الاردني والعيش على صفيحٍ إقتصاديٍ وماليٍ مُلتهب



الثابت في الاردن اليوم أمران: الاول وجود أزمة اقتصادية طاحنة، وهي تتفاقم يوما بعد يوم، ومعاناة الناس تتزايد ولم تعد تحتمل ، والثاني فشل الحكومات في إيجاد الحلول أو إيجاد السبل للتخفيف من هذه المعاناة التي تم ترحيلها منذ سنوات وعبر كل الحكومات المتعاقبة الى أن وصلنا الى ما نحن عليه الآن.

فالبلاد التي تعيش على فالق ساخن من الغضب نتيجة للسياسات المتعاقبة، التي قامت بها الحكومات وأجهزتها ومؤسساتها تجاه الوطن والمواطن ، تحتاج الى من يعلق الجرس بإتجاه دراسة الوضع الداخلي من منظور ما أرتكب من قبل المنظومة المتحكمة بالقرارات على مدى عقود متعاقبة وبعض النافذين المقربين من صناعة القرار وتحالفهم مع رجال الأعمال فاحشي الثراء ، وأثر ذلك على الازمة في البلاد وعلى تشويه صورة النظام ،هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى أن لا يقوم من يعلق الجرس بإلقاء كل ما نعانيه من أزمات على المشهد السياسي الاقليمي أو الدولي، مطالباً المواطن إنتظارالترتيبات الجديدة أو الحلول والتشكلات الناجمة عن مخاض المنطقة متعددة الازمات الطويلة.

فواقع الازمات في الاردن واضح وهو نتاج ما ارتكبته تلك المنظومة ويتمثل في :

أولاً: فشل الحكومات المتعاقبة بآليات تعيينها وإختيار الوزراء فيها، حيث ثبت أن هذه الآلية غير قادرة على إنتاج الحلول، بل تسبب الأزمات وتفاقمها ، ولا توفرالمخارج، بما يضع حدا لحالات المراوحة القاتلة، التي أودت بسنوات من عمرالوطن والمواطن ، وجعلته ضحية اللامبالات والإستهتار وعدم المسؤولية التي إنتهجها غالبية من الوزراء المتعاقبين ما أدى الى ترحيل الازمات من عام الى اخر.

ثانياً: فشل المسار الاقتصادي والمالي، حيث لم تستطع الحكومات المتعاقبة من إيجاد روافد للخزينة الا بالاعتماد على جيب المواطن عبر الضرائب والرسوم المختلفة، في الوقت نفسه اطلقت العنان للاقتراض الخارجي ما جعل الاردن رهينة لسياسات المجموعات المالية الخارجية،كما اطلقت يد التجار للتحكم بالاسعار وفق ما يقررون ودون مراعاة لاحوال الناس، بل إن غياب الخطط التي تدعم الصناعات المحلية وتخفف من الاستيراد كانت السمة الاشد بروزاً خلال السنوات العشرين الماضية ، ما أدى الى تدمير الصناعات المتوسطة والصغيرة كصناعة الجلود والاحذية والملابس والملابس النسيجية الصوفية ، إضافة الى تدمير الصناعات المتوسطة المعتمدة على الزراعة.... وغيرها، كما لم يتم وضع خطط أو تنفيذها ان وجدت تنقل البلاد من نمط الريع، إلى عهد الانتاج.

ثالثاً: الفشل في تعزيز الانتماء الوطني وتكريس المساواة بين المواطنين ، أفراداً وجماعات…بل على العكس وجدنا ان تنامي التمسك بالهويات الفرعية هو الحالة الطاغية على علاقات الناس ، ما أدى وسيؤدي ان إستمر الحال الى تفاقم الازمة الاجتماعية بما فيها تصاعد موجات العنف المجتمعي ، حيث يرى المراقب حجم إضمحلال الروح الوطنية خلال العقود الماضية!.

واذ يدرك المخلصون أن المعركة الدائرة اليوم بصمت هي بين من يريد دولة قابلة للحياة وأخرى تموت ببطء، دولة يقول عنها كل اردني وطني شريف لن نتركها تموت، مهما كانت ذرائع وحجج المتربصين بنا، سواء كانوا من أصحاب أجندات رهن الوطن للصناديق والبنوك الدولية ، أو حتى دول سعت أو تسعى لجعلنا أسرى صناديق من الاحتباس المالي والاقتصادي وحتى السياسي ، فإن المطلوب منا جميعا الاستمرار في مواجهة المشاريع المشبوهة التي أدت الى إفقارنا من خلال أدواتها المتمثلة "بالتحالف الضار بين رجال الأعمال فاحشي الثراء والنخب المتنفذة ومشاريع الغرب بما تمثل من محاولة للهيمنة على قرارنا السياسي ”، حيث كان نتاج هذا الحلف الجهنمي بأن ما يقارب من ثلاثة أرباع أبناء الاردن الذين كانوا ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، أصبحوا يعانون الآن الفقر في خضم أزمة اقتصادية ناجمة عن تراكم الفساد وسوء الإدارة طوال عقود.

إن المطلوب الآن وليس غداً، خطة إنقاذ اقتصادية تنفذ فوراً تشرف عليها هيئة طوارئ إقتصادية،، مترافقة مع خطة الاصلاح الاقتصادي طويلة الأمد التي تعمل عليها الحكومة، حيث لا يمكن أن ينتظرالمواطن عشرات السنوات، فهو ليس لديه ترف الوقت والدولة كذلك ، كما ان الوضع يحتاج الى رجال دولة ينظرون الى وطنهم القوي بقوة أهله وكرامته ، لا بعض المسؤولين من المتسكعين الى حد الارتزاق عند بعض الدول والجهات الخارجية.. 

يتبع..