هل الآيس كريم غذاء صحي حقا؟

أشارت دراسات مختلفة، على مدى عدة عقود، إلى أن الآيس كريم (المثلجات) لديه فوائد صحية محتملة، رغم أنه كونه غنيا بالدهون المشبعة يجعل هذا الاستنتاج مثيرا للسخرية للكثيرين.

وقبل خمس سنوات، أجرى طالب دكتوراه في جامعة هارفارد دراسة توصلت إلى نتيجة غير متوقعة، وجدت أن تناول نصف كوب (64غ) من الآيس كريم يوميا يرتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى مرضى السكر.
 
ولكن بقدر ما يبدو هذا مثيرا لأولئك الذين يستمتعون بالانغماس في وعاء من الأيس كريم، فإنه عندما فحص الباحثون الدراسة بشكل أدق، وجدوا أنه من المحتمل أن يرجع هذا الارتباط إلى مجموعة متنوعة من العوامل الأخرى.

وأجريت دراسة عام 2018 والمراجعة العلمية لنتائجها من قبل الباحثين في جامعة هارفارد في الفترة ما بين عامي 1976 و1986 واستمرت لمدة 20 عاما تقريبا.

وكان الغرض من هذه الدراسات هو تتبع صحة المشاركين على مدى فترة طويلة من الزمن، والكشف عما إذا كانت هناك روابط بين أمراض معينة وعوامل نمط الحياة (مثل النظام الغذائي).

ولإجراء تحليلهم، قام الباحثون فقط بتضمين بيانات من المشاركين في هاتين الدراستين الذين أبلغوا عن إصابتهم بداء السكري من النوع الثاني عندما بدأت الدراسات، نحو 16 ألف شخص إجمالا.

وقدم المشاركون المصابون بداء السكري معلومات حول الأطعمة التي تناولوها عادة خلال العام السابق. ولم يُطلب منهم تناول المثلجات أو تجنبها في أي وقت.

ووجد الباحثون أن أولئك الذين تناولوا الآيس كريم أكثر من مرتين في الأسبوع كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 12%، مقارنة بمن لم يتناولوا الآيس كريم.

ولكن من المهم معرفة أن هذا الارتباط بين الآيس كريم وأمراض القلب أصبح واضحا فقط عند مراعاة جوانب أخرى من صحة الشخص، بما في ذلك مدى صحة الأكل الذي يتناوله.

 
ويشير هذا إلى أن اتباع نظام غذائي صحي شامل ربما يكون أكثر أهمية في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني، من تناول الآيس كريم.

ومن المهم توضيح أن هذه كانت دراسة قائمة على الملاحظة، ما يعني أنها يمكن أن تظهر فقط ارتباطا بين تناول الآيس كريم وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب. ولا يمكن في الواقع إثبات أن تناول الآيس كريم في حد ذاته مسؤول بشكل مباشر عن تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني.

ومن أجل تأكيد ما إذا كان الآيس كريم له تأثير على مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فمن الضروري إجراء تجربة سريرية.

هل يمكن أن يكون الآيس كريم صحيا؟

من المثير للدهشة أنه لم يكن هناك الكثير من الدراسات التي نظرت في التأثير المحدد للآيس كريم على الصحة. والدراسات التي تم إجراؤها عادة كان المشاركون يستهلكون كمية صغيرة جدا فقط (نحو أقل من ربع حصة يوميا)، ما يعني أنها غير كافية لتطوير أي استنتاجات ذات مغزى حول تأثيره.

لكن إحدى الدراسات الإيطالية أشارت إلى أن تناول المزيد من الآيس كريم قد يكون مرتبطا بزيادة خطر الإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي (عامل خطر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب).

 
ومع ذلك، وجد الباحثون أيضا أن هذا الارتباط موجود لأطعمة أخرى، مثل اللحوم الحمراء، ما يشير إلى أن جودة النظام الغذائي العام للشخص قد تكون أكثر أهمية للصحة من طعام معين.

ويعد الآيس كريم أيضا من الأطعمة فائقة المعالجة، ما يعني أنه نظرا لطرق المعالجة المستخدمة في إنشائه، فإنه عادة ما يكون عالي السعرات الحرارية والدهون والسكر.

وتم ربط الأطعمة الفائقة المعالجة بمجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتشجعنا إرشادات التغذية أيضا على الحد من تناول السكر والدهون بسبب هذا. وهذا يجعل من المحتمل جدا أن يكون للإكثار من الآيس كريم تأثير سلبي على الصحة.

ولكن قد لا تكون كل الأخبار سيئة إذا كنت ممن يستمتع بمنتجات الألبان بشكل عام، حيث تزايدت الأدلة على الفوائد المحتملة لدهون الألبان على مدار العشرين عاما الماضية، وأظهرت الأبحاث أن منتجات الألبان المخمرة، مثل بعض أنواع الزبادي، والجبن على وجه الخصوص، قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني.

 
وستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كان الآيس كريم يرتبط بفوائد مماثلة بسبب محتواه من دهون الألبان.

وفي حين أنه قد يكون من المثير رؤية عناوين الأخبار التي تدعي أن الأطعمة المفضلة لدينا قد يكون لها فوائد صحية غير متوقعة، فمن المهم تحليل النتائج. وفي كثير من الأحيان، يمكن المبالغة في تأثيرات أحد الأطعمة بسبب أخطاء طريقة البحث أو عوامل أخرى، مثل النظام الغذائي للمشارك أو نمط حياته.

وفي الوقت الحالي، ليس لدينا ما يكفي من الأدلة الجيدة التي تشير إلى أن الآيس كريم له بالتأكيد أي فوائد صحية. ولكن من غير المحتمل أن تسبب حصتان صغيرتان في الأسبوع - مقترنة بنظام غذائي صحي وممارسة الرياضة - الكثير من الضرر.

المصدر: ميديكال إكسبريس