مرثية ليث الشبيلات
(في رثاء المناضل الكبير ليث شبيلات رحمه الله)
كَم فَرَّقَ المَوتُ خِلاناً وأَصحابا
وَشَتَّتَ المَوتُ عُشّاقاَ وَأَحبابا
كُلٌّ مُصيبَتُهُ في بَيْيتِهِ هَجَعَتْ
وَلا تُجاوِزُ في أَثقالِها البَابا
لكِنْ مُصيْبَتُنا في الّليثِ ثائِرَةٌ
وَلَيْسَ تَعرِفُ أَوطاناً وَأَبوابا
ريْحُ الصَّبا عَبِقَتْ مِنْ نُبلِ مُهجَتهِ
فَاَيُّ أَوطانِنا يَأتيْ لَهُ طابا
وَقَد لَبِسنا على أَدرانِنا خِرَقاً
وَما ارتَديْنا لِذاكَ الطِّيبِ أَثوابا
وَقد يَجودُ زَمانٌ نَحنُ نَمقُتُهُ
بِمَن نُحِبُّ وَلكِنْ وَعيُنا خَابا
إِنّا حَجَبنا بِنا عَنْ أَرضِنا مَطَراً
وَلَو رُوَينا لَضَجَّ القَفرُ إِخصابا
يا لَيْـثُ إِمضِ فَقَد أَتعَبتَنا خَجَلاً
مِنّا وَمِنكَ وَما أَبقَيْتَ أَعصابا
يا لَيْـثُ دَعنا فَما مِنا لَها عُمَرٌ
وَلا عَليٌّ وَلا الصِّدّيقُ أَصحابا
إِنّا فَريقانِ قَد أَلفَيتَنا زَمَنَـاً
إِمّا عَبيداً وزُعراناً وَأَذنابا
أَو طَيّبينَ تَفَرَّقنا لِخَيبَتنـا
مُنَظِّرينَ وَجَبهاتٍ وَأَحزابا
تُهْنا وَتاهَ بِنا الأُردُنُّ وا أَسَفا
حَتى غَدا مِزَقَاً تَبلى وأَسلابا
وَطُغمَةُ الشَّرِّ ما زالتْ تُمَزِّقُهُ
وأَودَعَتْ في نِياطِ القَلبِ أَنيابا
وَلَيسَ نابُ العِدا أَدمى حُشاشَتَهُ
لكِنْ فَسادٌ بِنا عَن نابِهمْ نابا
يا مُتعَبَ القَلبِ إِنَّ القَلبَ أَتعَبَهُ
ما أَتعَبَ القُدسَ خُذلاناً وَإِرهابا
وَكيفَ يَصفو فُؤادُ الحُرِّ في دَعَةٍ
وَقد جَعلتَ لها في الرُّوحِ مِحرابا
وَكيفَ يَصفو وَجُلُّ الناسِ قَد عَبَدوا
كَالجاهليَّةِ أَصناماً وَأَنصابا
وَكيفَ يَصفو وَما مِن صاحبٍ خَفَقَت
يَداهُ لَمّا دَعوتَ الصَّحبَ إسهابا
فَما أَجابوا نِداءَ الحَقِّ وَالتَزَموا
صَمتاً يَقولُ لَقَد أُثكِلتَ أَصحابا
وَاليومَ جاءوا إلى التأبينِ دامِعَةً
عُيونهمْ مَلَأَتْ بِالزِّيفِ أَكوابا
شابوا وَما كَبِرتْ أَحلامُهمْ أَبَداً
ولابِثينَ على الإِرجافِ أَحقابا
تُريدُهُمْ أَنتَ أَنصاراً لِمَوطِنِهِمْ
وَهُم يُريدونَ أَموالاً وأَلقابا
يا لَيثُ ما مُتَّ حَتّى لَوْ سَكَنتَ ثَرىً
وَهَلْ تَموتُ الرّؤى إِنْ رائِها غابا
أَنتَ ارتَحلتَ إِلى دارٍ بِها سَكَنٌ
وَقَد بَقيْنا هُنا في التّيهِ أَغرابا