النسور يكتب في اليوم العالمي لحريّة الصحافة: نحتاج تشريعات صارمة لحماية حرية الاعلام
خاص - كتب رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان، محمد علي النسور -
تشكّل الصحافة الحرة والمستقلة وغير الخاضعة للرقابة حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية. ويمكن أن توفر معلومات منقذة للحياة في أوقات الأزمات وأساسًا للمشاركة العامة، وأن تساهم في ضمان المساءلة واحترام حقوق الإنسان.
يتيح اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة للاحتفال بهذا العمل الأساسي؛ ولا سيّما اليوم على وجه التحديد، بما أنّنا نحتفل باليوم العالمي الثلاثين لحرية الصحافة والذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبهذه المناسبة وجّه المفوّض السامي فولكر ترك رسالة مسجّلة، ندّد فيها بالهجمات والإعتقالات والمحاكمة الجنائية الموجّهة ضدّ أيّ صحفي، ممّا يكبح الصحفيين الآخرين ويثنيهم عن رفع تقارير تنتقد القضايا البارزة. وبالتالي، تؤدّي هذه الممارسات إلى تقويض النقاش العام وتعيق قدرتنا على الاستجابة بفعالية للتحديات المجتمعية. فإسكات أيّ صحفي خسارة للمجتمع ككل.
وقال ترك أنّ "حرية التعبير ليست مجرد حق أساسي، بل أنّها شريان الحياة الذي يغذي المجتمعات الصحية والحضرية. بدون حرية التعبير، لا يمكننا محاربة الظلم وإحداث التغيير والانخراط في المناقشات التي تجعلنا بشرًا بشكل أساسي. بدون حرية التعبير، لا يمكننا محاسبة من هم في السلطة."
كما عبّر عن قلقه البالغ تجاه تصاعد إغلاق مساحات حرية التعبير، "خاصّة في ما يتعلّق بالصحافيّات اللواتي يعملن في خوف من العنف والمضايقات."
ومن أجل الاحتفال فعلاً بالصحفيين، وتكريمهم على شجاعتهم وتصميمهم على إبقاء الرأي العام مطّلعًا على آخر المستجدّات، طالب فولكر باحترام حقوقهم وبحمايتها وإعمالها.
كما وأصدر اليوم الخبراء المكلّفين بولايات حرّية التعبير من الأمم المتّحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) ، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان (ACHPR) ، ولجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (IACHR) إعلانًا مشتركًا حول حرية الإعلام والديمقراطية، حيث أنّهم عبّروا عن "شعورهم بالقلق من أن قوانين حماية حرية وسائل الإعلام في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم تتعرض للتآكل، ولا تزال الهجمات الجسدية وعبر الإنترنت ضد الصحفيين مع الإفلات من العقاب، كما أن استخدام المحاكم والنظام القانوني لمضايقة الصحفيين ووسائل الإعلام آخذ في الازدياد."
وأكّدوا على الدور الحاسم التي تلعبه وسائل الإعلام المستقلة والحرة والتعددية في توفير الأخبار والمعلومات الموثوقة ، وتمكين النقاش العام القوي، والمساهمة في بناء مواطنين مستنيرين ونشطين. تقوم وسائل الإعلام ، بصفتها رقيبًا ، بفحص من هم في السلطة بشكل نقدي ، والتحقيق في الأمور ذات الاهتمام العام وإعداد التقارير عنها ، ومن خلال القيام بذلك ، تساهم في تعزيز العمليات والمؤسسات الديمقراطية. وقال البيان أنّه "يقع على عاتق كل من الدول والشركات الخاصة التزامات ومسؤوليات للتصدي للتهديدات المتزايدة لحرية وسائل الإعلام وسلامة الصحفيين، ولعكس مسار التدهور في ثقة الجمهور في المؤسسات الديمقراطية بشكل عاجل ".
ونحن اليوم نستغل هذه المناسبة لنستذكر خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين، التي بفضلها تم إنشاء أو تعزيز أنظمة الحماية الوطنية لمنع ومعاقبة الاعتداءات على الصحفيين في 50 دولة تقريبًا.
ويجب أن يحتل تعزيز هذه الأنظمة أو مضاعفة عددها الأولويّة في جهودنا من خلال:
أولاً، الحاجة إلى تشريعات وطنية أكثر صرامة وأكثر شمولاً لحماية حرية الإعلام، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وإلى مواجهة الدعاوى ضد المشاركة العامة ورفع دعاوى استراتيجية ضدّ المضايقات عبر الإنترنت، لا سيما ضد الصحفيا، ولجم تكنولوجيات المراقبة الرقمية التي تقوض حقوق الصحفيين ومصادرهم عند إساءة استخدامها. كما ينبغي توفير الدعم الطبي والنفسي والقانوني بشكل أفضل، وإتاحته عند تعرّض الصحفيين للأذى.
ثانيًا، إذا كنا جادين بشأن المساءلة عن الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، من الضروري تعزيز الملاحقات القضائية الفعالة وإدارة العدالة بشكل عام.وعلينا تعزيز أنظمة العدالة الجنائية الوطنية، من خلال تزويدها بوحدات تحقيق خاصة أو هياكل تحقيق مستقلة، والتأكد من أنّها تتمتّع بالخبرة والموارد اللازمة من أجل التصدي لهذه الجرائم، حتى عندما يرتكبها من هم في السلطة.
وقد ساعدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع اليونسكو في بعض الحالات، الحكومات على إنشاء مثل هذه الوحدات في العديد من البلدان حول العالم.
نحتاج أيضًا إلى جمع البيانات وتحليلها بشكل أفضل، وهذان الأمران حاسمان للملاحقات القضائية الفعالة. كما يمكن أن تساهم تقارير الدول المقدّمَة إلى نظام حقوق الإنسان بشأن الدعاوى ووضعها، في تعقب هذه الجرائم والتصدي لها.
وأخيراً وليس آخراً، كما قال اليوم الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش: "كل حريتنا تعتمد على حرية الصحافة. لكن حرية الصحافة تتعرض للهجوم في كل ركن من أركان العالم. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، وفي كل يوم، يجب على العالم أن يقف إلى جانب الصحفيين وهم يدافعون عن الحقيقة."