"رهنت أبنائي للثأر".. هكذا ردّت زوجة الشيخ خضر عدنان على خبر استشهاده
-على خبر "الموت" استيقظ الطفل عبد الرحمن خضر وأشقاؤه الثمانية، وبدل تجهيز أنفسهم والاستعداد للمدرسة كما جرت العادة يوميا، تسمَّروا داخل منزلهم حزنا بعد سماعهم خبر استشهاد والدهم الشيخ خضر عدنان في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد 87 يوما من الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، جاء الخبر المؤلم من حيث يقبع الشيخ عدنان (44 عاما) مصفّدا بالقيود في ما يسمى "عيادة سجن الرملة". وأعلنت مصلحة سجون الاحتلال استشهاده فجر اليوم الثلاثاء لتعيش أسرته حالة مزدوجة من الحزن والفزع، ويسقط الخبر كالصاعقة على كل الفلسطينيين.
"الشهادة.. أقصى ما تمنى"
ورغم صعوبة الحدث ووقعه الأليم عليها، تحدّثت رندة موسى زوجة الشيخ خضر عدنان، وأكدت للجزيرة نت ما أعلنه الشيخ منذ اللحظة الأولى لاعتقاله في الخامس من فبراير/شباط الماضي حين شرع في الإضراب عن الطعام، وقال إنه سيستمر في ذلك حتى "التحرر أو الشهادة، وبكلا الأمرين نصر".
وقالت زوجته إن الشهادة هي أقصى ما تمناه الشيخ خضر، وأن المضي إليها كان قراره منذ البداية. وأضافت "نحن كعائلته وأبنائه خسرناه، وهناك من خذل وتجابن ولم يفعل شيئا لنصرته في إضرابه الذي خاضه من أجل الحرية".
وبشيء من القهر تحدثت رندة، وقالت "لدي 9 أطفال، ومن أصغرهم لأكبرهم لن نسامح أحدا كان بوسعه رفع الظلم عن الشيخ خضر ولم يفعل".
وتابعت أنه ورغم حالة الألم التي كان يعيشها الشيخ خضر في إضرابه وذوبان لحمه وشحمه، تُرك للسجانين يتلقفوه حتى نال الشهادة. و"يؤلمنا حقا عدم التحرك لنصرته وكأننا استبرأنا لأنفسنا أن يكون أبناؤنا داخل السجون ويظلوا رهن الاعتقال".
"احفظوا وجوه أبنائي"
وأكدت زوجة عدنان ما أعلنته سابقا وخلال اعتصامات لنصرته وللتضامن معه، أنها لن تفتح بيت عزاء لاستقبال المعزين في زوجها. وقالت "لن نتقبل التعازي حتى يكبر أبنائي ويأخذوا الثأر". ووجهت رسالة مباشرة للاحتلال وقالت "فليحفظ الاحتلال وجوه أبنائي وأسمائهم، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي".
وعن اللحظات الأخيرة للشيخ خضر عدنان، قالت زوجته إن حالته الصحية تدهورت على نحو كبير الأحد الماضي، وهو ما دفعه لتوجيه رسالة قاسية، قال فيها "أنا أستشهد، أنا أموت".
ومنذ إضرابه في فبراير/شباط الماضي، حشدت زوجته من منزلها في بلدة عرابة (قرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية) ومرورا بالمسجد الأقصى بالقدس وانتهاء بسجن الرملة في داخل الخط الأخضر المناصرين له، واعتصمت دعما له، وجابت وأطفالها شوارع الضفة الغربية ومدنها وقراها، وكان أبرزها ليلة عيد الفطر، حين تظاهروا وسط رام الله مفترشين الأرض وملتحفين السماء، حيث حذّرت من خطر محدق بالشيخ ومن إمكانية استشهاده في أية لحظة.
وصباح اليوم الثلاثاء، نعت مكبرات الصوت في مساجد بلدة عرابة وكل المناطق الفلسطينية الشيخ خضر عدنان، وسط حالة من الإضراب والحداد الواسعين في معظم أرجاء الضفة الغربية، كما تقاطر أهالي بلدة عرابة ونشطاء من مناطق مختلفة إلى منزل الشيخ خضر معلنين مؤازرتهم عائلته التي خيّم الحزن عليها.
اغتيال مع سبق الإصرار
واختزل رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس المشهد قائلا إن ما حصل للشيخ خضر عدنان هو "اغتيال وإعدام مع سبق الإصرار والترصد". وأضاف أن الشواهد على ذلك كثيرة وبدأت "باعتقاله واستدراجه للإضراب ليقتلوه ويغتالوه".
وتابع فارس في حديث للجزيرة نت أن "تلفيق التهم والعزل بزنازين سجن الجلمة ثم في زنازين عيادة سجن الرملة مكبلا طوال 87 يوما رغم الحاجة لنقله إلى مستشفى مهيأ طبيا وقادر على التعامل مع أي تدهور في صحته؛ أكد نية الاحتلال المبيتة لقتله".
وعن حالة الخذلان التي عاشها الأسير خضر عدنان رسميا وفصائليا، قال فارس إن استشهاد أي أسير يجب أن يشعل ضوءا أحمر أمام الحالة الوطنية الفلسطينية ككل من أجل عدم المراهنة بشكل مطلق على محاولة الأسير تحرير نفسه بنفسه.
وقال رئيس نادي الأسير إن ما عاشه الأسير خضر عدنان هو حالة عامة يعيشها الأسرى جميعا، لا سيما المرضى منهم والمضربين عن الطعام الذين يواجهون الخطر كل لحظة.
وأشار فارس إلى أن حالة من الغضب الكبير تعم السجون الإسرائيلية، وأن الأسرى يشعرون بصدمة كبيرة، وأعلنوا الاستنفار بكل أشكاله داخل السجون. وقال إن المطلوب هو ردع الاحتلال وتوجيه رسائل له بأن الدم الفلسطيني ليس مستباحا، "كي لا يتم استسهال قتل الفلسطينيين وإراقة دمائهم بالمجان كما تريد قيادات الاحتلال المتطرفة داخل السجون أو خارجها".