وزير المياه : اتفاقية المياه مقابل الطاقة مع إسرائيل قد تمتد لـ35 عاما
لا يُخفي وزير المياه والري الأردني المهندس محمد النجار قلقه من أثر الفاقد المائي على برنامج التوزيع المائي لـ1.7 مليون مشترك، في بلاد تصنف من أفقر الدول مائيا.
وتسبب الفقر المائي والفاقد المائي في تخفيض حصة الفرد الأردني من 105 لترات يوميا إلى 60 لترا، مما دفع الوزارة لإقرار إستراتيجية وطنية لخفض الفاقد المائي، تضمنت توقيع اتفاقيات عدة بهدف خفض الفاقد بمعدل 2% سنويا للوصول إلى 25% بحلول عام 2040.
وقال النجار، في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، إن اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع الإسرائيليين ما زالت قيد دراسة الجدوى، ويتوقع إذا تم الاتفاق أن ترى النور عام 2030، لتزويد الأردن بـ200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة، مقابل تصدير نحو 600 ميغاوات سنويا من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية من الأردن إلى إسرائيل.
ورجّح أن يصل عمر الاتفاقية إلى 35 عامًا في حال أسفرت المفاوضات بين الأطراف جميعها (الأردن، والإمارات، وإسرائيل) عن اتفاق مرضٍ على سعر المتر المكعب من المياه.
وفي ما يلي نص الحوار:
هل لك أن تضعنا بصورة الوضع المائي في الأردن هذا العام؟
في الحقيقة، الوضع المائي لهذا العام أفضل من السابق، وهذا مرتبط بكميات المياه الجوفية والسطحية المتوفرة خاصة في السدود بسبب الموسم المطري، إضافة إلى كميات المياه المشتراة من بحيرة طبريا، وتتراوح حصة الفرد المائية بين 105 إلى 110 لترات يوميًا، لكن فاقد المياه خفّضها إلى حدود 60 لترا يوميا.
ماذا عن ملف الناقل الوطني، ولو أوضحت للقارئ فكرته، وما آخر المستجدات بشأنه؟
يسير ملف الناقل الوطني وفق المخطط له، لكن هناك تأخيرا بنحو 9 أشهر في إنجاز المشروع الذي سيجري الانتهاء من إحالة العطاء الخاص به في النصف الثاني من العام الحالي، كما أن تمويل المشروع موزع بين المنح والقروض وخزينة الدولة، وهناك 800 مليون دولار في صورة منح، ومشاركة حكومية بقيمة 350 مليون دولار، إلى جانب قروض استثمارية وأخرى ميسرة من مؤسسات وبنوك دولية مانحة ومقرضة.
وتأهلت 5 ائتلافات، لكننا نتوقع أن يتم الاستقرار على 3 عروض بداية يوليو/تموز المقبل، للبدء بمرحلة التقييم والاختيار ثم المفاوضات مع الائتلافات لنحو 6 أشهر، ثم توقيع الاتفاقية.
ويهدف مشروع الناقل الوطني إلى تحلية 300 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر في العقبة، ونقلها إلى العاصمة عمان عبر محطات ضخ في خط ناقل، لتزويد معظم المحافظات الأردنية بكميات كافية من المياه، وهناك خطة لإعادة توزيع المصادر التي تزود العاصمة عمان، بحيث تكون هنالك حصة كافية للمشتركين، إضافة إلى تزويد المشروع بطاقة كهربائية نظيفة، وبكلف تشغيلية تقدر بحوالي 450 مليون دولار.
استضفتم ممثلين عن دولة الإمارات ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار لتوقيع إعلان النوايا، فما حصة الأردن من المياه وكم عمر الاتفاقية؟ وماذا سيتحمل الأردن؟ وكم سينتج من الطاقة مقابل المياه؟
الطاقة مقابل المياه مشروعان متلازمان، إذ إن المشروع المقترح يتضمن تزويد الأردن بـ200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة، مقابل أن تُصدِّر عمَّان نحو 600 ميغاوات سنويا من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية إلى إسرائيل، وهناك مفاوضات بين الأطراف، الإماراتيين والإسرائيليين بمشاركة أميركية بوصفها الداعمة لهذا الاتفاق.
