"هليفي" ونهاية الدور الأردني في الأقصى
شيئاً فشيئا، ودون خطوطٍ حمراء، يسير الاحتلال بخطواتٍ مؤثرة وثابتة، لكنها خطيرة نحو تهويدٍ حقيقي غير مسبوق للمسجد الأقصى المبارك (مساحته 144 دونما)، يأتي هذا بعد أن نجح الاحتلال ضمنياً بتقسيم الأقصى زمانياً، وها هو يعد العدة لإقرار مشروعِ قانونٍ في الكنيست لاقتسام المسجد الأقصى مع المسلمين مكانياً.
الخطورة مردّها إلى أن مخططات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى، استراتيجية، غير مرتبطة بحزب معين، أو حكومة بعينها داخل الكيان المحتل، وهي تتحول مع مرور الوقت من أحلام وأمنيات، إلى إجراءات حقيقية على الأرض. من تلك الإجراءات العمل على إنهاء الدور الأردني في الأقصى، وهم يتحدثون عن فضيحة حقيقية نتيجة استمرار الدور الأردني في الإشراف على القدس، ويتساءلون: "هل نعطي مكانة لدولة أجنبية (الأردن) في المسجد الأقصى؟ هذا مستحيل، إنها خطيئة، وهذا خطأ فادح".مشروع القانون الإسرائيلي قدمه النائب المتطرف عن حزب الليكود عميت هليفي للكنيست من أجل إقراره، والمشروع يعطي المسلمين فقط 8 دونمات من أصل 144 دونماً، ويهدف لإعادة تعريف المسجد الأقصى واقتصاره على مبنى المصلى القبلي حصراً، زاعماً أنّ تقديس المسلمين لكلّ ما دار عليه سور المسجد ما هو إلا "مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم"، وبالتالي فإن الاحتلال يريد تخصيص قبة الصخرة المشرفة لصلاة اليهود دون غيرهم، وصولاً إلى الحد الشمالي لساحات المسجد المبارك.
على أرض الواقع، ليس من السهل أن يقوم الاحتلال بتنفيذ مخططاته في المسجد الأقصى، لكن هذا لا يمنع من القول إن الحكومة الإسرائيلية تريد إعادة إنتاج الحالة المقدسية في القدس، من خلال فتح جميع أبواب المسجد الأقصى المبارك للمقتحمين من اليهود، ليصبح حالهم حال المسلمين الذين يدخلون من جميع الأبواب للصلاة في المسجد المبارك.
لا يمكن الحديث عن الأطماع الإسرائيلية في المسجد الأقصى، دون أن نعرج على الاجتماع الذي عقدته حكومة نتنياهو بكافة وزرائها داخل نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، وهو ما يعني تبادلاً للأدوار بين الائتلاف الحاكم داخل الكيان المحتل، بالإضافة للأحزاب اليمينية المتطرفة، والشخصيات الدينية والحاخامات، ومنظمات "الهيكل"، ضمن حالة التنافس المحموم لديهم لتقسيم الأقصى.