لماذا يضغط الأردن لإعادة سوريا إلى "الحضن العربي"؟

منذ أسابيع تجري تحركات عربية تهدف بمجملها إلى إعادة سوريا إلى "الحضن العربي"، والتي كان آخرها اجتماع عمان التشاوري حول سوريا.

واجتمع وزراء خارجية سوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن في العاصمة عمان لبحث سبل تطبيع العلاقات مع سوريا في إطار تسوية سياسية للحرب التي تعصف بذلك البلد منذ 12 عاما.

وأكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في تصريحات لشبكة "سي أن أن" على أهمية المسار العربي للتوصل لحل سياسي في سوريا والاجتماع التشاوري الذي جرى.

وأضاف أن "التعايش مع الوضع الراهن ليس خيارا في ضوء ما تسببه الأزمة من معاناة للشعب السوري وتهديدات لأمن المنطقة".

وكشف الصفدي أن "الأردن توصل، منذ فترة، إلى ورقة طورت إلى مبادرة أردنية تستند إلى دور عربي رائد عبر نهج خطوة بخطوة، بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا".

وتعتبر الاجتماعات التي جرت في عمان الأولى التي تجمع الحكومة السورية ومجموعة من الدول العربية منذ قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في 2011 بعد قمع الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد.

 
الكاتب المحلل السياسي الأردني، نضال منصور، يؤكد أنه من مصلحة الجميع أن يتم التفاهم واحتواء النظام السوري ليعود إلى الحضن العربي، والأردن له خصوصية كبيرة مع هذا الأمر فهي دولة جوار، واستمرار الاضطرابات في الداخل السوري تؤثر وتشكل ضغطا على المملكة وحدودها".

وأوضح في حديث لموقع "الحرة" أن الأردن "عبر أكثر من مخاوف أمنية من وجود ميليشيات مسلحة قرب الحدود، ناهيك عن العبء الأمني بمكافحة محاولات تهريب المخدرات عبر الأراضي الأردنية".

وتتهم حكومات عربية والغرب سوريا بإنتاج الكبتاغون المربح للغاية والمسبب للإدمان وتنظيم تهريبه إلى الخليج عبر دول الجوار.

"فترة مميزة" بحسب ما وصف منصور هذه التحركات الأردنية والتي تأتي بعد تحركات وقبول عربي لعودة سوريا ضمن جامعة الدول العربية، مشيرا إلى أن الأردن دفع بهذا الاتجاه أكثر من مرة.

ويرى الكاتب منصور أن نجاح هذه التحركات "رهن التحركات من قبل النظام السوري، إذ تقدم التحركات الأردنية والعربية خطوة في التقارب مع دمشق، وعلى سوريا أيضا التحرك من جانبها تجاه الدول العربية بتأكيد التزاماتها".

الأكاديمي والمحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة، أن الأردن أمام معادلة وعوامل تدفعه للدفع بإعادة سوريا للحضن العربي واستقرار دمشق، خاصة وأن استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا تعني بالضرورة عدم استقرار العديد من الملفات على الصعد "الأمنية والسياسية والاقتصادية" خاصة في ظل وجود حدود برية طويلة بين البلدين.

ووفقا لأمم المتحدة يعيش نحو 5.5 مليون لاجئ سوري مسجل في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.

وزاد السبايلة في رد على استفسارات "الحرة" أن الأولويات الإقليمية والدولية تغيرت، ولم تعد مسألة "اللاجئين السوريين" أولوية، وتركت لتصبح عبئا على الدول المستضيفة ومن بينها الأردن.

وفي بيان ختامي صدر، الاثنين، عن الاجتماع الذي عقد في عمان، وافقت سوريا على المساعدة في إنهاء تهريب المخدرات عبر حدودها مع الأردن والعراق.

وجاء في البيان أن الوزراء ناقشوا سبل العودة الطوعية لملايين النازحين السوريين إلى ديارهم وتنسيق الجهود لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية.

وأضاف البيان أن دمشق وافقت على "اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب" على الحدود مع الأردن والعراق والعمل خلال الشهر المقبل على تحديد مصادر إنتاج وتهريب المخدرات إلى هذين البلدين.

باتت الخطوات المتعلقة بـ"عودة سوريا إلى الحضن العربي" أكثر ما يتصدر الأخبار والتطورات الخاصة بالملف السوري، وما بين تحركات أكدتها السعودية رسميا، وأخرى ترجمتها دولة الإمارات لأكثر من مرة، وما بينهما من "مبادرة أردنية" وزيارة مصرية تطلق تساؤلات بشأن ما إذا كانت هذه الجملة من المواقف تنطلق بسياق جماعي أم بشكل فردي.