وحتى اللحظة، لا نزال في مرحلة دراسة الجدوى لسعر المتر المكعب من المياه والفترة الزمنية والضمانات المالية والفنية للطرفين.
ومن المرجح أن تبدأ الاتفاقية في اتجاهين متعاكسين عام 2030، وقد يصل عمر الاتفاق لنحو 35 عامًا، بالاعتماد على سعر المتر المكعب، ولا يوجد سعر مبدئي، لكن الفرق بين ما نريده والمعروض كبير، والمفاوضات هدفها تقريب وجهات النظر.
هل الأردن مرتبط مائيا بإسرائيل؟ هل استعاد الأردن حقوقه المائية كاملة من إسرائيل؟
الأردن غير مرتبط بأحد مائيا، ويعتمد على مصادره الداخلية، وإذا ما كنا نتحدث عن معاهدة السلام، فالطرفان ملتزمان بها، منذ توقيعها عام 1994، ومعظم مصادرنا المائية داخلية في أراضينا، 80% منها جوفية و20% سطحية، وجزء من المياه السطحية هي حقوقنا حسب اتفاقية السلام، إضافة إلى أننا اشترينا كميات إضافية من بحيرة طبريا بواقع 50 مليون متر مكعب سنويًا، تنتهي هذا العام.
هناك حديث في الشارع الأردني بأن هناك خبراء إسرائيليين يقومون بحفر 15 بئرًا عميقة للتنقيب عن المياه الجوفية العميقة في الأردن، هل هذا يتعارض مع خطاب النوايا، "الكهرباء مقابل المياه"؟
أبدا على الإطلاق، البحث عن مصادر مائية جديدة هو عمل مستمر لنا، وهناك شركات عالمية تقوم بعمل دراسات ومحاولات لاستكشاف المياه العميقة في بعض المناطق، وهذا هدف مستمر لنا لتأمين مصادر جديدة داخلية وهو لا يتعارض مع أي مشاريع أخرى هدفها تأمين كميات مياه.
يتساءل الخبراء في القطاع المائي عن سر اختيار الأردن البدائل ذات الكلف المالية العالية، وذات المحاذير السياسية الكبيرة لتأمين مياه الشرب، مثل شراء المياه من إسرائيل، ماذا عن البدائل الأخرى؟
البديل الرئيسي هو مشروع الناقل الوطني، لكن، لا نزال في طور استكشاف المياه الجوفية العميقة، وهناك فترة زمنية لعدة سنوات ما بين أن يرى مشروع الناقل الوطني النور، وبين الحاجة الآنية المتزايدة إلى كميات من المياه.
وبالتالي، خلال السنوات الخمس القادمة لا بد من تأمين مصادر جديدة بحيث تكون هنالك مصادر إضافية من المياه، وستكون من المياه الجوفية العميقة، وبدأنا استكشافها، خاصة في حوض البازلت في شمال شرقي المملكة.
ماذا عن ملف المياه مع سوريا الذي تأثر كثيرًا خلال السنوات الماضية بسبب ظروف الحرب هناك؟
لا يزال الوضع كما هو عليه، ولا يزال هنالك ركود، رغم وجود اتصالات بين الطرفين، لكن اللجنة المشتركة لم تجتمع منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، والوضع في سوريا لا يزال حرجا، والكميات المائية التي نحصل عليها من سد الوحدة في سوريا متواضعة، وبمعدل 17 مليون متر مكعب سنويًا.
