ما هي مشكلة السلطة مع حزب الشراكة والانقاذ ؟!!
ما هي مشكلة الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية مع حزب الشراكة والانقاذ؟ كيف يمكن أن نفهم هذه الحملة الشعواء المبرمجة والمكثفة والمتشعبة على الحزب وكوادره وأعضائه القدامى والجدد؟ ما هي أسباب هذا الحنق والاستهداف والاستقواء والاستعداء لحزب مرخص أساسا، ويسعى لتوفيق أوضاعه مع قانون الأحزاب الجديد؟ هل يمكن أن يجيب أي مسؤول رسمي أو أمني على هذه الأسئلة ؟ طبعا لن يجيب أحد..
ولمحاولة فهم ما يجري، دعونا نفترض أن المركز الأمني -السياسي ابتداءً لديه مشكلة مع أعضاء الحزب، ونقصد هنا تركيبة الأعضاء ونوعيتهم ومستوياتهم الفكرية والعلمية والمعرفية وخلفياتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية، ولذلك يسعى لافشال الحزب بكل ما أوتي من أدوات ووسائل. وإذا كان هذا صحيحا، فمشكلة الدولة باتت اليوم مع رجالاتها مع أبنائها مع رصيدها الاستراتيجي، لأن أعضاء الحزب جلّهم من المتقاعدين المدنيين والعسكريين، من أبناء هذا الوطن الذين خدموا في الوظيفة العامة لعقود خلت، وهؤلاء اليوم قرروا أن يساهموا -عبر انضوائهم تحت مظلة هذا الحزب- في مسيرة البناء والنهضة، فما مشكلة أجهزة الدولة مع هؤلاء؟
ماذا لو كان سبب هذا التضييق والخنق، هو تمويل الحزب وامتداداته الاقليمية والدولية مثلا؟!! وهنا علينا أن نقول دون مواربة، وعلى نحو نرجو أن لا يفهم منه أنه انحياز أو تعاطف، جميعنا يعرف أن هذا الحزب لا يقبل التمويل الحكومي حتى يقبل تمويلا داخليا أو خارجيا من أحد، كما أنه حزب وطني لا امتدادات له في المنطقة أو الاقليم أو في أي دولة أخرى..
ماذا لو كانت مشكلة المركز الامنى السياسي مع برنامج الحزب وبنيته الفكرية الايدولوجية او الدينية او الطائفية او انحيازاته الشوفينية القومية او العرقية او الاقليمية او العشائرية، ولذلك تشتغل اجهزة الدولة الامنية على احباط مسعاه لتوفيق اوضاعه مع القانون الجديد باي ثمن ، ودون مراعاة لانعكاسات ذلك على صورة الاردن الرسمي ، وتناقض هذا النهج العرفي مع التوجهات الملكية المعلنة ؟!! واذا كان هذا هو السبب ، فاننا نعرف ان برنامج الحزب وادبياته و قواعده ومبادئه لم تتغير او تتبدل وهي ذاتها التي رُخص على اساسها سابقا ، لا انحيازات اقليمية او شوفينية او طائفية او دينية او عشائرية تستدعي الفرملة والاعاقة ، ان برامج الحزب وانشطته كانت انعكاسا واضحا لنشاط حزبي اكثر نضجا وعمقا واشتباكا بالحالة العامة من غيره من الاحزاب الديكورية الاخرى التي رخصت وتم دعم توفيقها لاوضاعها مع القانون الجديد ؟!! فهل نستطيع ان نقول ان نشاط الحزب المستقل ، السياسي الوازن والمؤثر، والوطني المخلص للهويتين الاردنية والفلسطينية، الرافض لمشاريع التوطين والوطن البديل ، المعارض لكل اشكال الاندماج والتطبيع مع العدو الصهيوني ، هو سبب هذه الحساسية المفرطة وتلك الرغبة في التصفية والانهاء ؟!! ربما يكون هذا التفسير اكثر واقعية من غيره ، ولكنه مجرد افتراض لا اكثر ولا اقل ، وعلى الجهات الرسمية ان تجيب على هذه الاسئلة، او عليها ان تتوقف عن هذه الممارسات العرفية غير المبررة والتي لا تحترم الناس ولا تراعي توجهاتهم السياسية والفكرية ..
ربما لهذا التضيق علاقة بما هو قادم من تحولات وتغيرات لا تحتمل وجود تنظيم سياسي معارض بحجم حزب الشراكة والانقاذ ووزنه الاعتباري و مصداقيته التي نجح في بنائها مع الممارسة والعمل .. وهذا ايضا قد يكون تفسيرا معقولا ، ولكننا لا نستطيع ان نتبناه لاننا لم نسمع من الطرف الاخر.
خلاصة القول: لا يمكن أن تنجح كسلطة في تبني القيمة ونقيضها، فإما أنك تريد الحرية حرية التنظيم السياسي وصولا إلى حياة حزبية نشطة تنجح بافراز برلمانات حزبية قادرة على تشكيل حكومات برلمانية، أو أنك لا تريد ذلك كله، لا حلول وسط، ولا صيغ توافقية، ولذلك على السلطة أن تحسم خياراتها وتتوقف عن اضاعة الوقت..