أن لا اجراءات حاسمة من قبل الوزارة تمنع هذه القلة الصغيرة من الشعب من التحكم بحياة الناس فتحولت هذه الفئة الى فرقة ضاربة من "فصيلة الجنجويد"  عملت وتعمل على تحويل الوطن الى حظيرة لهم أكلوا ويأكلون منها ما تيسر لهم قبل النفير العام نحو الخارج الموعود .
  وفيما وزير الصناعة يداوي الواقع المر بكلام منمق من هنا وبشعارات طنانة من هناك، ويعلن في كل إطلالة إعلامية له أو لفريق وزارته ان الامور بخير وان لا غلاء في الاسواق والمواد متوفرة ، يأتي الجواب من صرخات وأوجاع الناس في الاسواق عكس كل ما يتحدث  به الوزير وفريقه.
 ازمة الاسعار كشفت لنا واعتقد لرئيس الحكومة ولكل صناع القرار ان هناك بعض المسؤولين في هذه الحكومة اشد فتكا من  الفايروس المستبد " كورونا  " حيث اخفقوا بحساب الارتدادات الاجتماعية لما سيعانيه الوطن من  ترك السوق على "الغارب" لكل مستغل أو لكل محتكر،ولذلك لم  نشهد أية تراجعات في للاسعار طيلة أيام الشهر الفضيل ، كما لم نشهد توفر مادة الدجاج "على سبيل المثال" في كل المناطق ،واذا توفرت كما حصل خلال الايام الماضية، فان الوزن كان يتراوح بين 850 غرام و 1000غرام ، وهذا الوزن شامل العظام والجلد، ما يؤكد ان صافي الدجاجة لا يكفي طفلا صغيرا ،وبالتالي فأن الاسر الفقيرة اوعمال المياومة او أصحاب الدخل المحدود وغيرهم من المتعطلين عن العمل لا يمكنهم شراء ما يكفي لاسرهم من هذه المادة الاساسية للغالبية العظمى من أبناء الوطن، الذين لا إمكانية لهم من الاقتراب من اللحوم الحمراء التي ارتفع سعرها بطريقة جنونية ، طبعا دون أن ننسى ارتفاع اسعار الحليب المجفف بما يقارب 50 % الى او 60 %  وايضا ارتفاع اسعار الخضار والفواكه التي اصبح شراء بعضها يدخل في باب التفاخر الاجتماعي لدى البعض . 
  الاسعار ترتفع بلا أفق وكل الفذلكات والاستعراضات الاعلامية لم تستطع ترويض أو لجم ممارسات بعض التجار في الاسواق ، فكل الحلول التي أدعت الوزارة انها ممكنة لوقف هذا التمرد على القوانين لم تعد مجدية ، ولا سبيل لاخراج الناس من جحيم الاسعار الا باتخاذ اجراءات  حازمة مالية ، بل وحتى استخدام  قانون الدفاع ضد من يتلاعب بالاسواق لانقاذ ما تبقى من البلاد ورحمة بالعباد،  فالمواطن المكشوف ظهره لكل سيوف ورماح الاجراءات الظالمة التي تفرضها الوزارات، يحمل احمالا تنوء عن حملها الجبال ، فيما بعض الوزراء ممن يمكن وصفهم بمثيري الغضب الشعبي يتهربون من حمل جزء يسير من مسؤولية الاستحقاقات المعيشية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عبر اتخاذ قرارات تنحاز للشعب وليس  قرارات تصب في صالح جيوب بعض تجار الفرص والازمات ، فاحوال الناس لا تعالج بإستخادم الشعارات الشعبوية او "الاستعراضات الاعلامية  التي لا تطعم جائعا واحدا... ولا تدفع فاتورة كهرباء أو يجار المنزل...ولا توفر دواء لمريض ممن هو خارج تغطية التأمينات... ولا تدفع اقساط الجامعات.... ولا توفر كسوة من الملابس "البالة"المستعملة،  فأزمة الاسعارأصبحت بالنسبة لغالبية المواطنين كأنما هي سرطان يتفشى في جسد الوطن يبدد ما تبقى لهم من طاقة على الصبر والتحمل!