مستشفى البشير ... حكاية المراوح!
لم تسعفني اللغة، لإيجاد الكلمات المناسبة لاختيار عنوان، للحديث عن مأساة مستشفى البشير، اكبر مستشفيات وزارة الصحة، لا بل المملكة، واقدمها، واقدرها على خدمة مرضاه، والمحولين اليه للعلاج منلامستشفيات الوزارة، وغيرها من المستشفيات.
واسم مستشفى البشير لوحده حكاية، في مسيرة تطور القطاع الصحي في المملكة، وقد حظي على الدوام برعاية ملكية سامية، وزاره جلالة الملك اكثر من مرة، وفي عديد منها متخفيا، للوقوف على أحواله ومستوى الخدمة التي يقدمها للمواطنين، ومدى رضاهم.
وشهد مستشفى البشير، على مدى السنوات الماضية، سلسلة من مشاريع التوسعة، فضلا عن الصيانة وإعادة التأهيل، وعمليات التطوير والتحديث، والى وقت قريب، كنت اعتقد انه في وضع افضل، إلى أن استمعت الى تسجيلات اذاعية مبثوثة، هزت كياني.
والحكاية، أن مواطنا اتصل مع احدى الاذاعات، يشكو عدم توفر المراوح في غرف المرضى بالمستشفى ، في ظل ارتفاع درجات الحرارة ، إلى حد غير مسبوق . والغريب المريب ، غياب الوزارة عن التوضيح ، أو الهبة لمعالجة الأمر، وتلبية احتياجات المستشفى من سبل التكييف ، ولو بالحد الأدنى، بتوفير المراوح ، كحل عاجل ، لاسيما انه من المعروف حجم معاناة المرضى وعدم قدرتهم عل تحمل درجات الحرارة المرتفعة جدا .
وفي غياب الوزارة ، هب مواطن نبيل ، للاتصال مع المذيع ، على الحالك ، وتبرع براتب شهر كامل ، لصالح مستشفى البشير ، لشراء مراوح .
نعم ، "اشي يدمي القلب ، وصول البلد لهاي الحالة " هكذا بمنتهى البساطة ، عبر على الهواء مباشرة ،ذاك المتقاعد ، الذي آثر الوقوف إلى جانب المرضى ، على حساب قوت عياله ، وعندما سأله المذيع ، طيب وعيالك ، اجابه "الله ما بقطع حدا " ، واتبع ذلك بأدعيه ، لن اكررها ، لكنها تنطوي على قهر وغيض ،حاول المتبرع كظمه ، ولم يفلح .
وأسأل، في هذا المقام ، طيب اين الوزارة ؟ كالعادة غائبة ، وحضر احد مسؤولي المستشفى ، وكم اشفقت عليه ، إذ وضع في الزاوية الحرجة ، وكان التلعثم والتردد والخوف سيد الموقف في حديثه ، حول الواقعة ، وما ادراك ما الواقعة .
على اي حال ، فقد نجح في التعبير عن الموقف ، بصدق وعفوية وبساطة متناهية ، ولست متأكدا من دقة ما اورده من أن الوزارة زودت المستشفى بمراوح ، فقد كان مترددا وخائفا ، وهو يقول " طلبنا من الوزارة مراوح واللي يعملوننا اياه قدرنا نركبه بالمستشفى " ، ولن اعلق على هذه العبارة ، ففيها من العجز وقلة الحيلة ما فيها .
لكن أود ان اعلق على شهامة الادارة والموظفين ، فقد هبو لسد عجز الوزارة ، وفعل ما لم تفعله بالشكل الصحيح ، حين هبوا بجهود "ذاتيه " للتغطية على تقصير الوزارة ، بتوفير مراوح عن أرواح موتاهم "كل واحد عن روح والده أو امه " كما يقول مسؤول البشير ، وينهي "يعني شو بدي احكيلك" .
وأقول لمسؤول البشير وزملائه النشامى ، لا تحكي ، ما فعلتموه يكفي وزيادة ، ولن احكي أيضا، فالاتصال وفحواه يحكي القصة ،بلا رتوش أو تصنع وادعاء أو تكلف ، وبمنتهى الصدق والشفافية .
لكن أود ان اعيد على مسامع الحكومة ، ما قاله المواطن في بداية اتصاله ، فقد ادمى قلوبنا الحال الذي آل اليه أكبر مستشفيات المملكة ، ونسأل اذا كانت الوزارة عاجزة عن توفير ابسط احتياجات المرضى ، فعن اي إنجازات يتحدث وزير الصحة ، وهل يغدو الحديث عن انشاء مستشفيات جديدة حقيقة ، أم مجرد احلام في ليلة شديدة الحر كالتي نعانيها !.
وبعد ، هل لدى الوزارة ما تحكيه حول واقعة مراوح البشير ؟؟.