وتخوض عمان حربا في مواجهة الجماعات المسلحة التي تهرب مخدرات من سوريا، بما في ذلك الكبتاغون الذي يسبب الإدمان. ويعتبر الأردن نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدر إلى دول الخليج، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وقال وزير الخارجية الأردني الصفدي للصحفيين الاثنين "إن الاجتماع بداية وإن العملية مستمرة لضمان إنهاء الصراع"، مؤكدا ضرورة وجود خطوات على الأرض تؤدي إلى تحسين الواقع الذي تعيشه سوريا والسوريون.
 
ويرى السبايلة أنه لا يمكن النظر للتحركات الأردنية بمعزل عن التحركات العربية، إذ أن استمرار حالة التأزم لا تخدم أحد وتضر بالسوريين في الدرجة الأولى، ولهذا يعني حل الأزمة "مكاسب متوقعة" للجميع.

وأشار إلى أن هناك بالضرورة مكاسب أمنية وسياسية في الدرجة الأولى للأردن، ولكن أيضا هناك مكاسب اقتصادية والتي ستتماشى معى عودة حركة التجارة مع وعبر سوريا، والاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار المتوقعة.

ولن تنجح أي حلول للأزمة في سوريا من دون وضعها في إطار "خارطة طريق محددة الأهداف بنطاق زمني ترتب التزامات واضحة"، وهو سيتوج بالنهاية بعودة سوريا بالضرورة لجامعة الدول العربية، حيث يتوقع أن تشارك دمشق في قمة الدول العربية التي ستعقد في 19 مايو في الرياض، وفق منصور.

ودعا الأردن سوريا إلى الاشتراك مع الدول العربية في وضع خارطة طريق لإنهاء الصراع ومعالجة قضايا اللاجئين والمعتقلين وتهريب المخدرات والميليشيات المدعومة من إيران هناك، وكلها قضايا تؤثر على الدول المجاورة.

وأضاف منصور أن المكاسب التي يبحث عن تحقيقها الأردن وحتى الدول العربية الأخرى "وقف المعاناة في الداخل السوري وحل الأزمة، وضمان العودة الآمنة للاجئين، والسيطرة وتجفيف منابع صناعة وتصدير المخدرات، والحد من تواجد وإبعاد الميلشيات المسلحة وألا تصبح جزءا من الواقع السوري".

ويؤكد أنه باستقرار الأوضاع في سوريا "سيحقق الأردن بالضرورة كدولة جوار مكاسب سياسية وأمنية واقتصادية".

ويأتي الاجتماع التشاوري في عمان بعد أسبوعين من محادثات جرت في مدينة جدة السعودية بين مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق قالت خلالها بعض الدول إن من السابق لأوانه عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وتسعى الدول العربية والدول الأكثر تضررا من هذا الصراع إلى التوصل إلى توافق حول وتيرة إعادة العلاقات مع الأسد لطبيعتها وشروط السماح لسوريا بالعودة للجامعة.

 
التقي وزير الدفاع السوري ورئيس هيئة الأركان علي أيوب، برئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، يوسف الحنيطي، الأحد.
وتقاوم السعودية تطبيع العلاقات مع الأسد لكنها قالت بعد تقاربها مع إيران، حليفة سوريا في المنطقة، إن هناك حاجة إلى نهج جديد مع دمشق الخاضعة لعقوبات غربية.

وزار الرئيس السوري، بشار الأسد الإمارات في مارس. وقالت مصادر لرويترز إن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري لزيارتها قريبا.

موقف واشنطن
وتحث واشنطن ، التي قالت إنها لن تغير سياستها تجاه الحكومة السورية، الدول العربية التي غيرت موقفها على الحصول على شيء مقابل التعامل مع الأسد مرة أخرى.

وأجرى وزير الخارجية الأردني، الصفدي اتصالا هاتفيا مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن أطلعه فيه على مخرجات الاجتماع التشاوري حول سوريا، بحسب بيان للخارجية الأردنية.

وأوضح الصفدي أن الاجتماع العربي دعا إلى حل متدرج للأزمة ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية، وفق منهجية "خطوة بخطوة" بما ينسجم مع القرارات الأممية.

وشرح أن هذا المسار يكسر جمود جهود التوصل لحل شامل للأزمة السورية، والتقدم نحول حل سياسي.

وشدد الصفدي على أهمية الدور الأميركي المركزي في جهود حل الأزمة السورية، واستمرار التنسيق مع واشنطن لوقف معاناة الشعب السوري، ووقف تهديدات الأمن الإقليمي والدولي.

الحرة