الشهيد علي الحراسيس.. بطل أردني جديد



وتقدم الطفيلة للوطن بطلا جديدا من أبطالنا، آثر بطائرته ألا يموت طفل أو شيخ أو امرأة أو شاب أو رجل فتاة وهو يراها على وشك السقوط، فربما ستسقط الطائرة على مجمع سكني أو حي أو مخيم أو حارة من حارات الوطن، فهو لن يقبل أن يكون سببا في موت طفل فرح بقدومه أهله، ولن يقبل أن يكون سببا في موت فتاة تحمل حقيبتها المدرسية عائدة إلى بيتها أو جامعتها، ولن يقبل علي أن يكون سببا في موت أب ينتظره أطفاله.. 

في تلك اللحظة، نسي علي الحراسيس أطفاله ونسي زوجته وتذكر أول درس تعلمه في مدرسة الطيران؛ كيف تحمي أرواح الآخرين قبل أن تحمي نفسك.. كان بإمكانه أن يقفز بمظلته تاركا طائرته تهوي في اي مكان لكنها رجولة الأردنيين ورجولة الطفايلة وصبيان الجعافرة التي جعلته يضحي بنفسه تاركا زوجته وطفليه وتاركا والده ووالدته وإخوته واصحابه ومن يحب.. 

هو رمز لعشق الوطن ورمز الرجولة في أعلى معانيها هو ابن عيمة وإرحاب وضباعة وقنان الثوابية ربما أطل ذات يوم على عفرا ورأى جبالها ووديانها ورأى قصر الجذامي هناك.. ربما شرب ذات مرة من عين صافح وزار شلالات مجهود وسمع هدير الماء في شلالاتها وواديها.. ربما خيم ذات مرة عند عين مليح ورأى جبال الخليل التي تدنسها الأيادي القذرة وهو يعلم أن طائرته في يوم ما ستكون مقاتلة لتحرير الأرض.. ربما ذات مرة اغتسل في حمامات عفرا التي جعلها الجذامي مكانا للراحة له وربما شرب من ماء شرب منه فروة بن عمرو الجذامي اول شهيد في الإسلام خارج الجزيرة العربية وقد أعلن إسلامه فلقي حتفه على يد الروم.. وربما قرأ عن صلاح الدين الأيوبي الذي كان يزور حمامات عفرا ليتطهر ويتوضأ وهو يعد العدة لتحرير القدس.. 

استشهادنا أيها السادة درس في الرجولة والبطولة لأننا عشنا ونعيش وسنعيش من أجل الوطن ومن أجل أحراره.. الرائد الطيار علي الحراسيس -الذي لا أعرفه شخصيا- بطل من أبطال الطفيلة والوطن قدم روحه للوطن ومن أجل الوطن.. خانته طائرته كما تخون الفرس فارسها لكنه مات بطلا مضحيا بنفسه حتى لا يكون سببا في موت حر شريف أو حرة شريفة من شرفاء الأردن وشريفاته.. هكذا نحن في سفر البطولة نسطر أروع الصفحات ونخط أرقى الكلمات ونكتب أجمر السطور لتبقى حكايتنا قصة يرويها أطفال عيمة وإرحاب وضباعة والطفيلة وجميع أطفال الوطن.

رحمك الله يا علي وتقبلك شهيدا أيها البطل.. وسيكون الله مع أطفالك وزوجتك.. وسنفتخر بك على مر التاريخ..