فقدان المنصب…وإعادة التموضع..!


يحدث في بلدي… إنه سحر الكرسي… وشهوة المناصب، اللهاث لها…  والثابت الوحيد في بلدنا أن المناصب لا تدوم… (ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك)… وأكبر دليل على ذلك عدد الوزارات والتوزير وأخيراً التعديلات في عمر حكوماتنا… حيث أن معدل عمر الوزير بدأ يتناقص وقد يقل عن سنة لا غير… ولا ننسى الجامعات التي حددت فيها الرئاسة اربع سنوات بالتشريعات… وأصبحت أخيراًٍ تدور حول السنة والسنتين ناقصات..!. ولأن الحديث ذو شجون وسجون وغصات… وواسطات وتزلفات ونفاق… ومسح جوخ وتبادل مصالح وموبقات؛ فيستحق أن نسطحه ليعلم كل ذي علم… أو دون ذلك..!.
يستلمون المناصب تلو المناصب… بعضهم باستحقاق… والبعض الأكثر…بما اشتهرت به الإدارة في بلادنا… التوريث..الواسطة المحسوبية… المال...التأثير سلبي أم إيجابي والمنصب( مرضوه أو تسكيت)…قرب نسوان… تبادل مصالح…ضغط من جهات ما… والقائمة تطول… فلدينا عبر تاريخ إداراتنا ما لم يحزه غيرنا من الإختراعات التي لا تعرف منطق او عُرف. 
يتنقل معاليه أو عطوفته أو دولته أو…! مثل سوبرمان من منصب لمنصب… منهم من أشغل أكثر من اربعين منصباً بحياته الحكومية… ومنهم من لديه مناصب ومهمات بالعشرات بذات الوقت… ومنهم من يحتاج لعمر فوق عمره السبعيني والثمانيني ليستطيع إشغال كل المناصب التي اتته صاغره أو شاغره أو هديه أو (مرضوه… ! ) ولا يوفيها حقها إلا شخصه الصنديد المبجل… كل هذا مر ويمر علينا… نقبله بتعجب… واستغراب..وتنديد… وتصفيق وتطبيل وتزمير أحيانا… فنحن من اخترعنا مقولة (تزهو بكم المناصب)… وننسى أن المنصب تكليف وعمل وإنتاج لا (مشيخة وعنطزه وشوفة حال)… ولكن..!؟
لكن… وبلحظة إندهاش… يتم إعفاء… أو طرد… أو إنهاء خدمات صاحبنا… مره لانه استُنفذ..أو أنه لا يخدم المرحلة… أو تم اكتشاف فساده وعنطزته..أو وصل لمرحلة(بطل يشوف حد بعينه..وصار يشوف حاله أكبر من الجميع..!)… أو انتهت مدته…أو هنالك بديل مطلوب تنصيبه..!، فيخرَج من الباب…إلى بيته؛ إما نزيهاً حراً شريفاً، خدم وطنه بكل أمانة… يتذكره الناس ويحترمونه ويبجلونه…ويخلدون ذكره بالخير…  وإما فاسداً ذليلاً…( عمل السبعة  وذمتها)..مسكوت عنه أو غير مسكوت ينتظر ( خشة خالته)… وبعدها… !، يجلس في بيته يندب حظه… يتركه كل اصحاب المصلحة ايام عزه الموهوم… يشعر بالوحده والتوحد… تلفونه لم يعد يملأ البيت ضجيجاً لندرة المتصلين( شو خابرين من البوم غير الخراب)… يتفقد ويتخيل الجاه والوجاه والخدم والحشم والسيارات الفارهة…يحاول اقتحام المناسبات الإجتماعية وغيرها (لعل وعسى حد من أولي الأمر يتدعثر فيه…!) وهو يشعر أنه منبوذ… ولا يجد ما يسعفه… يندب حظه… فمنهم من يتقبل الوضع… ويتعايش معه… ويحاول الظهور بشكل أنيق لعل وعسى...حد يتذكره أو يحظي باحترام يستحقه أو لا يستحقه… والناس لاتنسى..!