رغم النفي الرسمي المتكرر، فإن هناك من يؤكد أن الحكومة تتجه لرفع أسعار المياه، وذلك من خلال الانتقال من الفاتورة الدورية إلى الفاتورة الشهرية، فعلى أي الشرائح سترتفع فاتورة المياه؟
حاليا لا يوجد رفع، والفاتورة هي عبارة عن عملية تحول فقط من فاتورة ربعية إلى فاتورة شهرية، ولن تتأثر الشرائح جميعها، لكن هذا لا يمنع مستقبلًا من إعادة النظر في الفاتورة.
هل هناك استثمارات عربية أو دولية في مشاريع المياه؟
لا يوجد حاليا مشاريع أو استثمارات عربية في موضوع المياه، باستثناء الصندوق الكويتي في دراسة السدود، ولكن كمشاريع مياه للشرب لا يوجد، بينما هنالك مشاريع دولية ضخمة لتقليل الفاقد، وهناك اتفاقية أولى وقعت بقيمة 263 مليون دولار مع الوكالة الأميركية عام 2019، ولا تزال سارية إضافة إلى توقيع اتفاقية بمبلغ 250 مليون دولار قبل عدة أيام، وهناك مشاريع كبيرة جدا تتعلق بالمياه والصرف الصحي سواء من الوكالة الفرنسية، أو من بنك الإعمار الألماني، أو بنك الاستثمار الأوروبي، أو الاتحاد الأوروبي أو الوكالة الكورية.
قطاع المياه أكبر قطاع يتلقى مساعدات وقروضا ومنحا وتجاوز فاقد المياه العام الماضي، بشقيه الفني والإداري 52%، لذلك هنالك استثمارات رأسمالية كبيرة جدا، فهناك 25% من المياه المستهلكة غير مفوترة، ولا يتم دفع ثمنها، ولدينا خطط لتخفيض الفاقد بواقع 2% سنويا، ورصدنا نحو 700 مليون دولار لـ5 سنوات قادمات.
هل يؤثر ملف المياه على الاستثمار في الأردن، خاصة في الزراعي منه؟
نعم بالتأكيد يؤثر لحاجتها للمياه، فلدينا عدة مشاريع زراعية في وادي الأردن، وأول مشروع تم طرحه لإعادة تأهيل 12 كيلومترا تقريبا من قناة الملك عبد الله، بكلفة تقديرية تصل إلى 10 ملايين دولار، وهناك مشروعان آخران في الجزء الشمالي والجزء الجنوبي من قناة الملك عبد الله بكلفة تتجاوز 120 مليون دولار، وهذه المياه هدفها زيادة الوفر المائي من خلال توفير كميات إضافية، ستنعكس على تحسين الوضع المائي في وادي الأردن.
ما حجم التمويل الخارجي من منح وقروض؟ وما أثرها المستقبلي على قطاع المياه؟
سنوقع قريبا اتفاقية مع البنك الدولي بحدود 300 مليون دولار، وهناك مئات الملايين تحت الاستثمار، ويصل التمويل لنحو 1.5 مليار دولار، لكننا لا نزال بحاجة لتمويل أكثر، لتحسين الشبكات، وتوسعتها وصيانتها، وتقليل الفاقد، وبناء الخزانات، ومحطات الضخ ومحطات المعالجة، إضافة لجمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها.
الآن هناك حملات لردم الآبار المخالفة، في مناطق متعددة، نتيجة وضع المياه الجوفية التي تعاني من استنزاف كبير، وعمليات الردم مستمرة في جميع المناطق في الأغوار، وفي جنوب عمان، وفي شمال شرق المملكة، وفي الوسط، وقد أسفرت عن ردم أكثر من 83 بئرًا مخالفة من أصل نحو 500 بئر، خلال الـ4 أشهر الماضية، وهناك اهتمام كبير جدا من قبل الحكومة بهذا الملف، وبالاعتداءات على مصادر المياه الجوفية أو على الخطوط الناقلة، وذلك للحفاظ على المياه الجوفية، وعلى كميات المياه التي تستخدم لغايات الشرب في مختلف المناطق.
(الجزيرة - ابراهيم قبيلات)