في عهد حكومة الخصاونة ..فاتحة التفكيك القطاعي خطة ولجنة وبرنامج اصلاحي تطويري !



كتب أحمد الحراسيس - يظنّ رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أن ظهور وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول عبر وسائل الإعلام الرسمية وحديثه عن رؤية التحديث السياسي أو الرؤية الاقتصادية أو خطة تطوير القطاع العام يكفي  لاقناع الناس بجدية الحكومة في تنفيذ تلك الرؤى والخطط التي مضى على اطلاقها عام أو أكثر دون أن يلمس أحدنا أثرا ايجابيا لها على الارض..

المواطن الأردني خلال السنوات الماضية، ظلّ ينظر بعين الريبة والشكّ لكلّ توجه حكومي ، إلى أن وصل به الامر الى مرحلة اليأس بل والخوف من كلّ إعلان عن خطة او مشروع او برنامج اصلاحي تحديثي تطويري ، حتى صار على يقين بأن الإعلان عن توجه لإصلاح أو تطوير قطاع ما ستكون نتيجته عكسية تماما، وكأن القرار في حقيقته كان في الأساس تفكيكيا وأن الخطة التحديثية الاصلاحية المعلن عنها تأتي لذر الرماد في العيون، بمعنى انها خطة او للدقة حملة تعمية مركزة تخفي حقيقة التوجه والنية المبيتة!

المواطن كان يعرف منذ البداية أن نتائج الإعلان عن تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لن تنعكس ايجابا على الحياة السياسية في بلادنا، بل  كان يتوقع بان النتيجة ستكون للاجهاز على الحياة السياسية والحزبية، و وأد فرصة ولادة احزاب برامجية قادرة على احداث التغيير المنشود، وهو بالضبط ما حصل على الارض بعد اجراء تعديلات دستورية وصفها الفقيه الدستوري الراحل الدكتور محمد الحموري بأنها "تمرّد على الدستور الأردني" ، هذا بالاضافة إلى التعديلات التي جرت على قانوني الأحزاب والانتخاب والتي أسست لهندسة الحياة الحزبية وهندسة البرلمان كما يُراد لهما..

الأمر ذاته ينطبق على الرؤية الاقتصادية التي مضى نحو عام على اطلاقها، فالعناوين الكبيرة كانت انعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتشجيعها، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن، لكن ما الذي جرى؟ ما زال المواطنون يئنون من ارتفاع الأسعار  وما زالت دائرة الفقر تتسع وتتمدد وتأخذ في طريقها الاخضر واليابس و اولئك  المتشبثين ب "الستيره " ، اما البطالة فوصلت الى نسب كارثية غير مسبوقة ، والمستثمرون يغذون الخطى نحو الخارج ولا يأتي غيرهم  ، والقطاعات الاقتصادية تئن دون أن يلتفت لها أحد!

ثمّ جاءت خطة تطوير القطاع العام، والتي لم تلامس جوهر المشكلة التي يعانيها القطاع العام، بل ذهبت الحكومة لاتخاذ اجراءات من شأنها ضرب القطاع العام، فأعلنت وبدأت السير باجراءات دمج بعض الوزارات والمؤسسات، دون أن تمسّ أو تقترب من الهيئات المستقلة، كما لم تُعالج مشكلة غياب الشفافية والعدالة في تعيينات القطاع العام.

الواقع أن المواطن الأردني أصبح مقتنعا بأن أي إعلان عن توجّه لتطوير قطاع ما، هو في الحقيقة إعلان عن توجه لضرب هذا القطاع، فإذا ما أُعلن عن توجه لتطوير المنظومة الصحية تكون النتيجة تدمير القطاع الصحي العام، وإذا ما أُعلن عن توجه لتطوير التعليم وامتحان التوجيهي مثلا، فالنتيجة ستكون ضرب امتحان التوجيهي وتدمير قطاع التعليم وحصره بالأغنياء.

لعلّ الأردنيين اليوم هم من الشعوب القليلة التي تتمنى لو أن الزمان يعود بها إلى عقود مضت، كانت فيها الحياة السياسية مزدهرة أكثر، والحريات مصانة، والاقتصاد أكثر انتعاشا، والقطاع العام أكثر قوة، والقطاع الصحي أكثر ازدهارا، والقطاع التعليمي منافسا لأفضل الأنظمة التعليمية في المنطقة.

المطلوب من الحكومة ليس الظهور عبر وسائل الإعلام للحديث ومحاولة ترويج النكبات على أنها انجازات، بل العمل على الأرض لتجنيب المواطن الويلات و يلمس الأردني أثر تلك "الانجازات".