، البعض الآخر يعرف أنه كان سيئاً ومؤذياً… وأنه لم يقدم لمؤسسته ووطنه ما كان يجب أن يقدمه، وأنه جاء بشكل غير مستحق، وأنه كان الأضعف والاسوء بتاريخ مؤسسته، وكان يستخدم سلطته و(دعماته) لينكل بكل عارف حوله… ممن يشعر بالصغارة بوجودهم… ويعرف أنه مد يده للمال العام والخاص واكل الأخضر واليابس… دخل المنصب ووضعه (على قد حاله) … وخرج منه صاحب أطيان واراضي وشركات وامتيازات ومولات… وحسابات بنكيه… وسيارات آخر موديل… وكله حرام بحرام… ولكن مثل هؤلاء تعودوا المنصب وعبدوه لأنه يعطيهم جاهاً لا يملكونه… ومالاً لا يستحقونه… فيمتهنوا المناورة… ومحاولة الدخول من الشباك الخلفي أو (الطاقه)… مرة بالتهديد والتلويح بإفشاء اسرار يدعون إمتلاكها ويلوحون بها… ومرة برمي من هم بالسلطة بالإشاعات والإتهامات والفساد ومحاولة كسرهم ليثبتوا أنهم فقط (عناتر زمانهم)…وانهم اصحاب رؤى استراتيجية وبيدهم مفاتيح حل مشكلات البلد ومشاريعها…! وهنا يكمن السؤال الذي يجب أن يخرسهم… طيب حضرتك إذا كنت تعرف كل هذا الفساد والمخالفات، لماذا لم تعلن ذلك وأنت في حينه وأنت بالمنصب… لماذا لم تتقدم للجهات الرقابية… (ليش غرشت)…والآن بعد أن اعفيت من منصبك وخرجت غير مأسوف عليك… تلبس لبوس الطهر والوطنية والحرص على المال العام؛ الوطنية والشرف كلّ لا يتجزأ…  لو كنت وطنياً شريفاً وأنت في منصبك لتجرأت وقلت ما عندك…ولم تمد يدك لسرقة مال العباد…  أما الآن فلن تفيدك محاولاتك العابثة للدخول من (الطاقة: شباك صغير جدا في بيوتنا الطينية القديمة على شكل دائري أو مربع… كان منفذاً للقوارظ التي لا تستطيع الدخول من الباب…!) لن يفيدك كل هذا… فالوسم الذي صنعته لنفسك سيرافقك ما عشت… والناس لا تجمع على ضلالة ولا تنسى… ولو إستخدمت كل ضروب التمويه والإلتفاف..والكذب والنفاق والتزلف… والظهور بثوب المظلومية أو ثوب العارف الهارف… !.
نعم اصبح ذلك ظاهرة في وطني، ممتهني المناصب المستبعدين المعفيين…بيات شتوي وهم في مناصبهم أو عبث وإفساد وفساد إداري ومالي، أو تخبط إداري مقيت، أو إدارة المؤسسة بعقلية المزرعة التعيسة، وترويج كاذب لإنجازات غير موجودة وتسويق إعلامي هلامي… وعند الإستبعاد والإعفاء… يمتهنون كشف الحسب والتلويح بما يدعون معرفته من مخالفات وفساد… وغالبه اتهامات كاذبة وبطولات وهمية غير موجودة… ليعملوا لأنفسهم مقعد… عند الحكومة… والناس الذين يفترضون سذاجتهم، وهم مكشوفون للجميع حد العري..!.
لكل هؤلاء… أثبت جدارتك ووطنيتك وشرف منصبك وانت على رأس عملك…عملك وحسن خلقك سيتحدث عنك ولو صمت الناس جميعاً… 
 لن يفيدك إمتهان النقد وكشف الحسب المكذوب والواهم ومحاولات إضعاف بديلك وإختلاق الأزمات له من خلال رعاعك السابقين بعد إنهاء خدمتك أو خروجك بشكل طبيعي، فكيف إذا تم طردك أو إعفاءك… أو غير ذلك مما يعرفوه عنك ونعرفه أو لا نعرفه.
الوطن يجب أن يكون بضميرك وذاتك حيث أنت في العمل الحكومي أو الخاص أو بعده…أما شيطنة وإتهام الآخر كردة فعل لتحاول الدخول من الطاقة مرة أخرى… لن يفيدك....الوطن بحاجة للجهود المخلصة في كل زمان ومكان… أما تحين الفرص للدغ من جحر افعى...فسيقتلك سمك الزعاف من حيث تدري ولا تدري… الأردن أكبر من كل هذا لمن جانبه الرشاد ولم يعرف حجم نفسه…وتاريخه المقيت….
خرج أبو العريف من منصبه… ولم تخرب المؤسسة… هنالك دائما لكل زمن دولة ورجال، ولا تتخيل أنك أبو سليمان الذي ظن أنه إذا أخذ إجازه بيخرب الجيش… وعندما علم القائد روح ابو سليمان… ولم يخرب الجيش… !، البلد أكبر منا جميعاً بهمة المخلصين في السلطة أو خارجها… حمى الله الأردن.