قاضي سابق: رفع اقساط القروض باطل.. وعلى المتضررين اللجوء للقضاء
كتب القاضي السابق والمحامي حسين الحراحشة -
جوابا على الاستفسارات التي تردني وترد غيري من الزملاء حول "القروض التي يحصل عليها بعض الأفراد من البنوك، ويتفق فيها الطرفان على شروط عقد القرض؛ ومنها قيمته، وأقساط سداده، ومدة السداد، ونسبة الفائدة على هذا القرض".
بداية لا بدّ من استعراض الأحكام الناظمة لعقد القرض المنصوص عليها بالقانون المدني والمنصوص عليها بالمادة (٦٣٦) من القانون المدني، حيث عرفت المادة (٦٣٦) عقد القرض على أنه "تمليك مال أو شيء مثلي لآخر على أن يردّ نثبه قدرا ونوعا وصفة الى المقرض عند نهاية مدة القرض".
في حين نظمت المادة ٦٤٤ /١ من القانون المدني احكام رد القرض / اي / كيفية سداده أو ردّه، حيث نصت:- "يلتزم المقترض برد مثل ما قبض مقدارا ونوعا وصفة عند انتهاء مدة القرض ولا عبرة لما يطرأ على قيمته من تغيير وذلك في الزمان والمكان المتفق عليهما".
وعليه، فإن القاعدة العامة في العقود، وتنفيذها والالتزام بها وفق ما اتفق عليه المتعاقدان بشروط العقد، أجلا، ومنفعة، والتزامات متبادلة.
ولا يجوز تحت طائلة البطلان قيام أحد طرفي العقد بتعديل شروط العقد بالارادة المنفردة، مثل زيادة التزامات الطرف الثاني، حتى لو نصّ ذلك في العقد أو اتفق عليه. فذلك شرط باطل لا يجوز تنفيذه وفق قاعدة اذا استبعد الشرط الباطل صح العقد ونفذ.
وعليه، قيام البنوك بزيادة نسبة الفائدة على القروض بعد الاتفاق عليها ونفاذ العقد باطل بطلانا مطلقا، حتى لو نُصّ على ذلك في العقد، فهذا الشرط هو لصالح الطرف القوي في العقد بمواجهة الطرف الضعيف وفق المبادىء العامة في العقود والاتفاق، ويصل إلى مستوى الإثراء بلا سبب والملحق الضرر بالمقترض.
كما لا بدّ من توضيح أنه لا يجوز للبنوك تعديل نسبة الفائدة المتفق عليها بتاريخ الاتفاق على القرض بحجة "أن هناك تعليمات صدرت عن البنك المركزي الجهة المشرفة على البنوك تقرر بموجبها رفع نسبة الفائدة على قروض البنك"، فان هذه التعديلات لا تسري بأثر رجعي، وفق قاعدة. إلا إذا كانت الأصلح للمقترض ووفق قاعدة سلطان الارادة كقاعدة عامة بتنظيم العقود.
وبناء على ما بيّناه، فإنه قضائيا جرى إنهاء هذا الجدل بقرار محكمة التمييز رقم (١٢٠٨ / ٢٠١٩) والصادر بتاريخ ١٣ / ١٢ / ٢٠١٩ ، والذي نصّ على بطلان وعدم جواز رفع نسبة الفائدة من قبل البنوك على المدين وبطلان ذلك، وهو قرار نهائي.
وعليه بموجب هذا القرار منعت البنوك من التغول على المقترضين وزيادة نسبة الفائدة على القرض بعد الاتفاق عقد القرض وتوقيعه بين المقترص والبنك.
وعليه فإن هذا القرار يمنع البنوك من زيادة نسبة الفائدة على القرض بعد نفاذ عقد القرض، ويبقى البنك ملزماً بما اتفق عليه عند تنظيم العقد وبنسبة الفائدة المتفق عليها بتاريخ تنظيم العقد والتوقيع عليه.
حيث وكما أوضحنا، فإن الشرط المطبوع أو المكتوب أو المدوّن في عقد القرض والذي يجيز للبنك بزيادة الفائدة بإرادة منفردة شرط باطل رغم النص عليه في العقد، وحتى لو قرر البنك المركزي زيادة نسبة الفائدة على القروض فيما بعد فان ذلك لا يسري على القروض المنظمة السابقة، أي لا تسري هذه التعليمات باثر رجعي ..
وعليه نقول، أي مقترض تضرر من ذلك عليه اللجوء للقضاء وتوكيل أحد المحامين في هذا الأمر وفق القواعد المنظمة للدعاوى في مثل هذا الحقّ وهي القاعدة المنصوص عليها بالقانون للمدني بالفصل الرابع من القانون المدني الفرع الثاني "قبض غير المستحق"، أي الذي دفع وقبض بوسيلة وطريقة غير قانونية، مع مراعاة مدة التقادم، أي مضي المدة المانع من سماع الدعوى والمنصوص عليها بالمادة (٣١١) من القانون المدني والتي تقضي "لا تسمع دعوى الاثراء بلا سبب في جميع الاحوال المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بحقه في الرجوع".
هذا للفائدة والإثراء، وحسما للجدل والاراء حول هذه المسألة العامة.
"رفعت الاقلام وجفت الصحف".