بين رفع سعر الفائدة وتعويم الدينار .. هذا هو الخيار الأمثل!
كتب منير دية *
منذ عام 1995 اتخذ البنك المركزي الأردني قراراً استراتيجياً بتثبيت سعر صرف الدينار عند 1.41 دولار لكل دينار ومنذ ذلك التاريخ حتى الان حافظ الدينار الأردني على استقراره كعملة ثابتة بعيدة عن المضاربات ومحافظة على نسب تضخم متدنية في الاقتصاد الأردني وتلعب دوراً فاعلاً في تعزيز الثقة بالدينار وزيادة تحويلات المغتربين وبث الطمأنينة عند المواطن والمستثمر مع وجود احتياط نقدي من الدينار يكفي لتغطية مستوردات ستة اشهر و اكثر ..
يعتبر الدينار الأردني من اغلى العملات عالمياً ويأتي في المرتبة الرابعة من حيث القيمة مقابل الدولار بعد الدينار الكويتي والدينار البحريني والريال العماني وهذا الترتيب هو لغلاء العملات وليس بناءً على قوتها .
تثبيت سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأمريكي الزم البنك المركزي الأردني اتباع سياسة الفيدرالي الأمريكي فيما يتعلق بسعر الفائدة وبالتالي فالبنك المركزي الأردني ملزم بتطبيق نفس السياسة للمحافظة على استقرار الدينار كعملة جاذبة للودائع بسبب العائد المرتفع ومنع خروج الأموال الساخنة الى خارج الأردن بحثاً عن عوائد افضل ..
رفع أسعار الفائدة عشر مرات متتالية منذ بداية العام الماضي مع احتمالية الاستمرار في رفع اسعار الفائدة في الأشهر القادمة زاد من الأعباء المالية على المقترضين والذين يشكلون غالبية المواطنين في الأردن مما تسبب في تآكل دخولهم وتراجع قوتهم الشرائية ودخول كثير من القطاعات في مرحلة ركود اقتصادي صعب ،وعلى النقيض من ذلك زادت عوائد المودعين في البنوك وارتفعت قيمة الودائع بالدينار الأردني لتصل الى 33 مليار دينار مع نهاية الربع الأول من العام الحالي .
المجازفة بتحرير سعر صرف الدينار الأردني امام الدولار سيكون مخاطرة كبيرة وقد تتسبب في انهيار النظام المصرفي وارتفاع التضخم الى نسب قياسية كما حصل في لبنان ومصر والكثير من الدول التي ليس لديها استقرار نقدي و ثبات في سعر صرف عملاتها كما سيرفع قيمة المستوردات كثيراً والتي تزيد قيمتها السنوية عن 20 مليار دينار كما سيزيد من كلفة الصادرات حيث يعتمد المنتج الأردني على المواد الأولية المستوردة ولا يوجد لدينا مواد خام جاهزة لمعظم الصناعات مما سيحد من قدرة الصناعات الأردنية على المنافسة وبالتالي مزيداً من البطالة كما سيؤثر على السياحة القادمة من الخارج بسبب غلاء المعيشة وارتفاع كلف الخدمات ..
تعويم الدينار سيرفع من فاتورة الدين الخارجي مما سيزيد الأعباء على الدولة فضلاً عن التأثير الكبير على معدلات النمو والتجارة الخارجية وازدياد معدلات الفقر والبطالة وزيادة الأعباء على الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدينار ولا يمكن زيادة رواتبهم في ضوء المعطيات الصعبة التي سيتعرض لها الاقتصاد الأردني اذا ما تم تعويم سعر صرف الدينار .
لا يوجد خيارات كثيرة لدى البنك المركزي الأردني سوى المحافظة على سعر صرف ثابت ورفع أسعار الفائدة كلما رفعها الفيدرالي الأمريكي وعلى الحكومة العمل امتصاص تأثير رفع أسعار الفائدة على المقترضين من خلال زيادة رواتب القطاع العام ورفع الحد الأدنى للأجور وضخ مزيداً من السيولة في الاسواق واستقطاب استثمارات ضخمة جديدة لتحريك عجلة الاقتصاد المتباطئ .
* الكاتب خبير اقتصادي