لا كرامة لنبي في وطنه !! ايفعلها الوزير ؟
أثارت فيً جملة من الشجون والتداعيات ، مبادرة ممثل الرابطة الطبية الاوروبية الشرق اوسطية الدكتور محمد الطراونة بالتنسيق مع الرابطة ، بتوفير ١٥٠ فرصة للاطباء الاردنيين من حملة البورد الأجنبي للعمل في إيطاليا " بامتيازات مرموقة " .
وللحقيقة ، حركت المبادرة تداعيات ، في مقدمتها المقولة الأكثر رواجا وانتشارا ، في الأيام الصعبة والظروف القاهرة والاحساس العميق بالظلم والظيم ، " لا كرامة لنبي في وطنه " او في قومه او بين اهله وأبناء جلدته وبلده ، والمضمون ايا كان شكل العبارة في المأثور جلي واضح ، عدم حصول الشخص على الاحترام والتقدير وربما التكريم والكرامة ، في بلده ، فيجد كل ذلك بعيدا عن وطنه وقومه وناسه وأهله، وهناك يبدع ويصبح ذا شأن عظيم وقيمة رفيعة وكرامة تعيد الى النفس توازنها .
وعلى الرغم من إيماني العميق الراسخ ،بأن لا كرامة لانسان الا في وطنه وبين اهله ، الا ان التاريخ والواقع وما تتسم به البلدان التي عشش فيها الفساد وسوء الادارة والمحاصصة بعيدا عن الكفاءة ، تعود لتزعزع هذا الإيمان وتنسفه من جذوره .
لا اريد ان أطيل وأعود الى بداية الحكاية ومحرك التداعيات ، واقول دون أدنى تردد بأن المقولة تنطبق هنا بالتمام والكمال على حال الاطباء العاملين في وزارة الصحة من حملة البورد الأجنبي ، وهؤلاء تقع على كواهلهم في المستشفيات اعباء تنوء بحملها اكتاف الجبابرة ، لكن يطالهم في وزارتهم الغرم ، وعند الغنم ، لا اعتراف بهم ، وإن وقعوا مهنيا تكثر حولهم سكاكين الذبح بنصوص قانونية ، وحينها من يحميهم ، حتما لا أحد!!.
والسؤال الكبير ، ماذا يفعل " النبي " حين لا يجد بين قومه الكرامة ؟ وهنا نتحدث بالتأكيد عن حال الاطباء حملة البورد الأجنبي، ولعلي أراهم في واقع الحال ، ومن معرفتي بما يفكر فيه اغلبهم ، يتبعون الشاعر ويأخذون بنصيحته ، وهو يصرخ بألم ، ويقول :
قوّض خيامَك عن دار ظُلمت بها
و جانب الذل، إن الذل يجتنب
وارحل إذا كانت الأوطان مضيعةً
فالمندلُ الرطب في أوطانه حطب .
لن ابتعد كثيرا، وسابقى في سياق التداعيات التي ثورتها مبادرة الدكتور الطراونه ، وقد استطاع بجهد وتواصل فردي مع هيئات ومنظمات ومؤسسات دولية عريقة ان يوفر فرص عمل للأطباء في بلدان متقدمة ، وحاصرني السؤال ، ولم أفلت من كماشته : اين المؤسسة ؟ وهل يفعل الفرد ما تعجز عنه المؤسسة ؟! واعني هنا وزارة الصحة وراس الهرم فيها ، اين دوره في فتح فرص عمل للأطباء وغيرهم من الكوادر الصحية التي تعاني من شرور البطالة ،وتغلق في وجوههم ابواب العمل ؟! .
نعم ، انه دور الوزير السياسي والسيادي ، في فتح الابواب لاصحاب المهن الطبية والصحية ، ولاسيما العاطلين عن العمل ، لإيجاد الفرص المناسبة اللائقة بكرامتهم، في دول الجوار والاقليم وحتى العالم .
وهنا تأخذني التداعيات الى مراحل ذهبية في تاريخ وزارة الصحة ،حين نهض وزراء بدور فاعل في فتح اسواق لعمل الكوادر الطبية والصحية ، ولا سيما دول الخليج ، من خلال الطبيب الزائر ، او ابرام الاتفاقيات مع عديد من الدول في سياق تبادل الزيارات والخبرات والدورات والبعثات .
وسيبقى السؤال معلقا برسم أجابة وزير الصحة ، هل نراه في القريب العاجل يقود حراكا ونشاطا فاعلا يحشد له من القطاعات الصحية العامة والخاصة ، كما فعل وزراء سابقون ، وحققوا إنجازات هامة ، أم انه سيؤثر درب الراحة ، والسبات العميق ، ويترك المهمة للافراد على غرار ما فعل الدكتور الطراونه !! .
وتشير المعلومات المتوفرة لدي ، أن الدكتور الطراونة الذي يمثل الرابطة الدولية الاوروبية الشرق اوسطية في الاردن ، سيواصل من خلال الرابطة مخاطبة دول أخرى أوروبية و غيرها لفتح آفاق أوسع، فلماذا لا يوظف الوزير علاقات الاردن وحضوره الإقليمي والدولي في سياق مماثل ؟! لكن السؤال هل يمتلك الارادة وقبلها وبعدها القدرة للنهوض بدور من صلب واجبات عمله ؟! اترك للوزير وللقارئ الكريم من متابعي الشأن الصحي الاجابة .