صمود ومقاومة

 ربما تكون المرحلة الحالية الاخطر والاصعب في تاريخ القضية الفلسطينية،حيث الصراع على الوجود اصبح ضاريا ومكشوفا وجها لوجه،واقترب من مسافة الصفر، مع بدء الخطط العملية والتنفيذية لاستكمال المشروع الصهيوني على الارض ، بالتوسع الاستيطاني وابتلاع ما تبقى من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ،تمهيدا لضمها وتهويدها ،بعد سلق القوانين العنصرية واصدارها في الوقت المناسب.
لكن ما يطمئن الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات،انه كلما اشتدت الهجمة الصهيونية الاحتلالية ،وازدادت شراسة وعنفا وارهابا واجراما،يزداد الصمود الفلسطيني قوة ،وتتصاعد المقاومة الفلسطينية في الداخل ،وتتضاعف قوتها كما ونوعا،فقد اصبح العمل المسلح شاملا يغطي مساحة الاراضي الفلسطينية بالكامل،وصار نهجا كفاحيا معتادا مؤثرا مرعبا ومخيفا للعدو.
هذا يعني، ان العدو عليه ان يفهم امورا اساسية ومهمة لهذا الصراع الوجودي،اولها ،ان الشعب الفلسطيني في كل مكان والدول العربية ايضا،لن ينشغلوا يوما ابدا،في البحث عن مكان يأوي الشعب الفلسطيني الصامد المقاوم في الاراضي الفلسطينية المحتلة خارج ارضه،وان اللجوء والنزوح لم يعد موجودا في القاموس الفلسطيني ،مهما بلغت وحشية ودموية وعنف الاحتلال،الامر الثاني،ان نزف دم الاحتلال لن يتوقف الا بنيل الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة،ثم ان الاحتلال اذا كان يراهن على ولادة جيل فلسطيني يقبل بالاحتلال وبقائه، فهذا وهم وحلم لن يتحقق حتى قيام الساعة،والامر الاخر المهم ايضا،ان الشعب الفلسطيني في الشتات والشعوب العربية المحيطة بفلسطين لم تشترك حتى الان بالمقاومة الحقيقية ضد الاحتلال ،اي بمعنى ان لا مستقبل للاحتلال ولا استقرار، ولا وجود مضمون له ، ولا يستطيع ان يضع اي خطة تنموية متوسطة او طويلة الاجل،لانه لا يضمن استمرار وجوده ختى ينفذها.
الضامن الفعلي والوحيد لبقاء الاحتلال على قيد الحياة،هي الولايات المتحدة الامريكية،التي تزوده بكل متطلبات الحياة والعيش.
وعلينا كفلسطينيين وعرب ان نضع امام اعيننا ثلاثة عوامل اساسية،الاول،تركيز وتصويب كل الجهود نحو مقاومة الاستيطان والتصدي له ،والثاني،ان الولايات المتحدة الامريكية تتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع الافعال الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة،وانها هي التي تمنع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة،وتحول دون حصول الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله وحقوقه،والثالث،العمل المستمر على تثبيت وتعزيز الصمود الفلسطيني في ارضه والتشبث بها سواء كان فوقها او في باطنها.
المسألة الاستراتيجية الاخرى التي من المفيد التركيز عليها ،والتي تقلق الاحتلال كثيرا،هي المطالبة باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني،دون الاشارة لدولة الاحتلال،لأن ذلك يعني عدم الاعتراف بوجود الاحتلال ونفي شرعيته على اي جزء من الاراضي الفلسطينية المحتلة.