العاملات بقطاع رعاية الأطفال يفتقرن لمعايير العمل اللائق



تتعرض العديد من النساء العاملات في حضانات الأطفال "رعاية الأطفال" اللاتي لا يجاوز عددهن 2778 عاملة، إلى انتهاكات عمّالية واسعة؛ فالأجور دون الحد الأدنى المقرر، والإجازات تخصم من حسابهن، ولا يحصلن على الحمايات الاجتماعية وبخاصة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.

ويخلو عمل الكثير من هؤلاء العاملات من بعض معايير العمل اللائق، التي تدعو منظمة العمل الدولية إلى تطبيقها، ويطالب المرصد العمّالي الأردني بشكل مستمر بتطبيقها، مثل بيئة عمل لائقة وآمنة وأجور كافية وظروف عمل مستقرة وآمنة، وتوفير الحمايات الاجتماعية.

تؤكد عاملات في رعاية الأطفال أنهن لا يحصلن على الحد الأدنى للأجور المقرر والبالغ 260 ديناراً شهرياً، ولا يتمتعن بأي نوع من الإجازات وفي حال احتجن للعطلة تخصم من رواتبهن، إلى جانب عدم شمولهن بالحمايات الاجتماعية.

 

أجر متذبذب والإجازات بخمسة دنانير

تعمل (أ. ع) معلمة في إحدى الحضانات الخاصة بمحافظة إربد منذ 19 عاماً، ولا تحصل على الحد الأدنى للأجور المقرر، ويعتمد الأجر المحصّل على عدد الأطفال الذين يأتون إلى الحضانة.

وتقول إنها في أيام الدوام المعتادة، "أحصل على 160 ديناراً شهرياً، لكن في عطلة المعلمات، يقل عدد الأطفال ويقل معه الأجر".

وتوضح أن ساعات الدوام تبدأ قبل دوام المعلمات وتنتهي بعد انتهاء دوامهن، وطوال ساعات الدوام تبقى حذرة في التعامل مع الأطفال، "هذه مسؤولية وحتى أكسب ثقتهم ومحبتهم أعاملهم كما كنت أعامل ابني في صغره، وأعترف أن العمل صعب، وبخاصة التعامل مع بعض أولياء الأمور لكنني خرّجت أجيالاً".

ولا تحصل (أ. ع) على أي نوع من الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ولا حتى إجازاتها المستحقة كعاملة، "في اليوم الذي أعطّل فيه أدفع خمسة دنانير لعاملة أخرى تغطي عني".

وتبيّن بأن الكثير من النساء العاملات يأتين للعمل في الحضانة، وفي أول يوم يجدن صعوبة، "كن يفكرن أن الموضوع سهل، وكثير منهن يداومن يوماً واحداً فقط ولا يرجعن مرة أخرى إلى الحضانة".

وتشير إلى أن الحضانة التي تعمل بها خاصة، وتأتي لجنة من وزارة التنمية الاجتماعية بشكل مستمر للتفتيش على الحضانة والملفات، وتطلب من العاملات شهادتي خلو أمراض وعدم محكومية، ولا تسأل عن أوضاعهن وعما يتعرضن له من انتهاكات.

الأطفال سبب استمرارها بالعمل

أما (ه. م) فتعمل منذ 14 عاماً مربية في حضانة تتبع لأحد المستشفيات الحكومية، تقول إنها تحب التعامل مع الأطفال "وهو ما يدفعني إلى الاستمرار في العمل، ورغم أنني لست متزوجة، فإنني أعاملهم كأنهم أطفالي، والمربيات الأخريات الحالة ذاتها".

وهي لا تحصل على راتب ثابت، ويعتمد الراتب على عدد أطفال النساء العاملات في المستشفى الذين يأتون خلال الشهر الواحد، ويتوزع مجموع ما يجري تحصيله على المربيات، "في أفضل الحالات لا يجاوز الراتب 240 ديناراً شهرياً، ويخلو عملي من التأمين الصحي والضمان الاجتماعي".

وتوضح (ه. م) أنها مسؤولة عن تربية الأطفال من عمر 70 يوما لغاية عام، "في الغرفة التي أعمل بها لا يجاوز عدد الأطفال السبعة، وأنا مسؤولة عن أي شيء يحدث للأطفال خلال ساعات عملي الممتدة من السابعة صباحاً وحتى الثالثة مساءً، وأي إهمال أتعرض للمساءلة من قبل المفتشين التابعين لوزارة التنمية الاجتماعية".

وتستدرك بأنه لا يوجد أي جهة حكومية تلجأ إليها وتساعدها في نقل التحديات التي تواجهها والمربيات الأخريات، "أنا لست مشمولة بشيء وعملي غير ثابت، وإذا فكرت بأي لحظة بترك العمل لا أجد أي ضمانة أو دخل آخر لتغطية مصاريفي".

