احتجاجات فرنسا.. ماكرون يتوعد والسلطات توقف وسائل النقل العام ليلا في عموم البلاد
توعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتعامل بحزم مع يهددون أساس الدولة الفرنسية، فيما أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية قرارا بإيقاف عمل وسائل النقل العام بعد التاسعة مساء في جميع محافظات البلاد.
وأعلن ماكرون نشر تعزيزات أمنية إضافية للسيطرة على أعمال الشغب التي اندلعت عقب مقتل الشاب نائل (17 عاما) ذي الأصول الجزائرية برصاص الشرطة، محذرا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض على إذكاء العنف في البلاد.
وقال الرئيس الفرنسي أثناء ترؤسه اجتماعا لخلية الأزمة لبحث التطورات الأمنية إن منصات التواصل الاجتماعي كان لها دور في الأحداث التي شهدتها بلادنا خلال الأيام الأخيرة، وتابع "على هذه المنصات سحب المواد الحساسة، وندعوها إلى التحلي بالمسؤولية".
وهذا الاجتماع هو الثاني في غضون يومين الذي تعقده خلية الأزمة الحكومية.
وكان الإليزيه قال إن الرئيس إيمانويل ماكرون مستعد لاعتماد آلية للحفاظ على الأمن دون محاذير.
وتزامنت تصريحات الإليزيه مع مغادرة الرئيس الفرنسي القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل وإلغائه مؤتمرا صحفيا كان مقررا له هناك.
وكانت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن قد قالت إنه لا يمكن تحمل أعمال العنف كما لا يمكن تبريرها، مؤكدة أن خيار إعلان حالة الطوارئ لاستعادة الأمن هو ضمن الخيارات المطروحة.
وتفقدت بورن برفقة وزير الداخلية جيرالد دارمانان مركز شرطة إيفري كور-كورون بضاحية باريس الجنوبية، والذي تعرض للهجوم خلال الليل، كما اجتمعت صباح اليوم بوزراء في مقر الحكومة لتقييم الوضع.
قلق أممي
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن نحو 250 شرطيا أصيبوا خلال مواجهات الليلة الماضية مع محتجين، كما أفادت باعتقال 875 شخصا على الأقل في باريس ومدن أخرى.
وفرضت 4 مدن في منطقة "إيل دو فرانس" حظر التجول الليلي بعد أن شهدت باريس وضواحيها ومدن أخرى أعمال نهب وتخريب لليلة الثالثة على التوالي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني قوله إن مذكرة استخباراتية تحذر من احتمال اتساع رقعة العنف، وأن تزيد الأعمال التي تستهدف الشرطة ورموز الدولة والسلطة.
من جهته، قال الوزير المفوض للمدينة والإسكان في فرنسا أوليفييه كلين إن الليلة الماضية كانت صعبة للغاية، داعيا للهدوء، مضيفا أن العنف الحاصل غير مبرر.
وفي سياق مواز، أبدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلقه إزاء مقتل الشاب نائل على يد الشرطة الفرنسية.
وقالت المتحدثة باسم المكتب رافينا شامداساني إنها فرصة لفرنسا لتعالج بجدية المشكلات العميقة المتعلقة بالعنصرية والتمييز العنصري في إنفاذ القانون.
وشددت المتحدثة أيضا على أهمية أن تكون التجمعات سلمية، ودعت السلطات إلى ضمان أن يكون استخدام الشرطة للقوة وفقا لمبادئ الشرعية والضرورة.
تفاصيل مقتل نائل
نشرت صحف فرنسية تفاصيل لحظة توقيف الطفل نائل، ثم مقتله، على يد الشرطة الفرنسية، صباح الثلاثاء، وهو ما أدى لاحتجاجات كبيرة في فرنسا.
وأثارت وفاة نائل البالغ من العمر 17 عاما أثناء فحص مروري الثلاثاء في ضاحية نانتير بباريس قلقا على مستوى البلاد ورسائل سخط وتعازي واسعة النطاق.
وكشفت صحف فرنسية تفاصيل الواقعة، وسبب إيقاف الشرطة للشاب، ثم تفاقم الموقف، لحظة بلحظة.
