فرنسا تشهد مراسم تشييع نائل بعد ليلة رابعة من أعمال الشغب

انطلقت السبت مراسم تشييع الشاب البالغ 17 عاما الذي قتل برصاص شرطي فرنسي، بعد تواصل أعمال الشغب لليلة الرابعة على التوالي مع أعمال نهب ومواجهات في أرجاء فرنسا تخللها توقيف أكثر من ألف شخص.

وأصيب الفتى نائل برصاصة قاتلة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة في أثناء عملية تدقيق مروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عاما تهمة القتل العمد.

وبدأت السبت مراسم تشييع نائل في ضاحية نانتير غرب باريس حيث قضى الثلاثاء. وقالت سيدة تشارك في المراسم لوكالة فرانس برس "لترقد روحه بسلام وتتحقق العدالة. أتيت لمساندة والدته، كان وحيدها".

وأكد محامو العائلة أن السبت سيكون "يوم صلاة" لعائلة نائل، طالبين من وسائل الإعلام عدم حضور المراسم "احتراما لخصوصية العائلات الثكلى".

ونشرت فرنسا 45 ألف شرطي ودركي مدعومين بآليات مدرعة لضبط أعمال الشغب التي اندلعت إثر مقتل الشاب وتواصلت في الكثير من الأحياء الشعبية في البلاد ليل الجمعة السبت مع "تراجع حدتها" بحسب وزارة الداخلية.

إلا أن الحصيلة تبقى مرتفعة. وأوقفت الشرطة 1311 شخصا، بارتفاع ملحوظ عن عدد الذين تم توقيفهم في الليلة السابقة وبلغ 875 شخصا.

وأوضحت الوزارة إن "79 شرطيا ودركيا أصيبوا بجروح".

وأضاف المصدر نفسه أن النيران أضرمت في حوالي 1350 سيارة فيما تعرّض 234 مبنى للحرق أو التخريب وأحصي 2560 حريقا على الطرقات العامة.

وأحصت الوزارة 31 هجوما على مراكز للشرطة و16 على مراكز للشرطة البلدية و11 على ثكنات للدرك.

وعرفت مرسيليا ثاني مدن البلاد ليلة مضطربة ما دفع وزير الداخلية جيرالد دارماران إلى إرسال تعزيزات إليها. وكانت الشرطة أعلنت توقيف 88 شخصا في المدينة قرابة الساعة الثانية فجرا (منتصف الليل ت.غ) في صفوف مجموعات من الشباب غالبا ما يكونون مقنعين و"يتحركون بسرعة".

شباب ملثمون

في مدينتي ليون وغرونوبل في وسط شرق البلاد، جرت مواجهات حتى ساعة متقدمة من الليل بين مجموعات من الشباب الملثمين في غالب الأحيان يتنقلون مهرولين أو على دراجات ويطلقون المقذوفات باتجاه عناصر الشرطة الذين كانوا يردون بإطلاق الغاز المسيل للدموع. في إحدى ضواحي ليون أطلق أحد المشاغبين النار من بندقية باتجاه عناصر من الشرطة على ما أفادت وزارة الداخلية.

وصباح السبت، قام التجار بإحصاء أضرار أعمال الشغب الليلية، ومنها في ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية.

وقالت مالكة متجر للملابس الداخلية النسائية في شارع وسط المدينة غطى أرضه حطام واجهات المحال، إنها ستقوم الاثنين "بعرض كل شيء للبيع، كفى".

وقال مالك فندق صغير "يجب أن نرحل، هذا كل ما تبقى علينا أن نفعل".

ولم تسلم منطقة باريس من أعمال الشغب، وقررت ثلاث مدن قريبة من العاصمة الفرنسية فرض حظر التجول على غرار مدن أخرى في المناطق الداخلية.

وكان وزير الداخلية أعلن نشر "المزيد من الوحدات المتخصصة" مثل RAID وGIGN للتدخل السريع من الشرطة والدرك فضلا عن إرسال مدرعات خفيفة من سلاح الدرك.

وقال لاعبو منتخب فرنسا لكرة القدم في بيان نقله قائدهم كيليان مبابي إن "زمن العنف يجب أن يكف ليحل مكانه زمن الحداد والحوار وإعادة البناء".

"حس المسؤولية"

وكانت الحكومة قررت إلغاء كل "الأحداث الكبيرة" مثل حفلتي المغنية ميلين فارمر يومي الجمعة والسبت في ملعب فرنسا وأمرت بوقف حركة الحافلات والترامواي في كل أرجاء البلاد بعد التاسعة مساء (الساعة 19:00 ت غ).

وأثار مقتل نائل م. المتحدر من أصول جزائرية، الجدل من جديد بشأن عنف الشرطة والعنصرية في فرنسا حيث قتل 13 شخصا في عام 2022 بعد رفضهم الامتثال لأوامر الشرطة.

وخلال مؤتمر صحفي روتيني في جنيف الجمعة حضت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فرنسا على "معالجة جدية لمشاكل العنصرية والتمييز العنصري المتجذرة في صفوف قوات الأمن".

إلا أن وزارة الخارجية الفرنسية ردّت على الفور معتبرة أن "لا أساس" لهذا الاتهام.

ويطرح جزء من الأوساط السياسية مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج خصوصا وأن فرنسا تستضيف في الخريف كأس العالم للركبي ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 2024.

ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع التجول، وسبق أن فُرضت في تشرين الثاني 2005 بعد أعمال شغب استمرت لعشرة أيام في الضواحي عقب مقتل مراهقَين صعقا في محول كهربائي احتميا فيه هربا من مطاردة الشرطة لهما.

أصيب نائل برصاصة في الصدر أطلقها شرطي عن مسافة قريبة عندما كان عنصران يحاولان وقف سيارته بعدما رفض الامتثال على ما تفيد السلطات.

ووجهت إلى الشرطي الدراج البالغ 38 عاما الخميس تهمة القتل العمد ووضع في الحبس.

أ ف ب