للرئيس الخصاونة.. تقصير وزارة التنمية الاجتماعية برعاية الايتام فاضح وغير انساني!
الانطباع السائد عند غالبية أبناء الأردن، أن ليس في الأفق ما يشير إلى حلحلة قريبة على مستوى الملفات المتعلقة بحياة المواطن، إن كان ذلك على صعيد الشؤون الاقتصادية والمالية والاجتماعية، بل وحتى السياسية الداخلية المتعلقة بمستوى الحريات والأحزاب "غير المركبة" والنقابات بما في ذلك ملف نقابة المعلمين.
ندرك جميعا أن الأردن مرّ بأعوام متراكمةُ من هدر الوقت والمال نتيجة عدم إيجاد الحلول الناجحة للأزمات من قبل الحكومات المتعاقبة، بل على العكس، فإن ما قامت به الحكومات هو إدارة الأزمات وترحيلها من حكومة إلى أخرى، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الان من أزمة خانقة، والتي وللأسف ما زال بعض وزراء هذه الحكومة يتعاملون معها على أساس أن الاوضاع مريحة وأن الأمور طبيعية، وملف تأجيل القروض على مشارف أيام عيد الاضحى دليل واضح على ذلك.
ملف الايتام أو ملف مجهولي النسب، الذين يعيشون أو قضوا أعواما ثم خرجوا من بيوت الرعاية، أحد هذه الملفات والذي مازال ملفّا إنسانيا لم يجد له الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة التنمية الاجتماعية الحلول المناسبة، بما يرفع المعاناة عن هؤلاء، وخاصة من يتم إجبارهم على ترك دور الرعاية بعد بلوغهم سنّ الـ(18) عاما، وعلى وجه الخصوص الفتيات اللواتي يُتركن ليواجهن مصيرا مجهولا تتقاذفهن صعوبات الحياة الجديدة بدون مرشد أو ناصح أو من يحميهن من إفتراس الذئاب البشرية لأجسادهن الغضة.
قبل أيام استمعت وشاهدت معاناة بعض الفتيات من خلال تقارير بثت عبر منصة الزميل الاعلامي محمد الحباشنة، حيث نقلت إحداهن كيف دفعت بها وبزميلات لها دور الرعاية الى الشارع، ما أدى الى انحرافها نتيجة لاستغلال وحوش بشرية لها إلى أن وصلت للسجون، ومن ثم عندما حاولت ان تعمل من خلال "بسطة" تبيع عليها المشروبات الساخنة، لم ترحمها فرق أمانة عمان الذين لم يراعوا الظروف الانسانية لمثل هذه الحالة الانسانية لإبنة هذا الوطن..! "وهنا ينطبق المثل الذي يقول لا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك".
قصة إنسانية أخرى حملها ملف التحقيق للزميل الحباشنة تدمي القلب، هي قصة الفتاة "موزه" كما ورد إسمها في التقرير، وهي تروي ما حدث معها منذ أن اشتكت ضد "متحرش جنسي" وهي بعمر الطفولة -8 سنوات-، فبدلا من أن تقوم إدارة المركز الذي كانت تتلقى الرعاية فيه بالتحقيق مع المتحرش "الوحش"، قامت بتبديل الملفّ لفتاة اخرى تتلقى علاجا في مستشفى للامراض النفسية بملف الطفلة موزة، ليتم نقلها الى هناك وتعيش في المستشفى من عمر (8) سنوات وحتى (14) عاما، وكما روت فانها في المستشفى كانت تتعرض للضرب والتعنيف بشكل اجرامي بشع الى أن وصلت قصتها الى الديوان الملكي الذي خلصها من جحيم المستشفى ،وذكرت كيف كانت إدارة المركز تتعامل مع الفتيات بشكل هو أبعد ما يكون عن الانسانية والرحمة على أناس فقدوا ذويهم ،ووضعتهم الظروف بين يدي من لا يرحمهم ولا يراعي أحوالهم ..!
مآس عديدة ذكرت من خلال التقارير الواردة في تحقيقات منصة الزميل الحباشنة لا بد من متابعتها، وبالمناسبة فقد استضفت قبل اكثر من 10 سنوات مجموعة من مجهولي النسب وعدد أخر من الايتام الذين كانوا قد اشتكوا مما يعانيه أقرانهم الان حيث لم تتبدل الظروف والاحوال لغاية يومنا هذا ، حيث تلقينا حينها وعودا من وزارة التنمية الاجتماعية ومن نواب، بأنهم سيعملون على تعديل القوانين بما يسمح للوزارة متابعة احوال هؤلاء البنات والابناء بعد خروجهم من مراكز الايواء ، من حيث فرص حصولهم على العمل، أو ظروف الزواج والمعيشة والرعاية الصحية ، ولكن يبدو أن كل هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح .
اليوم نسأل وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، وهي القادمة من رحم العمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني ،ما الذي فعلتيه من أجل هذه الفئة التي عانت وتعاني منذ سنوات طويلة ؟ وهل تم تغيير القوانيين ما يخدم مصلحة هذه الفئة وخاصة الفتيات ؟ اوليس رعاية الفتيات الايتام وفاقدات النسب، بعد بلوغهن سن الثامنة عشرة أهم بكثير من الحديث اليومي عن تمكين المرأة ؟ اوليست هذه الفئة من الفتيات هن بالمفهوم القانوني نساء ،ويحتاجن الى الرعاية، والتمكين في الحياة بدلا من تركهن فريسة للوحوش البشرية والانظمة والقوانين التي لا ترحم ؟ ثم نسأل لماذا هذا الغياب الفاضح لوزارة التنمية عن مراقبة ما يجري داخل دور الايواء ؟ ولماذا هذا التراخي المستغرب في التعاطي مع حال وأحوال الفتيات بعد بلوغهن سن ال18 عاما؟
إن ما جرى ويجري بحق هذه الفئة من بناتنا هي جريمة يشارك بها المجتمع برمته، وتتحمل وزارة التنمية الاجتماعية كامل المسؤولية عن عدم التحرك لإلزام الجمعيات والمؤسسات بتوفيرالاموال لهذه الفئة، خاصة بعد خروجهن من دور الرعاية، كمؤسسة الايتام التي تتكدس لديها الاموال، والجمعيات الخيرية وجمعيات سيدات الطبقة المخملية اللواتي لا نسمع منهن الا ترديد عبارات المساهمة في توفير الامان للطبقات الفقيرة والمعوزين ،كما يتحمل المسؤولية رجال الاعمال وبعض ممن يتوجهون لبناء المساجد والكنائس على حساب بناء الانسان ، والمعروف أن تبرعات هذه الفئة للمساجد والكنائس تخصم من ضريبة الدخل ،فلماذا لا يتم توجيههم من أجل دعم هذه الفئة من الفتيات ؟ بإختصار الملف طويل وكبير، لا يمكن التوقف عنده بمقال واحد ، لكن المطلوب الان، أن يأمر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وزيرة التنمية وفريقها الوزاري بوضع القوانين لحماية هذه الفئة وبأقصى سرعة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى التحرك الفوري لمحاسبة كل المسؤولين عن الاهمال والتراخي بهذا الملف الانساني والاخلاقي وبداية من كبار موظفي وزارة التنمية الاجتماعية ..!
يتبع.. ونراقب.. وسنستمر بالمراقبة..