تحولات كونية كبيرة تتطلب من الاردن استدارة استراتيجية لا رجعة فيها..




ثلاثة عناصر تتشكل وتتجذر على ساحة الصراع الدولي الكبير الذي نشهده منذ اندلاع الحرب في اوكرانيا. العنصر الاول يتلخص في ان الحرب في اوكرانيا انتجت حالة من تشظي قوة الردع الامريكية الناعمة حول العالم شيئا فشيئا واخذت تضعف "قوة الهيبة" الامريكية الواسعة على مناطق متعددة من العالم ومنها بالطبع المنطقة العربية.

اما العامل الثاني فهو انتقال بؤرة التركيز الاستراتيجي الغربي على نقطتي الصراع الراهنة في اوروبا وبحر الصين الجنوبي على حساب التمركز الاستراتيجي لامريكا في المنطقة..

والعامل الثالث والاخير ان الصراع العربي الصهيوني اخذ بالتحول من صراع بين المقاومة الفلسطينية واسرائيل الى صراع عربي اسلامي اسرائيلي مع بعض الامتدادات الاولية دوليا.

استجابة لهذه التطورات شرعت دول عربية عديدة الى تمتين عمليات التنسيق الاستراتيجي فيما بينها واخذت باطفاء الخلافات التي كانت عميقة فيما بينها فتصالح الجميع مع الجميع في عملية تموضع استراتيجي صارت ممكنة في ظل ضعف قدرة امريكاعلى اجبار هذه الدول على ان تبقى بعيدة عن بعضها البعض اضافة الى الدور الصيني والروسي في تحفيز الاطراف على التقارب والتنسيق تناغما مع التطورات في ساحات متعددة حول العالم..

فتصفير المشاكل بين تركيا والدول العربية والمصالحة الاستراتيجية بين السعودية وايران خلقا واقعا استراتيجيا جديدا اذا استغل بالشكل المناسب سيصيب الوزن الاستراتيجي لاسرائيل بضربة عميقة ستقود حتما اذا استمرت الى ان تتحول تلك الضربة الى ضربة قاضية في لحظة تاريخية تشهد ضعفا ضخما ومتصاعدا في قدرات الهيمنة الامريكية وتفككا كبيرا في "الوزن الاستراتيجي" لاسرائيل..

تزامنا مع كل هذه التطورات شهدت الكثير من الدول العربية وايران وتركيا انشطة كبيرة لاستغلال اللحظة التاريخية السانحة الا الاردن الذي فضل البقاء في المربع ما قبل انتشار هذه التحولات واذا استمر في حالة السكون تلك فسيرتكب خطأ استراتيجيا مخيفا سيدفع به بعيدا على هوامش التطورات المستقبلية الكبرى..