المتوكّلون والمتّكلون
حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إحدى سنوات خلافته. فلقي أناسا قد جاؤوا إلى الحجّ بغير زاد، وإذا هم يستعطون الناس. فسألهم من أنتم ؟ قالوا : نحن المُتوكّلون !
فقال لهم: بل أنتم المتّكلون، إنما المتوكّلون هم الذين يُلقيون حبّات في الأرض، ويتوكّلون على الله . . !
كثير من الناس يخطئون في التفريق بين مفهومي المتوكّل والمتّكل. فالمتوكّل هو من يأخذ بأسباب ونواميس الكون التي توصله إلى هدفه، ثم يسعى لتحقيقها متكّلا على الله تعالى.
بينما المتّكل هو من يجلس بلا عمل، متّكلا على غيره، ومنتظرا أن تمطر السماء عليه رزقه ومصروف عياله دون جهد منه، ليسدّ به احتياجاته المعيشية. وشتان بين المفهومين . . !
لقد قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام : " لو أنكم تتوكّلون على الله حقّ توكّله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً ". أي تذهب جائعة وتعود شبِعة.
وعلّمنا بالمقابل أن الدنّيا دار سعي وأسباب. فالطيور لا تبقى في أعشاشها تنتظر رزق الله تعالى لتملأ بطونها، وإنما تخرج في الصباح الباكر، تبحث عن الحَبّ الذي يسدّ جوعها. فلا يقع كل عصفور إلاّ على ما قسمه الله تعالى له من الرزق . . !
كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا المجال :
«ما أكل أحد طعاما قطّ، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود صلى الله عليه وسلم، كان يأكل من عمل يده».
المرجع : كتاب على منهج النبوة / أدهم شرقاوي.