“الجرائم الالكترونية” والقنبلة النووية!
في حواراته مع شباب الجامعات، اعترف رئيس الحكومة بأنّه ألغى فكرة شطب وزارة العمل من خطّته لسبب وجود نسبة أكثر من وازنة من الأردنيين تريد الابقاء عليها، وهذا ما نحترمه من دولته، وفي القياس نفسه نتمنى على الدوار الرابع أن يسحب من العبدلي ما يسمّى "قانون الجرائم الالكترونية”…
ليس هناك من أحد، في المجتمع الأردني، مَن لا يُعارض هذا القانون، وبالعكس فليس هناك من يجرؤ على أن يؤيد مادة واحدة من بنوده القاتمة القاسية، وحتّى أنّ أكثر المروّجين له لا يتحدّثون سوى قولهم إنّ التشهير قبيح، وإنّ هناك متضررين منه، وهذه حقائق لا نعارضها، ولكنّ إلقاء قنبلة نووية على من نشر أو شارك بالنشر، فهو أمر يعني القتل الجماعي، وهذه هي الجريمة بعينها…
كلمة "جريمة” ليست سهلة، وبالتأكيد فلها توصيفاتها القانونية، وكلمة "الكترونية” صعبة لأنّ أحداً لا يمكن توصيفها لأنّ ذلك العالم الجديد أكبر من أن تملكه حكومة، ولا مجلس نواب ولا حتّى العلم والعلماء، وليس سراً أنّ الجيل السادس لا يعلم عنه أحد الآن، فهو في مجهول، فما بالكم بالسابع، إذا أتى ونحن هنا؟
وهكذا، فنحن نُصغّر أنفسنا حين نلقي بتلك القنبلة النووية في وجه شاب يافع انتقد مسؤولاً، أو حتى أخذه نزقه إلى اقتراف خطأ أو حتى خطيئة، بكلمة أو صورة أو شارك بهذه أو تلك، أو أنّ معارضاً للحكومة قال رأيه الصريح في ما يراه خطأ فصار مجرماً…
دولة الرئيس كان جريئاً حين أوقف الغاء وزارة العمل، لسبب الرأي العام، ونظنّه سيكون أجراً وأعدل حين يسحب هذا القانون المسيئ لصورة الاردن والاردنيين من مجلس النواب، ويعيد دراسته أكثر فأكثر، أمّا إذا لم يحصل ذلك فعلى مجلس النواب أن يرفضه، وإذا لم يحصل ذلك، ففي تقديرنا أن بلادنا ستعود عشرات السنوات إلى الوراء، وللحديث بقية!