أطروحة دكتوراه في الجامعة الهاشمية تناقش خطابات داعش
نوقشت يوم الثلاثاء ( 9/5/2023) في كلية الآداب بالجامعة الهاشمية/ قسم اللغة العربية أطروحة دكتوراه، تقدم بها الباحث عمر عواد الرداد، في حقل اللسانيات وتحليل الخطاب، وحملت عنوان(خطابات تنظيم الدولة الإسلامية من منظورات التحليل النقدي للخطاب)، بإشراف الأستاذ الدكتور عيسى برهومة ، أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب في الجامعة ، وشارك في مناقشة الاطروحة لجنة تكونت من المشرف مقررا وعضوية: أ. د. فواز عبدالحق/ رئيس الجامعة الهاشمية، وأ .د. إيمان الكيلاني من الجامعة الهاشمية، وأ.د محمد عبيد الله، أستاذ النقد والادب، عميد كلية الآداب في جامعة فيلادلفيا، مناقشا خارجيا.
وهدفت الأطروحة- حسب الباحث الرداد- إلى إستقراء الأفكار والمقولات المؤسسة لخطابات تنظيم (داعش) وتحليلها، وفقًا لمنهجية التحليل النقدي لخطاب (الإرهاب)، بمستوياته النصية والخطابية التي تستند إلى الدراسات "البينية" والدور المركزي للغة في تثبيت مقولات السلطة والأيديولوجيا والهيمنة، واجتراح ممارسة نقدية لخطابات داعش، وإبراز تناقضها ومستويات المواءمة بين مقتضيات الخطابات والممارسات الفعلية، وفيما إذا كانت تتساوق مع خطابات (أعدائها) في هذه التناقضات، وبيان المقاربات المشتركة في خطابات الجماعات والحركات الإسلامية الأخرى، وتقاطعاتها في كليات النص والخطاب وتباينها في المستويات اللسانية والنصية، والقانون اللغوي والدلالي الذي أنتجه خطاب داعش ودوره في نقل الرسالة الأيدولوجية لمستويات التلقي للخطاب (العدو، والموالي المحتمل، وعناصر التنظيم).
وطرحت الدراسة إشكالياتها، عبر سؤال جوهري وهو: كيفية توظيف اللغة وتطويعها لخدمة تنظيم(داعش) وأفكاره وأيدولوجيته، وكيف يخفي التنظيم أيدولوجيته عبر التراكيب اللغوية، بوصفها أداة لإضمار سلطته وفرض هيمنته على الجمهور، وكيفية تصنيف خطابات تنظيم داعش، فيما إذا كانت خطابات: دينية، أم سياسية أم إعلامية، ومسارات تطور هذه الخطابات ومرجعياتها، بالإضافة إلى خصائصها الأسلوبية والبلاغية، وعلاقتها بخطابات سابقة للحركات والجماعات الإسلامية، اتفاقًا واختلافًا؟ واعتُمدت مقاربات التحليل النقدي للخطاب، ومنهج التحليل الوصفي، باختيار عينة للدراسة، تتكون من (134) مادة، شملت خطابات لقادة التنظيم وإصدارات " مقروءة، مسموعة، ومرئية" تتمثل فيها المعطيات الخطابية للتنظيم ، منذ انطلاقته عام "2014 - 2022".
وخلصت الدراسة في تحليل الممارسة النصية لخطابات التنظيم، إلى أنه لا يملك سلطة مستقلة، بل "يسطو" على سلطات قائمة وقارة في اللغة والدين والمجتمع، وحجج وبراهين جاهزة، ويقدمها بوصفها سلطات خاصة به، مستثمرا تفسيراته الاحادية للنصوص الدينية، وبناء رهانات بالتأثير في مستويات التلقي، على ما توفره الافتراضات المسبقة، والمقارنة بين "الماضي والحاضر" وتصوراته للمدينة الفاضلة المنشودة التي تجسدها الخلافة الإسلامية بقيادته، وتقديمها بصيغة "خطبة الجمعة" بكل ما فيها من بنائية ومضمونية وقداسة، وبين الباحث أن خطابات "داعش" تنتمي إلى طيف واسع من الخطابات الدينية، التي تقارب إشكاليات مفتوحة حول" الإسلام، الغرب والواقع" وتتقاطع مع الكثير منها، لكن التنظيم إنماز بإنتاج أيدولوجيا هجينة، تستمد مقولاتها من مقاربات "إخوانية ووهابية"، ورغم هذه السمة الدينية لخطابات التنظيم، إلا أن تحليلها أبرز أنها تخفي خطابات موازية، ذات مضامين سياسية، مرتبطة بسياقات انطلاقه، بما فيها تداعيات "الربيع العربي" وأخرى مرتبطة ب "الصراع الحضاري" بين الأمم، عكست مخاوف من العولمة وما بعد الحداثة، على الهوية والمقدس والسرديات الكبرى، وهي مخاوف يشترك فيها كثير من العرب والمسلمين، بمعزل عن اتجاهاتهم وميولهم الدينية والفكرية.
وأوصت الدراسة بالتوسع في دراسة الخطابات بمقاربات التحليل النقدي، بما فيها خطابات الجماعات الاسلامية وغير الإسلامية" المسيحية واليهودية" لما يوفره هذا التحليل من انطلاقات بمرجعيات لسانية وخطابية، تنفذ لجدالات حول مضامين الخطابات، وتكشف أدوار الفاعلين فيها، وأهدافهم الحقيقة، لتأسيس نظرية نقدية، تحلل خطابات التطرف والكراهية المتبادلة برؤى جديدة، تمارس نقدا ذاتيا حقيقيا، وصولا إلى تحليل الظاهرة الإرهابية من جوانبها كافة.
وقد ناقشت اللجنة الباحث في موضوع رسالته من جوانبها المنهجية المتعددة، وأشادت باختيار موضوع راهن، إذ يعد هذا التناول تجديدا في موضوعات الدراسات العليا والرسائل الجامعية، بحيث لا تتجاوز الموضوعات المألوفة والمعهودة، وتنتقل لموضوعات تخدم المجتمع وتحلل الظواهر الخطابية ،بمرجعيات لسانيات النص والخطاب.
وقد قررت لجنة المناقشة في نهاية الجلسة أن الباحث عمر عواد الرداد يستحق النجاح بجدارة، وأوصت بمنحه درجة الدكتوراه في اللسانيات وتحليل الخطاب، بعد أن تقدم بأطروحته، ونجح في مناقشتها استكمالا لنيل هذه الدرجة العلمية المتقدمة.
ومن الجدير بالذكر أن الباحث الرداد حاصل على بكالوريوس لغة عربية من جامعة اليرموك عام 1986، وماجستير في الإعلام الإلكتروني من هولندا عام 2009، وماجستير لغة عربية من جامعة فيلادلفيا عام 2020، بموضوع تحولات خطاب النكتة في الأردن من مؤسسة للإضحاك الى تفكيك "الخطابات القلعوية"، وهو كاتب مقالات نقدية وسياسية، وخبير في قضايا الأمن السياسي والإقليمي.