سيارة مرسيدس
صباح الثلاثاء، كان نائل يقود سيارة من نوع مرسيدس صفراء اللون، كان قد استأجرها، دون أن يملك رخصة قيادة.
سيارة المرسيدس كانت مسجلة في بولندا، وفقا لتقرير الشرطة، ولم يعرف حتى الآن كيف استطاع استئجارها دون رخصة قيادة.
ماذا نعرف عن مسار الأحداث؟
استجوبت المفتشية العامة للشرطة الوطنية عدة شهود، كما لا تزال تستجوب المسؤول عن إطلاق النار فلوريان م. (38 عاما) الذي احتجز يوم الثلاثاء وتم تمديد حجزه على أن يستمر ذلك ليلة إضافية "بهدف فتح تحقيق قضائي"، وفقا لنيابة نانتير.
أما ما تأكد للصحيفة في هذه المسألة على وجه اليقين فهو أن مكالمة بلغت مركز الشرطة تخبر برفض أحد الأشخاص امتثال أوامر ضابط للشرطة، وبعدها بـ3 دقائق ورد الحديث عن إطلاق نار من قبل شرطي أدى إلى إصابة بفتحتين على جسم الضحية في الصدر والرئة، وبعد ذلك بأقل من ساعة تم تسجيل وفاة الشاب الذي أصيب بتلك الرصاصة وذلك رغم الإسعافات الأولية في مكان الحادث.
وقد ارتطمت السيارة التي كان يقودها الضحية بعمود وتوقفت، وكان على متنها شخصان آخران غير السائق، أحدهما صغير قدم شهادته وأعيد إلى منزله، أما الثاني فقد فرّ، وقد أظهر مقطع فيديو بثه مشاهد بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي بوضوح الشرطي على الجانب الأيسر من السيارة وهو يطلق رصاصة واحدة على السائق من مسافة قريبة، أما ما قبل ذلك فلم يصوره المشاهد، ولكن محافظ الشرطة لوران نونيز تحدث عن رفض لامتثال الأوامر وعن تفتيش وقع خلاله إطلاق النار.
ماذا قال مطلق النار؟
وفي تصريحاته الأولى، ادّعى الشرطي أنه وقف أمام سيارة مرسيدس صفراء كان يقودها نائل لمنعها من التقدم، وأن الشاب حاول الفرار مندفعا نحوه، وأوضح بعد ذلك أنه أطلق النار لأن الشاب هدد حياته، وادعى أنه تصرف دفاعا عن النفس، غير أن تصريحاته بدت متعارضة مع الصور.
وقالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن إن "الصور تشير إلى أن الإطار القانوني للتدخل لم يتم احترامه"، كما لاحظ محققو الشرطة أن رواية الشرطي لا تتطابق مع الشهادات المختلفة التي أدلى بها الأشخاص الذين كانوا في مكان الحادث.
وفضلا عن ذلك، أشار محامي عائلة الضحية ياسين بوزرو إلى ضرورة التنبه لجملة وردت في مقطع الفيديو، نطق بها الشرطي الذي قال "سوف تصاب برصاصة في رأسك"، كما بدا أن زميل الشرطي قدم رواية مختلفة عن رواية زميله.
من هو نائل؟
نائل هو شاب جزائري الأصل، يبلغ من العمر 17 عاما، ويعمل في وظيفة توصيل وجبات "البيتزا".
وفقا لموقع "لا فو دو نورد"، أكد محاميه أنه كان محبوبا في الحي الذي يقطنه مع والدته.
وقالت والدة الطفل في فيديو: "صباح الثلاثاء، أعطاني قبلة، وقال لي إنني أحبك، ثم خرج"، مضيفة: "بعد ساعة من خروجه، وصلني خبر إنه قتل على يد الشرطة".
أما مدربه في فريق الرغبي الذي يلعب به نائل، فأكد إنه شخص ناجح اجتماعيا، وكان عازما على تغيير مسار حياته والخروج من الفقر.
وأكد مدربه إنه لم يتاجر بالمخدرات ولم يقم بالسرقات، مثل الكثيرين من ضاحيته.
(الجزيرة + سكاي نيوز)