317 شكوى لوزارة العمل

بينما توضح وزارة العمل أن عدد الشكاوى التي وردت للوزارة خلال الربع الأول من هذا العام بلغت 317 شكوى، وهي من العاملات بالحضانات التي تقدم الرعاية لقطاع التعليم.

وتشير الوزارة إلى أن مديرية التفتيش التابعة لها تستقبل الشكاوى الواردة من النساء العاملات في الحضانات عن طريق منصة "حماية"، وتتخذ الإجراءات اللازمة وفقاً لأحكام قانون العمل الأردني وأوامر الدفاع حتى السابع من أيار الماضي.

ولم توضح الوزارة طبيعة الشكاوى ونوعية المخالفات التي وردت إليها، واكتفت بالقول إنه جرى ضبط 68 مخالفة لحضانات تابعة للقطاع التعليمي.

40 شكوى لوزارة التنمية الاجتماعية

من جهته يقول الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية أشرف خريس، إن عدد الحضانات المسؤولة عنها الوزارة 1100 حضانة بين خاصة ومؤسسية ومنزلية.

ويوضح أن عدد الشكاوى الواردة للوزارة منذ بداية العام 40 شكوى خطية ومن خلال الهاتف وجرى متابعتها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، "بلغ عدد المخالفات التي تم التعامل معها 50 مخالفة".

ويشير إلى أن المخالفات تراوحت بين التأخير في ترخيص الحضانات، وزيادة عدد الأطفال فوق الطاقة الاستيعابية للحضانة، وعدم الاهتمام بالنظافة، وعدم تناسب عدد المربيات وعدد الأطفال في الحضانة، "تم توجيه عقوبات وانذارات للحضانات المخالفة، بعضها جرى تصويب أوضاعها وبعضها أغلقت".

ويبيّن بأن مسؤولية الوزارة الإشراف على مدى التزام الحضانة بالتعليمات والأنظمة الصادرة عن الوزارة، ومتابعة عمل الحضانات من خلال الزيارات الرقابية الدورية من قبل المديريات والمراكز التابعة للوزارة.

ويذهب إلى أن الوزارة تعمل على تمكين مقدمات الرعاية وفقاً للممارسات الفضلى للرعاية بالتعاون مع جهات شريكة وداعمة لبرامج الطفولة المبكرة في الأردن، ذلك بتدريب مقدمات الرعاية في مجال المعايير النمائية للأطفال ودمج الأطفال ذوي الإعاقة، ومجال الإسعافات الأولية.

محاولات دعم.. والاستثمار الحكومي قليل

من جهتها، تقول أخصائية النوع الاجتماعي في منظمة العمل الدولية ومسؤولة برامج منظمة العمل الدولية في الأردن للعمل اللائق ريم أصلان، إن العمل الدولية تقوم بطريقة ممنهجة وبالتعاون مع عدد من الجهات -مؤسسة الضمان الاجتماعي ووزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسة صداقة- في دعم قطاع الرعاية.

وتوضح أصلان أنه بموجب المادة 42 المعدلة من قانون الضمان الاجتماعي عام 2022، جرى شمول النساء العاملات في هذا القطاع بالحمايات الاجتماعية، ونقلهن من القطاع غير المنظم إلى القطاع المنظم، "من أهم أعمال منظمة العمل، هو وضع الإطار الوطني للحضانات في الأردن من خلال عقد جلسات حوار اجتماعي، جمعت أطراف الإنتاج الثلاثة والجهات المعنية".

وتلاحظ أصلان أن الاستثمار الحكومي بالقطاع قليل، في المقابل تقوم مؤسسة الضمان الاجتماعي بالاستثمار في هذا القطاع بشكل جيّد.

وتشير أصلان إلى أن الاستثمار في رعاية الأطفال سيعمل على الحد من أوجه عدم المساواة، وخلق وظائف رعاية لائقة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ودعم المخرجات التنموية والتعليمية المتصلة بالأطفال في المنطقة.

المسميات الوظيفية لقطاع الرعاية

يشمل نطاق عمل مقدمة الرعاية للأطفال، العمل في قطاع رعاية الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة (70 يوما إلى 4 سنوات و8 أشهر) في مختلف مؤسسات رعاية الأطفال أكانت حضانات مؤسسية أو خاصة أو منزلية، كما يشمل رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في الحالات الممكنة، وفق ملف مهني صادر عن مؤسسة صداقة - نحو بيئة عمل صديقة للمرأة بعنوان "مقدمة الرعاية للأطفال".

ويشير الملف إلى أن هذا النوع من الأعمال ينطبق على كل من المسميات الوظيفية (مقدمة الرعاية، معلمة في الحضانة، حاضنة أطفال، مربية)، وقد تختلف المسميات الوظيفية لنفس المهنة حسب الهياكل التنظيمية، ومنهجيات التسمية المختلفة المتبعة في الشركات والمصانع والمؤسسات المختلفة العاملة في القطاع.


(المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني)