لماذا غاب الاعلام عن تغطية الموقف الشعبي من مشروع #قانون_الجرائم_الالكترونية؟
الصحافة ليست مسلسلا مكسيكيا يمكننا ان نشاهد بعض حلقاته ونقفز عن البقية ، ليست كتابا نقرأ بعض فقراته و نهمل باقي النصوص ، نجتزء ما نشاء و ننتقي ما نريد دون مراعاة الصورة الكاملة او الحقيقة بكل تجلياتها ، فأما ان نحيط بكل ابعاد التغطية والخبر ونراعي جميع المبادئ او اننا لا نشتغل صحافة . هذه قاعدة يعرفها كل عامل في وسائل اعلامنا الاردنية .
ورغم معرفة بعض الزملاء بادبيات المهنة وشرفها وميثاقها الغليظ ، الا انهم يقبلون المشاركة في تزييف الوعي وتضليل الرأي العام ، فتجتزأ التغطيات و يغيب التوازن و تهمل الحقائق ووجهات النظر وردود الفعل .
لماذا اختارت قنوات تلفزة محلية و اذاعات و صحف يومية ان تنحاز للرواية الرسمية ، لحكومةٍ مستبدة وضعت تشريعا سيأتي على ما تبقى من حريات ، وسيضرب الاعلام في مقتل ، و سيضعفه و يعزله و يمنعه من التواصل مع الناس و التعرف على مواقفهم وانطباعاتهم و ردود فعلهم ؟
كيف انحازوا ضد مصلحتهم و مصلحة مؤسساتهم ، وتنازلوا عن واحد من اهم مصادر قوتهم وحضورهم وانتشارهم وتأثيرهم وهو السوشال ميديا ؟!! امر في غاية الغرابة و يتعارض مع طبيعة الاشياء ..
المواقع الاخبارية الالكترونية كان بعضها يعمل بمنتهى المهنية ، لا ننكر ان بعضها الاخر غاب عن المشهد جزئيا ، الا انهم جميعا ، حرصوا على شمولية التغطية وتوازنها واهتمامها بالرأي والرأي الاخر ، وهذا يعكس حقيقة ان المواقع الالكترونية تعتمد تماما على الانطباعات التي تتركها عند الناس ، وتدرك ان هذه الانطباعات التي تتشكل تؤثر تأثيرا بالغا على وجودها واستمرارها ، وهذا فهم عميق ودقيق ، فوسائل الاعلام اذا ما فقدت مصداقيتها فان ذلك يعني انها قد خسرت كل شئ ..
مشروع قانون الجرائم الاكترونية اذا ما اقر بهذه الصيغة بشكل نهائي بعد مروره بكل مراحله الدستورية ، فسيذكر الناس كل من شاركوا بهذه المجزرة التشريعية ، لن ينسى الاردنيون ما حدث ، فكل عملية تغريم و توقيف قادمة ، كل حالة تضييق على الحرية ، ستُذكر الناس بحكومة بشر الخصاونة الذي دافع عن القانون بكل ما اوتي من قوة، ستُذكر الناس بمجلس النواب التاسع عشر و كيف انه سلق مناقشات هذا التشريع العرفي بخمس ساعات فقط ، سيتذكر الناس جيدا الاعلام الرسمي وشبه الرسمي الذي شارك في تمرير هذا التشريع الكارثي الذي سيكمم الافواه ويقيد الحريات .
ما زال هناك ثمة فرصة لاستنهاض الضمير المهني للزملاء العاملين في مؤسساتنا الوطنية قبل فوات الاوان و وقوعنا في المحذور ..
اما عن موقف نقابة الصحفيين ، فلم يكن بالمستوى المطلوب ابدا ، فلقد كان بامكانهم ان يحدثوا فرقا كبيرا ، و لكنهم اختاروا الحلول السهلة التي لم تغير شيئا على الاطلاق .
اذا مر هذا القانون فلا يسعنا ان نقول الا "عظم الله اجركم بالحريات " ، ولا عزاء للعاملين في مهنة الصحافة …