السودان.. تحذيرات أمريكية ومقابر جماعية
- أ ف ب
تواصلت عمليات القصف الجوي والمدفعي في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم السبت، في حين حذرت الولايات المتحدة من تحول القتال إلى صراع طويل الأمد.
ومع دخول القتال بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسبوعه الثامن، قال الهلال الأحمر السوداني إنه اضطر لدفن عشرات الجثث مجهولة الهوية في مقابر جماعية.
قصف واشتباكات
وأفاد سكان في الخرطوم عن وقوع عمليات قصف بالطيران الحربي التابع للجيش على مناطق في جنوب الخرطوم، ردّت عليه نيران المضادات الأرضية من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
كما أفاد شهود عن سماع أصوات "قصف مدفعي" في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم، السبت، وعن سقوط قذائف في حي الصحافة بجنوب العاصمة، ما أدى الى إصابات بين المدنيين.
قوات الدعم السريع تسيطر على المتحف القومي في #الخرطوم
https://t.co/Nu0WR6j8s0
— 24.ae (@20fourMedia) June 3, 2023
يأتي ذلك غداة تسجيل قصف في شمال الخرطوم وجنوبها واشتباكات في شرقها.
كما سجّلت اشتباكات حول مدينة كتم بولاية شمال دارفور الواقعة شمال الفاشر عاصمة الولاية، وفق شهود.
وزادت حدة المعارك في اليومين الماضيين بعدما لاقت هدنة موقتة أبرمت بوساطة سعودية أمريكية مصير سابقاتها بانهيارها بشكل كامل.
ومنذ اندلاع النزاع في 15 أبريل (نيسان)، لم يفِ الجانبان بتعهدات متكررة بهدنة ميدانية تتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال، أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
صراع طويل
وقالت السفارة الأمريكية في السودان إن "القتال المستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يهدد باحتمال نشوب صراع طويل الأمد، ومعاناة واسعة النطاق".
وأضافت في بيان لها "في كل يوم تستمر فيه الأعمال العدائية، تعرقل الأطراف إيصال المساعدات الإنسانية لمن هم في أمس الحاجة إليها، وتدمر البنية التحتية الرئيسية، ويتواصل التنكر لتطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والسلام والعدالة".
وتابعت "ندعو إلى وضع حد للعنف الذي لا معنى له بالعمل مع شركائنا، وسنواصل تحميل الأطراف المتحاربة المسؤولية عن عنفهم غير المعقول وتجاهلهم الصارخ لإرادة الشعب السوداني".
مقابر جماعية
وقال الهلال الأحمر إن القتال أرغم متطوعيه على دفن 180 شخصاً بدون التعرف إلى هوياتهم في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، وهما المنطقتان اللتان تشهدان المعارك الأكثر احتداماً.
وقال الهلال الأحمر في بيان ليل الجمعة إنه منذ اندلاع المعارك، دفن متطوعون 102 جثة مجهولة الهوية في مقبرة الشقيلاب بالعاصمة، و78 في دارفور.
وتعهد طرفا النزاع مراراً حماية المدنيين وتأمين الممرات الإنسانية، إلا أن هذه الوعود لم تُنفّذ ميدانياً.
وقتل أكثر من 1800 شخص منذ اندلاع المعارك منتصف أبريل (نيسان)، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. إلا أن مسعفين ووكالات إغاثة ومنظمات دولية حذّروا مراراً من أن الأرقام الفعلية للضحايا أعلى بكثير، نظراً لوجود جثث في مناطق يصعب الوصول إليها، أو لعدم قدرة بعض المصابين على بلوغ المراكز الطبية للعلاج.
وقال الهلال الأحمر الذي يتلقى الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن متطوعيه عانوا للتنقل في الشوارع لانتشال الجثث "بسبب القيود الأمنية".
وخلال مباحثات وقف إطلاق النار التي استضافتها مدينة جدة السعودية اعتباراً من مايو (أيار)، اتفق الطرفان المتحاربان على تمكين الجهات الفاعلة الإغاثية، مثل الهلال الأحمر أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من "جمع الموتى وتسجيلهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة".
ولكن بفعل الانتهاكات المتكررة، انهارت اتفاقية الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية.
تصعيد إضافي
وفيما يبدو تمهيدا لتصعيد إضافي محتمل في أعمال العنف، أعلن الجيش الجمعة، استقدام تعزيزات للمشاركة "في عمليات منطقة الخرطوم المركزية".
والسبت، أفاد سائقو حافلات تربط بين الخرطوم وولايات أخرى أن "السلطات تمنع منذ الأمس دخول العاصمة".
وتشكّل هذه الحافلات واحدة من الوسائل النادرة لسكان الخرطوم المقدّر عددهم بأكثر من خمسة ملايين، للخروج منها نحو مناطق أكثر أمناً، ويقدّر بأن أكثر من 700 ألف تركوا العاصمة نحو أنحاء أخرى منذ بدء المعارك.
أزمة إنسانية
باتت ظروف الحياة صعبة في العاصمة حيث قطعت المياه عن أحياء بأكملها ولا تتوافر الكهرباء سوى لبضع ساعات في الأسبوع، فيما توقفت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال ويعاني السكان لتوفير المواد الغذائية.
والوضع مروع بشكل خاص في إقليم غرب دارفور الذي يقطنه نحو ربع سكان السودان، ولم يتعافَ من حرب مدمرة استمرت عقدين وخلفت مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح.
وقتل مئات من المدنيين وأضرمت النيران في القرى والأسواق ونُهبت منشآت الإغاثة مما دفع عشرات الآلاف إلى البحث عن ملاذ في تشاد المجاورة.