يوم العمل العالمي والبرامجية الحزبية


من الصعب القول اليوم أن يوم العمل العالمي هذا العام يأتي في ظروف إستثنائية، فالظروف الإستثنائية أصبحت ظروف عادية إعتاد عليها العامل والمواطن الأردني والظرف الإستثنائي أصبح الظرف العادي، الظرف العادي لم نعد متعودين عليه، الظروف التي تمر بها المنطقة والوضع العالمي غير المستقر والوضع المحلي والذي إزداد سوءً لهذه الظروف المحيطة والعالمية زادت الكثير من الأعباء والتي كنا نعاني منها بالأساس وذلك لسوء الوضع والظروف الإقتصادية والمالية والإدارية في مختلف القطاعات.

الضائقة التي يمر بها الوطن والتقلص الدائم للمساعدات الخارجية يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا كأردنيين، لكننا نستطيع تحويل التحديات الحالية نحو مستقبل أفضل يمنح أبنائنا الفرص التي يستحقونها وتليق بهذا الوطن، اليوم غالبية أبنائنا يحلمون بالهجرة، الموجودون أصلاً خارج الوطن لا يرون فرصاً لهم للعودة، الكثيرين من أصحاب العمل أغلقوا مؤسساتهم وجزء كبير منهم أصبحوا ملاحقون لعدم قدرتهم على الوفاء بإلتزاماتهم سواءُ من البنوك أومن القضاء نفسه، مؤسسات ومنشآت أغلقت وأفاضت سوق البطالة بجيش جديد من الأردنيين العاطلين عن العمل. الحالة التي وصل إليها المواطن الأردني من فقدانه للثقة في مختلف المؤسسات الرسمية والشعبية نكون بذلك قد وصلنا للوحة شاملة من الصعب قرائتها وتحليلها أو فك تشفيراتها.

هذا ما كتبته في يوم العمل العالمي في العام الماضي، لم يتغير شيء بإستثناء شيء واحد وهو وجود الأحزاب البرامجية اليوم والتي من المكن إن عملت بالطريق الصحيح لربما مدت يد العون للوطن بوضع البرامج والتي من الممكن أن تخرجنا من عنق الزجاجة كما وصف الحال أكثر من مسؤول سابق، لأنه لا يخفى على أحد أن السبب الرئيس لما وصلنا إليه هو دوماُ غياب البرامج، الحكومات التي تأتي وتذهب كل وزير بها يحمل برنامجاُ يختلف عن الآخر وليس برنامجاً شمولياً لكل الحكومة مجالس النواب المختلفة كل نائب يحمل برنامجاُ يختلف عن برنامج زميله والكتل التي تجمع النواب ببرامجهم المختلفة ستبقى كتلاً هلامية إن لم تكن مجمعةً على برنامج واحد وهذا لن يتأتى إلا عن طريق الأحزاب، كل ما حدث لغاية اليوم زاد من فقدان الثقة لدى المواطن الأردني بجميع المؤسسات.

في ظل وضع كهذا كان لا بد قرع الجرس، الإصلاح أصبح ضرورة وليس ترفاً واليوم نحن نملك (نظرياً) قوانين ومخرجات الإصلاح السياسي والإقتصادي والإداري لوضع خارطة طريق شاملة للوصول لدولة الإنتاج والمؤسسات القوية، لإصلاح منظومتنا الإقتصادية الإجتماعية والتي تعيش كما هو الحال في دول كثيرة من العالم واحداً من أسوأ مراحلها، فنحن نشهد ركوداُ وعجلة التنمية والإنتاج عندنا متعثرة لدرجة كبيرة حيث خسر الكثيرين عملهم نتيجة لهذه الظروف، لذلك لا بد من البدء بالإصلاح السياسي الشامل والذي يشكل حجر الأساس ويعتبر أم الإصلاحات جميعها.

اليوم الهدف الرئيس لمنظومة الإصلاح هو إشراك المواطن بصنع القرار من خلال برامج خلاقة هدفها النهوض بالوطن والتخطيط بطرق صحيحة ومراقبة الحكومات في تأديتها وتنفيذها للبرامج الموعودة. هذا الدور يقع على الأحزاب وهي التي ستقوم بوضع البرامج، الأحزاب بمختلف لجانها تضع برامج لمختلف مناحي الحياة في أي دولة بمشاركة المواطنين، حسب القواعد والأسس الجديدة التي وضعت لقانوني الأحزاب والإنتخاب، الأحزاب لها مقاعد برلمانية وستستطيع من خلال المجالس النيابية تقديم هذه البرامج وتشكيل الحكومات لتنفيذ البرامج التي أنتخبت على أساسها، الفيصل يجب أن يكون صناديق الإقتراع.

في عيد العمال نرى ان مجال التغيير واسع جدًا، نحن بحاجة لثورة بيضاء، قالها تكرارًا جلالة الملك وأوضحها في أوراقه النقاشية وخاصة في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي الاجتماعي، الظروف متوفرة اليوم لهذا التغيير وتكمن في العمل لتحريك عجلة الإنتاج في القطاعات المتمثلة بقطاعات الصناعة والنقل والزراعة والسياحة وهي القطاعات المحتاجة للدعم.

الثورة البيضاء تتمثل بإجراءات لمساعدة هذه القطاعات والتي لا تستطيع اليوم منافسة المنتجات المستوردة للتخفيف عن كاهلها ودعم المنشآت لإستمرار وجودها من أجل حماية العاملين بها، والحفاظ على وظائفهم وتوسيع الحماية الإجتماعية وتقديم الإعفاءات المالية والضريبية خاصةً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاعين الزراعي والصناعي والذي سيكون لها أكبر الأثر في الحد من البطالة وإستمراريتها بالعمل، تكمن أيضاً بتحديث التشريعات التي تحولنا من دولة ريعية إلى دولة الإنتاج، لا يمكن بظل بعض التشريعات الموجودة وبوجود بعض أهم الدوائر الأردنية المعنية بالعمل أن يتخلى المواطن الأردني عن مفهوم الريعية المتجذر في مجتمعنا، السر يكمن إذاُ بوضع البرامج الحزبية كما يحدث في الدول الديمقراطية والتي تنعم بإستقرار سياسي إقتصادي.

عاش الاول من أيار عاشت الحركات العمالية والإنتاجية.