ليس دفاعاً عن عزمي محافظة، ولكن الحقائق يجب أن تقال
حاولت أن اتجنب الكتابة حول موضوع (تقييم رؤساء الجامعات) وذلك لأسباب خاصة يعرفها أصدقائي وزملائي في جامعة اليرموك، ولكن كمتابع للشأن العام ومدافعاً عن المصلحة العامة ، وكناشط أكاديمي، فقد تابعت خلال الأيام الماضية كثيراً من ما كتب حول الموضوع، وللإنصاف فإن بعض ما كتب كان منصفاً وداعماً للحركة الإصلاحية التي تحتاجها بعض جامعاتنا العتيدة ، بالمقابل وللأسف فإن بعض مما كتب كان متحاملاً ومتحيزاً وأقرب ما يكون إلى الردح والتشهير بحق القائمين على عملية التقييم وفي مقمتهم معالي وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة ، مع ما يتضمنه ذلك من إنكار واضح للحقائق التي ستبقى حقائق لا يمكن حجبها او التغاضي عنها.
إن محاولات البعض تأويل عملية تقييم رؤساء الجامعات وتفسيرها على هواهم وبما يخدم اجنداتهم الخفية ومصالحهم الشخصية لا يمكن أن تنطلي على أحد، وخصوصاً عندما يصل الأمر عند البعض إلى محاولة تشويه صورة وزير التعليم العالي عزمي محافظة وتصوير دوره الإصلاحي (عملية التقييم) بأنه مقصود نتيجة ثارات وخصومات شخصية وتصفية حسابات بين الدكتور عزمي وبعض رؤساء الجامعات، ولما كان لا يمكن الصمت على مثل هذا الافتراء، لابد من التذكير بالحقائق التالية:
أولاً: الدكتور عزمي محافظة من علبة الشعب، أكاديمي مرموق، ورجل دولة وازن ومعتدل ، وهو كرئيس لمجلس التعليم العالي يمارس الولاية العامة من خلال رقابة المجلس على الجامعات الأردنية، وعملية التقييم إجراء اعتيادي سبق وأن تم إجراؤها أكثر من مرة خلال السنوات السابقة، فهي ليست بدعة من الدكتور عزمي محافظة.
ثانياً: لا ينكر على عاقل النتائج الإيجابية لعملية التقييم في السنوات السابقة، حيث كان لها دور كبير في تخليص بعض الجامعات ممن قصروا في إدارتها و/أو عاثوا فساداً فيها، فالرئيس موظف كغيره لابد وأن يخضع للتقييم، فالعصمة من الخطأ والتقصير انتهت بوفاة رسولنا الكريم.
ثالثاً: أن عملية التقييم شاملة لجميع رؤساء الجامعات (أي لعشر رؤساء) دون تمييز او استهداف لأحد كما يحول للبعض تصويرها، فمن " يرسب" في التقييم لابد وأن يرحل فوراً، ودون تبرير او تأخير ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نضحي بمؤسسات وطنية من أجل أشخاص عابرون، فالمؤسسات باقية والأشخاص زائلون.
رابعاً: إن عملية التقييم ليست عملية ارتجالية ولا ينفرد في القرار او الراي بشأنها شخص أو قلة، وإنما هي عملية متكاملة تشارك فيها جهات رقابية وإشرافية وذات تماس مباشر مع الجامعات، وبالتالي فإن هناك توافق بين مؤسسات الدولة على عملية التقييم باعتبارها ضرورة لضبط السياسة العامة في الجامعات ومنع الانحراف.
خامساً: للأسف بعض من رؤساء الجامعات لم يكونوا بمستوى الثقة الملكية، بحيث أداروا الجامعات بطرق أبعد ما تكون عن المؤسسية والأكاديمية، وذلك على النحو الذي وثقته تقارير الجهات الرقابية الرسمية، وليس من المعقول أن يتم غض الطرف عنهم، وفي المقابل فإن قلة من رؤساء الجامعات كان أدائهم جيداً، وبناء عليه ليس من المعقول أن يبقى الصالح والطالح والحولي بسعر امه.
سادساً: وللأسف فإن ما يزيد من الطين بلة أن بعض من مجالس الأمناء لا تقوم بالدور المنوط بها و/أو خاضعة لهيمنة وتغول رئيس المجلس الذي قد يكون متواطئ من رئيس الجامعة طالما أن الأخير يلبي طلباته، ويحقق مصالحه ، وبالتالي فإن مجالس الأمناء أصبحت بعيدة عن رسم سياسة الجامعة وتقييم قياداتها، وهذا الأمر بات مكشوفاً وواضحاً في بعض الجامعات، وسيكون له آثار كارثية إذا لم يتم تداركها الآن.
سابعاً: بعض الجامعات تتخبط وتفتقر للقيادات الوطنية المخلصة القادرة على انتشالها من عثراتها، والحقيقة أن بعض الجامعات تعيش أوضاعاً مأساوية على كافة الصعد، وقد ابتليت برؤساء لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية وصورهم الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم أعلن أن جامعته ميؤوس منها ولا سبيل للنهوظ بها ! فهل يمكن إبقاء هذا النوع من الرؤساء على رأس هذه الجامعات ؟
وأخيراً: فيما يتعلق بتعيين الرئيس بإرادة ملكية لمدة اربع سنوات، فإن البعض يتوهم بأن الإدارة الملكية كما لو أنها صك غفران لرئيس الجامعة او شيك على بياض، وهذا فهم قاصر وخاطئ للإرادة الملكية، ولنا بقول جلالة الملك عبرة عندما أكد جلالتة مرات عدة على ضرورة إقصاء المقصرين دون استثناء وإفساح المجال لمن يريد العمل للمصلحة العامة.
هذه بعض الملاحظات السريعة على عملية التقييم، ولا أعرف ما هي السلبيات التي يمكن تسجيلها على الدكتور عزمي محافظة، إلا أن بعض المتكسبين أو المتأولين أو المتصيدين يسعون لإعاقة عملة التقييم، ولا بل وإدانة عزمي محافظة مسبقاً قبل إعلان نتائج التقييم، وللأسف فإن بعض من كتب عن الموضوع كان متحاملاً ويسعى للإثارة وذهب إلى أبعد ما يمكن في إطلاق الأحكام وتوجيه أصابع الاتهام من أجل دراهم معدودات ! يا حيف.